رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتاوى أسامة الأزهرى.. عن الحياة والحب والرحمة فى الإسلام

أسامة الأزهرى
أسامة الأزهرى

خلال رحلته فى عالم منصات التواصل الاجتماعى، جمع الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، عشرات من مقاطع الفيديو النادرة، التى تحمل معانى الإنسانية والحكمة. من هذا المنطلق، بدأ «الأزهرى» فى تجميع مقاطع الفيديو التى تحمل قيمًا جمالية وإنسانية، وأثرت فيه على مدى السنين، ثم قرر مشاركتها مع الجمهور، من خلال برنامجه الذى قدمه على مدار شهر رمضان المنقضى، وحمل عنوان: «ومن الحب حياة». وحسب مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، فإن هدفه أن يكون البرنامج ملاذًا للقلوب، ومصدر إلهام للأرواح، مع السعى إلى تعزيز القيم الأخلاقية والمعانى النبيلة، من خلال تقديم محتوى يلامس القلوب ويثرى الوجدان. «الدستور» تستعرض فى السطور التالية أبرز ما قدمه «الأزهرى» فى برنامج «ومن الحب حياة».

الإتقان والنظام مبادئ أساسية فى الكون، والله- عز وجل- أسس الكون على هذه المبادئ، مصداقًا لقوله تعالى: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَان». و«بُحسبان» هذه تدل على الدقة والتنظيم الشديدين اللذين يحكمان حركة الأجرام السماوية عبر مليارات السنين.

إطعام الطعام من أعظم الأخلاق

الإتقان والنظام هما القانون الذى يحكم تكوين واستمرارية الكون، وتنظيم المواقف والمشاعر وردود الفعل هى مفتاح النجاح فى كل المجالات.

إطعام الطعام أحد أرقى مبادئ الإسلام وأكثرها نبلًا، وأثره عميق فى بناء مجتمع متكافل ومتعاطف، مصداقًا لقوله تعالى: «ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا».

عندما وصل النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة المنورة كان أول ما دعا إليه نشر السلام وإطعام الطعام والصلاة والناس نيام، وكأن هذه هى القيم الأساسية التى يقوم عليها الإسلام.

الأهداف السبعة عشر التى وضعتها الأمم المتحدة للدول الأعضاء لتحقيقها بحلول ٢٠٢٣، كان من بينها القضاء على الجوع، وهو هدف يتوافق مع القيم الإسلامية التى تحث على إطعام الطعام، باعتباره أحد أعظم الأخلاق.

استمرارية الكون محكومة بالإتقان والنظام

الإتقان والنظام مبادئ أساسية فى الكون، والله- عز وجل- أسس الكون على هذه المبادئ، مصداقًا لقوله تعالى: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَان». و«بُحسبان» هذه تدل على الدقة والتنظيم الشديدين اللذين يحكمان حركة الأجرام السماوية عبر مليارات السنين.

الإتقان ليس قانونًا كونيًا فقط، بل هو الأساس الذى يقوم عليه كل شىء فى الوجود، وينبغى رفض الفوضى والعشوائية، مصداقًا لقوله تعالى: «صنع الله الذى أتقن كل شىء»، ولقول النبى: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه».

الإتقان والنظام فى كل الأمور والأحداث، ووضع كل شىء فى مكانه الصحيح، هو الطريق إلى النجاح، وأساس الحياة الكريمة، وهما ليسا مجرد توجيهات إنسانية، بل قاعدة عامة تعمل بها كل الكائنات والأكوان.

العشوائية والفوضى لا مكان لهما فى هذا الوجود، وعلى الإنسان أن يتجنب السقوط فى هذه الأخطاء، ومن المهم وضع كل شىء فى مكانه الصحيح.

الوفاء دين على الحر واجب

الوفاء يُعد من الصفات النبيلة التى تعلى من شأن الإنسان، ويعتبر أسمى الأخلاق وأجلها، وهو دين على الحر واجب، وصاحبه يُكرم فى الأرض والسماء، وفيه يقول الله تعالى: «وإِبْرَاهِيمَ الَّذِى وَفَّى».

فى عصرنا الحالى، الذى تسوده مظاهر الغدر والقسوة، يصبح الوفاء الخلق الأرفع والأكثر شرفًا، ويصبح من المهم الإحسان حتى فى مواجهة الإساءة.

نتذكر فى ذلك سيدنا يوسف- عليه السلام- حين قابل الأذى بالعطاء والكرم، فالوفاء هو السبيل لتحقيق مجتمع يسوده الحب والتعاون.

الطفولة مرحلة مقدسة تستحق الرعاية الكاملة

الطفولة قمة الجمال والنقاء فى الحياة ومن أقدس مراحلها، والمصدر الأساسى للمحبة والعطف، وفيها يتشكل الإنسان ليصبح ناضجًا فى المستقبل.

تكاتف المجتمع بأسره، بما فى ذلك الآباء والأمهات، لتوفير الرعاية والاهتمام والتسلية للأطفال، يعتبر السبيل الرئيسى لبناء شخصية الطفل.

النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، قدم مثالًا رائعًا فى التعامل مع الأطفال، مليئًا بالدهشة والرقة، والعلماء وثقوا تعاليمه هذه فى مجلدين، وكلها اتسمت بالرأفة والعناية والمرح والتعليم والترفيه.

الرسول كان يمد السجود عندما يلعب حفيده الحسن والحسين على ظهره، وكان يحملهما ويصعد بهما المنبر أثناء خطبة الجمعة، ومن الضرورى أن نمنح الأطفال الاهتمام الكافى والمساحة للنمو والتطور.

العديد من المواقف على وسائل التواصل الاجتماعى يعكس القيم التى يحثنا عليها الدين فى التعامل مع الأطفال بلطف وحب، ما يسهم فى تحقيق السعادة والمتعة لهم.

الشريعة والأديان السماوية تؤكد أهمية التعامل مع الأطفال بمنظور الحب والرأفة، وتعزيز تجربة الطفولة.

احترام الطريق هدى نبوى

السلوك الحضارى على الطرقات مهم للغاية، ورغم أن الالتزام بقواعده مستغربًا الآن، يجب أن يكون النظام وتجنب الفوضى هما السائدَين.

يتعين علينا احترام الطريق ومنحه حقه، مصداقًا لحديث النبى- صلى الله عليه وسلم- الذى حذر من الجلوس فى الطرقات.

فى إحدى المرات، حاولت ركن سيارتى فى مكان غير مخصص، وبعد اعتذارى، وفروا لى مكانًا آخر، فالأخلاق الحسنة تفتح الأبواب وتيسر الأمور.

الشيخ أبوإسحاق الشيرازى أفسح المجال لكلب كى يعبر الطريق بأمان. الرحمة والحب فى القلوب يجعلان الحياة أكثر أمانًا وسلامًا.

الإيمان بالخير يفتح أبواب الرزق 

الشخص الذى يعتاد على رؤية الحياة بـ«سوداوية»، ويتوقع الإساءة فى كل تفاعل، يعيش فى حالة من الحزن والتوتر المستمرين.

التجارب السلبية السابقة قد تؤثر على توقعاتنا وتصوراتنا للمستقبل، وفى ذلك يقول المصريون: «اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى».

على الناس عدم الحكم على الجميع بناءً على تجارب سيئة معينة، فالخير موجود ويجب أن نفتح قلوبنا لاستقباله، وتوقعه يفتح أبواب الرزق.

علينا التخلص من القلق والبدء بتجارب جديدة، والله سيعوض ويجبر الخاطر، فهو مدير الكون، وعطاؤه واسع.

عدم الانشغال بالآخرين يؤدى إلى النجاح 

من المهم التركيز على الأهداف الشخصية، وعدم الانشغال بالآخرين.

هناك فئة من الناس تعى حلمها وتسعى نحوه بكل جدية، دون انشغال بالآخرين، بل تتعامل معهم بأدب جم وذوق رفيع، وهى فئة تتميز بعدم التشويش، وبالتالى تحقق النجاح.

هناك فئة تُضيع وقتها فى الانشغال بالآخرين، والتركيز على ما لديهم، بدلًا من التعلم منهم، والتركيز على تطوير الذات.

من الضرورى التركيز على المواهب الشخصية، وتوجيه الطاقة نحو تنميتها، مع تجاهل القيل والقال.

الإمام ابن عطاء السكندرى يحث على التركيز فى طريق الله للوصول إلى الأهداف، دون التشتت بالأمور الزائلة.

فى القصة الشهيرة تغلبت السلحفاة البطيئة على الأرنب، بعدما انشغل الأخير بما حوله، بدلًا من التركيز على السباق.

العفو عن الزلات يقرب إلى الله

العفو والتسامح من دلائل سمو الأخلاق، والإحسان إلى الناس والصفح عن الزلات من أعظم السبل للتقرب إلى الله، بعد الوفاء بالعبادات والطاعات المفروضة.

التعامل مع الناس يتطلب التمييز بين الأخطاء غير المقصودة والأفعال المتعمدة، ومن المطلوب الكرم والتوازن، والتحلى بالأخلاق الربانية والمحمدية.

ينبغى البحث عن الأعذار للمخطئين، وتقديم الفرصة لهم للتصحيح والتعلم، وعدم الحكم عليهم بناءً على خطأ واحد. وفى المقابل، يجب التعامل مع الأشخاص الذين يصرون على الخطأ وينغمسون فى الفساد بحزم ووفقًا للقانون.

النبى محمد- صلى الله عليه وسلم- يحث على العفو عن الزلات، إلا فى حالة الحدود الشرعية، والأشخاص الذين لا يُعرفون بالمعاصى يجب أن يُعفى عنهم، إذا وقعوا فى خطأ غير مقصود.

العفو عن الزلات يعد من قيم الكرم والأخلاق العالية، ويجب على المؤمنين أن يتعاملوا مع بعضهم البعض بهذه الروح.