مصر تناقش مع أمريكا سبل تعزيز التعاون في البيئة والمناخ والتنوع البيولوجي
استقبلت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، هيرو مصطفى جارج، السفيرة الأمريكية بالقاهرة والوفد المرافق لها، لمناقشة سبل تعزيز التعاون الحالي والمستقبلي بين البلدين في مجالات البيئة والمناخ والتنوع البيولوجي، وذلك بحضور السفير رءوف سعد مستشار الوزيرة للاتفاقيات متعددة الأطراف، والدكتور تامر أبوغرارة مستشار الوزيرة للتعاون الدولى وعدد من قيادات وزارة البيئة.
وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، خلال اللقاء على العلاقات الاستراتيجية الممتدة بين مصر والولايات المتحدة، خاصة في مجال البيئة والمناخ، معربة عن تطلعها لبدء مرحلة جديدة من التعاون المثمر للتصدي للمشكلات والتحديات البيئية، استكمالا للتعاون الذى بدأ منذ أكثر من 20 عاما في إدارة التلوث والحد منه، حيث تم تعزيز التعاون في عام 2015 في مجال المناخ خلال الحوار الذى أجرى مع السيد جون كيري كوزير للخارجية الأمريكية حول اتفاق باريس، في الوقت الذي كانت تتكلم فيه مصر بصوت إفريقيا كرئيس لمجلس وزراء البيئة الأفارقة ورئيس لجنة رؤساء الدول الإفريقية للمناخ بالاتحاد الإفريقي، والعمل على توحيد الصوت ورفع المطالب الإفريقية، والإعلان عن المبادرتين الإفريقيتين للتكيف والطاقة المتجددة، حيث كانت خطوة لرصد تمويل أمريكي لمبادرة التكيف فيما بعد خلال مؤتمر المناخ COP 27، كما تم التعاون عن قرب مع الولايات المتحدة فى العديد من مسارات التفاوض، باعتبار مصر جزءا من المجموعة العربية وأيضا مجموعة الـ٧٧ والصين.
وأشارت د. ياسمين فؤاد وزيرة البيئة إلى رحلة التعاون مع الجانب الأمريكي خلال الإعداد لاستضافة مصر مؤتمر المناخ COP 27، كخطوة استراتيجية فارقة في العلاقات الثنائية، بدأت مع الحوار المشترك مع السيد جون كيري كمبعوث للمناخ من الولايات المتحدة حول كيفية الدفع بملف المناخ للأمام والحفاظ على هدف ١٫٥ درجة مئوية لحرارة الأرض، في الوقت الذي كانت مصر تمضي فيه قدما نحو تعزيز ملف المناخ وطنيا بجهودها الذاتية، مع حرصها على تسليط الضوء حول ضرورة مساعدة الدول الأكثر تضررًا في الحصول على تمويل المناخ.
وأوضحت وزيرة البيئة أن مصر استطاعت البدء في تنفيذ أكثر من ٣٠ مشروعا للمناخ بحلول عام ٢٠٢١، وتنفيذ إجراءات الحماية من آثار تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر في ٥ محافظات، ووضعت الدولة ما يقرب من 8 مليارات جنيه تمويل لتنفيذ إجراءات الحماية للحفاظ على استدامة نوعية الحياة للمواطنين بمناطق مثل كفر الشيخ ورشيد والإسكندرية، إلى جانب مشروعات تحلية المياه والطاقة المتجددة.
وأثناء إعداد مصر لاستضافة مؤتمر المناخ COP 27 تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمناخ 2050 وخطة المساهمات الوطنية المحدثة 2030، وحزمة مشروعات برنامج نوفي لرابطة الغذاء والمياه والطاقة، الذي يقدم فكرة مميزة في الربط بين مشروعات التخفيف من آثار تغير المناخ الجاذبة للتمويل ومشروعات التكيف الأقل جاذبية له، ما يجعلها أكثر قابلية للتنفيذ ودخول القطاع الخاص، ويحقق توازنا بين التخفيف والتكيف وتلبية احتياجات المواطن المصري وأولوياته، مع مراعاة البعد الاقتصادي والاجتماعي لإجراءات التصدي المشكلات البيئة والمناخ.
وقالت د. ياسمين فؤاد: "ما زال لدينا طريق طويل لا بد أن نمضي به، ومنها البناء على الخطوة التاريخية لمؤتمر المناخ الأخير COP 28 بقرار تفيعل صندوق الخسائر والأضرار الذي تم إقراره في مؤتمر المناخ السابق بمصر COP 27، كما تضع مصر مزيدا من التمويلات القطاعية لتحقيق أهداف خطة مساهماتها الوطنية المحدثة، وإيجاد نظام رصد ورقابة وطني، والنظر في الحزمة الثانية من الأولويات الوطنية، والانتهاء من الخطة الوطنية للتكيف ومواجهة ظروف الطقس الجانحة".
وعلى المستوى الإفريقي، أكدت وزيرة البيئة أن مصر تسعى لبذل مزيد من الجهد لصالح القارة، خاصة مع اعلان استضافة مصر مركز التميز الإفريقي للمرونة والتكيف، وذلك بتقديم الدعم من خلال العلم والأبحاث وأيضا دعم القارة لإيجاد أفضل الممارسات للتكيف لتقليل الخسائر والأضرار الناتجة عن آثار تغير المناخ.
على المستوى المؤسسي، أوضحت الدكتورة ياسمين فؤاد أنه تم وضع المجلس الوطني للتغيرات المناخية تحت رئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء وعضوية الوزارات والجهات المعنية، ما ساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية مهمة في ملف المناخ ودمج لبعد المناخ في مختلف القطاعات، خاصة القطاع التمويلي، خاصة مع اتفاق الصندوق الاستئماني للقدرة على التكيف مع تغير المناخ الذي يوفر بعض الدعم للدول في مجال إعداد السياسات والاستراتيجيات.
وأعربت وزيرة البيئة عن تطلعها لتنفيذ مزيد من البرامج الاستراتيجية لتغير المناخ بالتعاون بين البلدين، في إطار أولويات الدولة المصرية ومساعدتها في إدارة التمويل المتاح للتخفيف والتكيف، مع التركيز على التكيف باعتباره أولوية لمصر، وإيجاد فرص واعدة لإشراك اكبر للقطاع الخاص، وإمكانية التعاون في تنفيذ برنامج حول الزراعة والأمن الغذائي بالشراكة مع القطاع الخاص وتقليل مخاطر الشق التمويلي له ليكون نموذجا يمكن تكراره والبناء عليه.
من جانبها، أشادت السيدة هيرو مصطفى جارج السفيرة الأمريكية بالقاهرة بجهود مصر ووزيرة البيئة في دعم ملف البيئة، معربة عن سعادتها بالتعرف عن قرب على طبيعة العمل في قطاع البيئة في مصر ولمس الجهود المبذولة، وأيضا إطلاق مبادرة كونكت كمنصة رقمية تهدف إلى دعم وتمكين الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة المحلية التي تقدم خدمات تقنية لرفع كفاءتها وتأهيلها لتلبية متطلبات المشروعات التقنية الكبيرة وتسهيل وصولها للفرص الشرائية، ما يعزز فرصا أكبر للاستثمار، موضحة أن بلادها تهتم بضخ استثمارات لمواجهة التحديات البيئية والمناخية، وتعمل على تصميم حزم تمويلية في مجال التكيف، وتشجيع الشراكة مع القطاع الخاص في التكيف والتخفيف على حد سواء.
وقد ثمنت السفيرة الأمريكية التوجه المصري للربط بين مجالات الأمن الغذائي والمياه والطاقة، معربة عن تطلعها لشراكة مستقبلية قوية تقوم على تبادل الرؤى لتعزيز التعاون في مجال المناخ والبيئة.
كما ناقش الجانبان آخر مستجدات التعاون في تنفيذ المبادرة المصرية لحماية البحر الأحمر، والتى تم إعلانها خلال فعاليات مؤتمر المناخ COP 27، وذلك بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الصندوق العالمي للشعاب المرجانية للحفاظ على شعابنا المرجانية، حيث رصدت لها الحكومة الأمريكية استثمارات بقيمة 15 مليون دولار.
وبحثتا أيضا التعاون في مجال مبادلة الديون من أجل الطبيعة، حيث أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد التزام مصر باتفاقية التنوع البيولوجي واطار عمل ما بعد ٢٠٢٠، وباعتبار مصر رئيسا سابقا لمؤتمر اتفاقية التنوع البيولوجي COP 14، ولعبت دورا مهما في ملف تمويل التنوع البيولوجي، والاستفادة من منتج السياحة البيئية الذي أثمرت عنه جهود تطوير المحميات الطبيعية خلال السنوات الأربع الماضية، من خلال الشراكة مع المجتمعات المحلية، والشركاء الآخرين كالمجتمع المدني والقطاع الخاص، كما يتم العمل حاليا على إنشاء صندوق للطبيعة بالتعاون مع البنك الأهلي للسماح للقطاع الخاص بالعمل في حماية الشعاب المرجانية بايجاد تمويل من البنوك الوطنية لتقليل مخاطر الاستثمار للقطاع الخاص.
وتم التطرق أيضا خلال الاجتماع إلى معايير تأسيس واختيار الجهات المستفيدة من صندوق الخسائر والأضرار، حيث أوضحت وزيرة البيئة أن الدول الأكثر تأثرا بتغير المناخ ستكون المستفيد الأساسي من الصندوق، حيث قامت لجنة فنية على مدار عام بوضع بناء لإطار حاكم للصندوق يكون مستقلا ويضمن رفع أصوات الدول النامية ويعزز القدرة على حساب الخسائر والأضرار، ما يحقق تمويلا حقيقيا للمناخ يساعد في مواجهة الأزمات التي يسببها آثار تغير المناخ.