محمد الباز يكتب: لعنة اللبن المسكوب.. حتى لا نقول لماذا فرّطنا فى قوتنا الناعمة؟
جلس المسئول الكبير وعلى وجهه ملامح الأسى والضيق، كان يسأل مَن حوله عما قدمناه حتى نحافظ على قوتنا الناعمة من التسرب من بين أيدينا، عما بذلناه من جهد نتشفع به أمام أنفسنا وأمام الأجيال القادمة بأننا قدمنا ما نقدر عليه.. وأننا لم نقصر.
وقبل أن يجيبه أحد، وضع ما أراده أن يكون منهجًا للنقاش.
قال: لا أريد شكوى.. لا أرغب فى حديث عن خريطة التراجع التى يعرفها الجميع.. لن يفيدنا أن نجلد أنفسنا.. فنحن بارعون فى جلد ذواتنا، والأكثر قسوة من ذلك أننا أصبحنا نستمتع بهذا الجلد.
كان المسئول الكبير، فيما يبدو، يريد حديثًا يتقدم بنا إلى الأمام على طريق تعزيز قوتنا الناعمة التى استطعنا من خلالها، خلال العقود الماضية، تحقيق حضور طاغٍ ومسيطر على الثقافة العربية، وهو ما جعل النقاش يبدأ فى هذه الجلسة عما نحتاجه ليس من إجراءات فقط لنستعيد ما كان.. ولكن عن القوانين التى تتيح لنا ذلك، وعن تدبير التمويل الكبير الذى أصبح زادًا أساسيًا للصناعات الثقافية والفنية.
لقد ظلت الصناعات الثقافية والفنية مصدرًا مهمًا من مصادر الدخل القومى المصرى، هذا فوق قدرتها على تسييد النموذج والفكر والسلوك المصرى، فبفضل السينما والمسلسلات الدرامية أصبحت العامية المصرية هى اللغة الرئيسية لكل الدول العربية، وكان نادرًا أن تجد مواطنًا عربيًا لا يجيد العامية المصرية أو لا يعرف تنويعاتها المختلفة من الإسكندرية إلى أسوان.. لقد حولنا العرب جميعًا إلى مصريين من خلال الشاشات.
تراجع الإنتاح من الأعمال السينمائية تحديدًا جعل الأجيال العربية الجديدة تفلت من عاميتنا، بعضهم ممن قابلت بشكل عارض كانوا يستفهمون عن بعض الكلمات ويعتبرونها غريبة، قالوا بوضوح: أصبحنا لا نفهم كثيرًا من كلماتكم.. نخشى أن يأتى اليوم الذى تصبحون فيه غرباء عنا.. وهو ما لا نريده.
فى الغالب لم يحدث هذا بسبب قلة الأعمال السينمائية التى ننتجها فقط، ولكن بسبب نوعيتها وطبيعتها وتكوين أبطالها اجتماعيًا ونفسيًا، وخذ على سبيل المثال ما حدث فى العام ٢٠٢٣.. لقد أنتجنا ٤٢ فيلمًا، صحيح أن هذا الرقم لم نصل له خلال السنوات العشر الأخيرة، لكن السؤال: كم فيلمًا منها يمكن أن يكون فاعلًا ومؤثرًا وآسرًا للجمهور العربى؟ هذا بعيدًا عن الإيرادات التى يعتبرها البعض كبيرة وأسطورية.. وهى بالطبع ليست كذلك.
عندما حقق فيلم «بيت الروبى» ١٢٨ مليون جنيه أقيمت الأفراح والليالى الملاح، فهو أعلى إيراد وصل إليه فيلم مصرى فى تاريخ السينما المصرية.
قد يعتبر البعض الرقم كبيرًا بالفعل، فهو بالأرقام الأعلى فى تاريخ السينما، لكن لماذا لا ننظر إلى الرقم فى حد ذاته بعيدًا عن المقارنات الخادعة؟.
سأفترض معكم أن الفيلم حقق هذا الرقم فى دور السينما المصرية- سنتجنب قليلًا إيراداته فى دور العرض العربية - لأقول لكم إن هذا إيراد ضعيف للغاية.. فدولة مثل مصر يتجاوز عدد سكانها الـ١٠٠ مليون، يكون من غير اللائق عندما يحقق فيلم ١٢٨ مليونًا إيرادات اعتبار ما جرى إنجازًا كبيرًا.
ليس من العقل بالطبع أن أعزل الحالة الإبداعية المصرية فنيًا وثقافيًا عن السياق العام الذى وضعنا مصر فيه بداية من العام ٢٠١١ وخلال الأعوام التى تلتها، وهى أعوام كانت ولا تزال مثقلة بكثير مما شغلنا عن الاهتمام بقوة مصر الناعمة التى نتحدث عنها كثيرًا دون أن ندرك أنها تعرضت لاستنزاف كبير، لأسباب تخصنا، وبفعل من يخطط فى الخارج لاختطاف المكان والمكانة.. وهم كثيرون بالمناسبة.
شغلتنا سنوات الفوضى عما يجب أن نقوم به.
دخلنا فى معارك فرضتها علينا الأحداث، دون أن ننتبه إلى أن الصناعات الثقافية والفنية سلاح مهم من أسلحة المعركة، هذا غير انصراف المثقفين عن المعركة بحجج بعضها مقبول ومعظمها مرفوض تمامًا، لكن هذا ما حدث.
لقد رصدت خلال السنوات الماضية دعوات رئاسية وحكومية تؤكد ضرورة أن نصل إلى ١٠٠ مليار دولار صادرات، وحضرت أكثر من مؤتمر وندوة ولقاء خاص، كان الحديث منصبًا فيها على تحقيق هذا الهدف، ولست فى حاجة إلى أن أقول لكم كم تراكمت من أوراق ودراسات وأبحاث وخطط تطوع بها كثيرون وتم تكليف جهات متخصصة بها، لكن الأوراق لم تتحول إلى واقع..والدراسات ظلت خرساء لا تنطق.. والأبحاث ضلت الطريق.
عندما نعود إلى الأرقام الرسمية للصادرات المصرية خلال العام ٢٠٢٣، وإلى النوعيات التى نقوم بتصديرها، ومن واقع البيانات الرسمية التى أعلنتها المجالس التصديرية من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة والصناعة، سنجد الآتى:
أولًا: حققت الصادرات المصرية غير البترولية نموًا طفيفًا لتسجل ٣٤.٤٢٤ مليار دولار.
ثانيًا: احتلت صادرات قطاع مواد البناء المرتبة الأولى بقائمة الصادرات المصرية القطاعية غير البترولية بنمو ٢٦٪، وبإجمالى إيرادات بلغ ٨.٧٨١ مليار دولار، مقارنة بنحو ٦.٩٩ مليار دولار فى العام ٢٠٢٢.
ثالثًا: وصلت صادرات قطاع المنتجات الكيماوية والأسمدة إلى ٦.٤١٦ مليار دولار.
رابعًا: ارتفعت صادرات الصناعات الغذائية إلى ما يقرب من ٥ مليارات دولار.
خامسًا: وصلت صادرات الحاصلات الزراعية إلى ٣.٦٨٨ مليار دولار.
سادسًا: حققت صادرات السلع الهندسية نموًا ملحوظًا، حيث وصلت إلى ٤.٣٣٦ مليار دولار.
سابعًا: نمت صادرات منتجات الأثاث وحققت نحو ٢٩٢ مليون دولار.
ثامنًا: وصلت صادرات الصناعات الطبية إلى ٦٠٨ ملايين دولار.
تاسعًا: ارتفعت صادرات الغزل والنسيج إلى نحو ١.١١٩ مليار دولار.
عاشرًا: انخفضت صادرات قطاع الطباعة والتغليف والورق، حيث حققت ٨٨٩ مليون دولار، كما تراجعت صادرات قطاع المفروشات إلى ٥٤٢ مليون دولار، وهبطت صادرات الصناعات اليدوية إلى ١٩٥ مليون دولار، وتقلصت صادرات الملابس الجاهزة بنحو ٣٪ حيث وصلت إلى ٢.٤٣٠ مليار دولار.
عندما نراجع معًا وثيقة «أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى للفترة الرئاسية الجديدة ٢٠٢٤- ٢٠٣٠» والتى أعلنها مركز المعلومات بمجلس الوزراء، سنجد أن هناك استهدافًا لتحقيق إجمالى صادرات بـ١٤٥ مليار دولار بحلول العام ٢٠٣٠، وذلك لتعزيز المتحصلات من النقد الأجنبى بإجمالى ٣٠٠ مليار دولار.
لا يمكن أن نقول عن هذه الجهود شيئًا، اللهم إلا دعمها بشكل كامل، فالهدف الذى تسعى إليه الحكومة المصرية، وهو الوصول إلى ١٤٥ مليار دولار صادرات، لا بد أن يعمل الجميع على تحقيقه، ولكن يظل السؤال هو: ما نصيب الصناعات الثقافية والفنية فى هذه الخطة؟ ولماذا لا يتحدث أحد بجدية عن هذه المنتجات التى تتميز بها مصر عن الدول الأخرى شاء من شاء وأبى من أبى؟
لقد ظلت مصر لسنوات طويلة تتميز بإنتاجها السينمائى، كانت الطائرات تضبط مواعيدها على مواعيد الانتهاء من المراحل النهائية لإعداد الأفلام والمسلسلات لتحملها إلى الدول العربية التى كانت تعتبر سوقًا كبيرة للإنتاج الفنى المصرى.
يحكى مجدى العمروسى أنهم بعد أن انتهوا من إنتاج فيلم «الخطايا»، كان الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب يراجع ألحان الفيلم، وتوقف عند لحن أغنية «قولّى حاجة» التى كتبها حسين السيد، كان عبدالحليم يغنيها لنادية لطفى فى دار الأوبرا المصرية، ولاحظ عبدالوهاب أن هناك لحظة صمت لصوت الموسيقى، فأصر على تعديل المونتاج حتى تختفى هذه اللحظة، وكان على الطائرات التى تنتظر شحن الفيلم إلى الدول العربية أن توقف محركاتها حتى ينتهى عبدالوهاب مما أراده لتجويد المشهد.
الآن يعطل مسئول من مسئولى وزارة الثقافة المراكب السائرة ويحبط أى محاولة للنهوض بالسينما، يحيط بملفه كثير من التساؤلات، وأعتقد أنها فى حاجة إلى إجابات.
لقد كان المسرح المصرى لسنوات طالت موردًا مهمًا من موارد العملة الصعبة، وكانت أضواء المسارح المصرية تجذب آلاف السياح العرب، الذين كانوا يأتون إلى مصر فقط لمشاهدة مسرحية لعادل إمام أو سمير غانم أو محمد صبحى، الآن اختفت هذه الوفود، وأصبحنا نسير فى شوارع القاهرة فلا نجد هذه الأضواء، بل أصبحنا لا نجد هذه المسارح من الأساس.
يمكنك أن تحتج بأن هذا المسرح كان تجاريًا، وأننا يجب أن نتحدث أكثر عن مسارح الدولة، وفى مقدمتها المسرح القومى، سأعارضك فيما قلّ.. وأتفق معك فيما كثر.
فالمسرح التجارى المصرى كانت له قيمته وتأثيره ونجومه الكبار، فهو فى النهاية لم يتحول إلى اسكتشات مسرحية كما يحدث هذه الأيام، أما عن مسرح الدولة ففى فمى ماء، وهنا لا بد أن نعلق الجرس فى رقبة وزارة الثقافة التى فشلت عبر وزراء متعاقبين فى أن تعيد لمسرح الدولة بريقه وسيطرته وسطوته، وهو ملف أعتقد أنه لا بد أن نفتحه بجرأة دون أن نخشى أحدًا أو شيئًا.
وعندما نتحدث عن صناعة الكتاب المصرى سنجد أنفسنا أمام مأساة كبيرة، فقد تراجعت صناعة الكتاب، على مستوى المحتوى الذى ننتجه، وعلى مستوى جودته، وأعتقد أن مافيا تزوير الكتب لعبت دورًا كبيرًا فى هذا التدهور، فعندما نمسك بالكتب المصرية سنجد أنها لا تتناسب أبدًا مع ما يجب أن يتوافر لها من قيمة، وهو ما أفقدنا مصدرًا مهمًا من مصادر الدخل الدولارى، لم يكن ينافسنا فيها أحد.
لا تتوقف الصناعات الثقافية والفنية على السينما والمسرح والكتاب، ولكن هناك الكثير الذى نستطيع أن نقدمه، فنحن نمتلك تراثًا حضاريًا عريقًا، يمكن أن يتحول إلى منتجات لها السمة المصرية الخالصة، وأعتقد أن العالم كله يهتم بهذه المنتجات.. ونقف نحن فى موقف المتفرج.
لا أنكر أن هناك اهتمامًا كبيرًا بهذه الصناعات، وهناك رغبة ملحة فى أن نستعيد الصدارة، لكن الرغبة وحدها لا تكفى، فلا بد أن يكون هناك مشروع قومى للنهوض بهذه الصناعات التى لا نبذل جهدًا فى تسويقها بما يليق بها، إننا نهمل ما نملك بصورة تثير الشفقة علينا، فكيف لمن يمتلكون هذه الثروة الحضارية الهائلة أن يعيشوا فقراء؟
لقد برع خلال السنوات الماضية عدد كبير من الشباب المصرى فى صناعة المحتوى الإلكترونى، وأصبحت لدينا طائفة يعرفها الجميع باسم «المؤثرين»، هؤلاء الشباب يمكن التعامل معهم على أنهم مليارديرات السوشيال ميديا، مليارديرات ليس بما يملكون من مال، ولكن نسبة إلى المشاهدات المليارية التى يحققونها، وقد انتبه لهم آخرون وبدأوا بالفعل فى احتكارهم واحتكار مجهودهم، الذى نختلف عليه أو نتفق حوله، لكنهم فى النهاية نجحوا واستطاعوا التأثير.
أعرف عن قرب أن الدولة المصرية انتبهت مؤخرًا إلى هؤلاء المؤثرين، وبدأت عبر مسارات كثيرة احتواء هؤلاء المؤثرين والاستفادة منهم بجعلهم يعملون من داخل الدولة المصرية حتى يصبحوا إضافة لها وليس خصمًا من رصيدها، ويمكن أن نلحظ ذلك خلال الشهور المقبلة، ورغم أننا تأخرنا فى الاستفادة من طاقتهم الهائلة، لكن على أى حال أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا.
على نفس الخط برع مصريون عديدون فى مجال مهم من مجالات الصناعات الثقافية والفنية.
أتحدث عن مبتكرى الألعاب الإلكترونية، وهو مجال أصبح مهمًا ضمن مصادر الدخل القومى، لكن هؤلاء يحتاجون لرعاية أكبر وجهد متواصل لتوظيفهم بما يفيد الدولة واقتصادها، وليس معقولًا أن نتركهم للآخرين يأخذون خيرهم، ثم نجلس لنتحسر عليهم.
إننا نمتلك ما لا يمتلكه الآخرون.
هذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يتنكر لها.
نملك العنصر البشرى الذى لا يزال قادرًا على الإبهار.
نمتلك بحرًا من المواهب لا ينفد أبدًا.
يحتاج هذا البحر فقط إلى الرعاية والاهتمام والتنشيط، يحتاج إلى وضعه فى سياق حتى نستفيد منه، بدلًا من أن نهدره ويضيع من بين أيدينا.. وهو كثيرًا ما يحدث.
لقد اندهش كثيرون من الموهبة الجديدة الخارقة التى قدمتها لنا ببساطة منصة «ووتش إت» من خلال مسلسلها «حالة خاصة».
تعرفون عمن أتحدث بالطبع.
إنه الفنان الشاب طه دسوقى، الذى قدم دور نديم أحمد أبوسريع، الشاب المتوحد الذى يتحدى ظروفه كلها ويؤكد للجميع أنه يمكن أن يكون محاميًا بارعًا.
اللقطة المهمة هنا ليست فى قدرة المنصة التى نجحت نجاحًا كبيرًا خلال فترة وجيزة، ولكن فى أنها استطاعت أن تؤكد أن نهر الإبداع المصرى لا ينفد أبدًا، فنحن بلد تتوالى فيه الأجيال المبدعة، لا نتوقف عن إنجاب الموهوبين البارعين الذين يستطيعون بإمكانات بسيطة أن يحوزوا الاهتمام كله، وأعتقد أن لدينا مثل طه دسوقى الآلاف، وهو ما دفع الشركة المتحدة، صاحبة المنصة، إلى التفكير فى إعداد مشروع متكامل للكشف عن المواهب التى نملكها وتنتظر فقط من يصل إليها.
يعتقد الآخرون أنهم يمتلكون ما يستطيعون به انتزاع الريادة والصدارة منا، وهذا حقهم تمامًا، فليعتقد كل من يريد ما يشاء من أفكار.
لكن الحقيقة أننا نمتلك ما لا يتوافر للآخرين، لكن ينقصنا الاهتمام الواجب به، وهو ما انتبهت له الدولة المصرية مؤخرًا، وأعتقد أن النتائج ستكون سريعة ومؤثرة، فالمارد المصرى بدأ يستيقظ، وهو مارد يعرف الجميع أنه قادر ومخيف بل ومتوحش أيضًا.
تستطيع مصر أن تجمع العالم العربى كله حولها بفيلم.
تقدر على التأثير فى الملايين العربية بمسلسل واحد.
فى وسعها أن تجعل الجماهير العربية تردد أغنية تنتجها.
يمكنها أن تجعل العالم العربى يقرأ كتابًا مصريًا واحدًا فى وقت واحد.
وليس بعيدًا أن يحتل المؤثرون المصريون الساحة بشكل كامل، لكننا نحتاج فقط إلى مزيد من الانتباه لما بين أيدينا.
إننى هنا لا أقوم بجلد ذاتنا، فلست ممن يستمتعون بجلد الذات.
ولكننى فقط أدق جرس إنذار، حتى لا يُسحب البساط من تحت أقدامنا ونحن نتفرج.
إننى أكره لعنة اللبن المسكوب.
أكره أن نبكى على ما فقدناه دون أن نلتفت إلى أن ما فقدناه كنا نحن السبب فيه.
ولذلك فإننى أُبشِّر الجميع بمشروع مصرى كبير سيتم الإعلان عنه قريبًا، يعيد إلى مصر وجهها اللامع البراق الذى لا ينطفئ أبدًا.. وإن لناظره قريب كما يقولون.