"أيام في المكسيك".. كتاب يمزج بين أدب الرحلات والسيرة الذاتية لـ هايدي عبد اللطيف
يمثل كتاب "أيام في المكسيك" .. بصحبة دييغو ريفيرا"، للكاتبة هايدي عبد اللطيف، شكلًا جديدًا تؤسس له المؤلفة منذ كتابها السابق "على خطى هيمنجواي في كوبا" والذي صدر عن دار آفاق للنشر والتوزيع في مصر عام 2021، حيث تمزج بين أدب الرحلات وأدب السيرة الذاتية متوجة ذلك المزيج بجهد بحثي يدعم مسارها ويساعد القارئ على الرؤية والمعرفة بشكل أكبر.
أيام في المكسيك اكتشاف لواحدة من بلاد الحضارات القديمة
"كل ما حدث هناك.. قيل هنا" بهذه الجملة المكثفة تبدأ هايدي عبد اللطيف كتابها الثاني "أيام في المكسيك" .. بصحبة دييغو ريفيرا"، والذي تصنع منه مسارًا إبداعيًا مغايرًا.
تُقدم المؤلفة على اكتشاف واحدة من بلاد الحضارات القديمة، المكسيك، المدخل الرئيس لأمريكا الوسطى واللاتينية، التي تمتد تأثيراتها الثقافية والحضارية على كل ما يحيط بها من بلدان، فلكي تفهم تاريخ تلك القارة الجنوبية عليك أن تتعرف جيدًا على المكسيك، وعوالمها المتباينة من خلال الرحلة التي قامت بها المؤلفة هايدي عبد اللطيف إلى مدينة مكسيكو سيتي. وقد تعرفت الكاتبة إلى المكسيك من خلال أبنائها ورأتها ليس بعيون سائحة عادية، بل بعيون أهلها وأشهر فنانيها الرسام المعروف دييغو ريفيرا، الذي يعتبر من أبرز الفنانين التشكيليين في القرن العشرين، عبر جدارياته التي تزين المباني العامة والحكومية في مكسيكو سيتي.
لذا فكتاب أيام في المكسيك، لا يقدم فقط رؤية واسعة وشاملة للمكسيك، وإنما أيضًا صورة لماضيه وحاضره ويشكل أيضًا وثيقة نادرة عن الفنان العظيم، الذي أعاد إحياء فن الجداريات منذ عصر النهضة، وقد سعت الكاتبة لسرد جانبًا من حياته الفنية الحافلة عبر جدارياته العديدة ونقل صورة واقعية تاريخية ومعاصرة، في الوقت ذاته، لبلاده المفعمة بالحياة والألوان.
تقدم المؤلفة عبر وصف اللوحات بدقة رؤية نقدية وجهدًا بحثي فيما يُحيط بتلك اللوحات، مذيلة الكتاب بملحق من الصور للوحات والمدينة، إذ أن الكتاب يقدم للقارئ جرعة من المتعة البصرية سواء تلك المتخيلة عبر السرد والحكايات أو المقدمة في صور تتم وصف المؤلفة والتي اعتنت أن تأتي اللغة سهلة دون جماليات مبالغ فيها، أو تعيق تقدم القارئ في الكتابة.
ومن خلال كتاب أيام في المكسيك، نكتشف أن المؤلفة لم تعتمد على رحلتها إلى مدينة مكسيكو سيتي فقط، بل دعمت الرحلة بالدراسة والبحث والاستقصاء سواء القراءات التي سبقت الرحلة أو التي تلتها لتستوثق مما سمعته وشاهدته، فبينما يعتقد القارئ أن بين يديه كتاب في ادب الرحلات أو حتى في السيرة الذاتية يجد نفسه أيضًا مع جهد بحثي حول كل معلومة وردت بين ثنايا المتن، إذ تسعى المؤلفة بإخلاص واضح لتقديم خبرة ومعرفة لا ترتكن إلى المعايشة فقط ولكنها تُفتش وتدقق، فتنقل للقارئ ماي وحاضر هذه البلاد، ذاك الموثق عبر جداريات دييجو ريفييرا، وتأتي حكايات الناس في هذه المدينة متممة للمشهد، ليعرف القارئ شعبًا طالما زاوجت البهجة سيرته.
يأتي كتاب أيام في المكسيك نموذجًا مخلصًا لأدب الرحلات، في لغة يسيرة على القارئ إذا تضع هايدي عبد اللطيف للقارئ كل خبرات السفر وحكاياته، بوصفٍ جيدًا لكيف تستكشف المكان، تنقل بعين فوتوغرافية خبيرة شرحًا دقيقًا، للبنايات والشوارع والمواصلات، وبينما تصطحب المؤلفة القارئ في رحلتها التي قامت بها تنقل له الحكايات والأساطير عن الأماكن، وتكلفة الزيارة، ففي الكتاب ليس مجرد وصف لأشهر الأماكن ولكن خبرة السفر بحيث يُصبح الكتاب بمثابة دليل لمن ينوي تكرار الرحلة، ونافذة لمن لن يُسافر، نافذة تجعله يرى وبوضوح شديد هذه البلاد البعيدة.
جاء كتاب أيام في المكسيك، في 362 صفحة من القطع المتوسط بغلاف من تصميم عبد الرحمن الصواف.
والمؤلفة هايدي عبد اللطيف التي ترسم مسارًا جديدًا لأدب الرحلات الممتزج بأدب السيرة الذاتية هي أيضًا مترجمة وصحفية في المجال الفني سبق أن صدر لها موسوعة المشاهير في جزأين في يناير 2018، عن دار دَّوِن للنشر والتوزيع، وقد قدمت عبره عشرات من السير الذاتية المكثفة وقصص نجاح لعديد من المشاهير في شتي المجالات، كما صدر لها صدر لها كتاب مترجم بعنوان " شبكات الغضب والأمل: الحركات الاجتماعية في عصر الإنترنت"، من تأليف مانويل كاستلز عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في أكتوبر 2017.
وأخيرا "أيام في المكسيك: بصحبة ديجو ريفيرا" أحدث إصدارات المؤلفة عن منشورات ذات السلاسل – الكويت وصدر مع منتصف شهر أكتوبر 2023 ملحقًا به ملف صور.