2000 قتيل.. إعصار دانيال يحول ليبيا إلى بحر من الماء والدموع
في مشهدٍ مأساوي ومحزن، سقط أكثر من 2000 قتيل في الأراضي الليبية بسبب إعصار دانيال، الذي يعد أقوى إعصار يضرب البلاد منذ عقود، وفقًا للتقارير الحكومية التي صُدرت قبل ساعات قليلة، والتي أكدت أيضًا أنه تسبب في دمار هائل في المناطق الشرقية والغربية من ليبيا.
غمرت المياه الآلاف من المنازل والمحال والمزارع، وانهارت الجسور والطرق والخطوط الكهربائية، وتضررت المنشآت الحيوية مثل المستشفيات والمدارس والمطارات، كما تعرضت بعض المدن الساحلية لأمواج عاتية ورياح شديدة؛ مما أدى إلى تشريد الآلاف من الأسر وفقدان الاتصال بالعديد من المناطق.
كارثة طبيعية
أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس حالة الطوارئ في المناطق المتضررة، والحداد ثلاثة أيام على أرواح الضحايا، كما أصدر رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة توجيهات لأجهزة الدولة بالتعامل الفوري مع الأزمة، وإغاثة المتضررين وإصلاح الأضرار. وقال دبيبة في تغريدة على تويتر: "نتابع بقلق بالغ ما تشهده مدننا من آثار سلبية لإعصار دانيال، ونؤكد أن جهودنا مستمرة لإغاثة المواطنين وإعادة التوازن للحياة".
وشاركت قوات الجيش الوطني في عمليات الإغاثة والإنقاذ، حيث نقلت المساعدات الغذائية والطبية إلى المناطق المحاصرة، وأجلت المواطنين من المنازل المغمورة بالماء، كما فتحت بعض الطرق التي جُرفت أو انهارت جزء منها، وأعلن المتحدث باسم قوات الجيش أحمد المسماري أن سبعة من أفراده مفقودون جراء الإعصار.
وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي حجم الكارثة التي حلَّت بليبيا، حيث اجتاحت سيول قوية الشوارع، وغمرت منطقة سوسة التاريخية، التابعة لإقليم قوريناء، كما غطَّى الماء أجزاء كبيرة من مدينة مصراتة، ثالث أكبر مدينة في ليبيا، والتي تقع في الساحل الغربي للبلاد، وأظهرت الفيديوهات أيضًا الأضرار التي لحقت بالمنشآت النفطية في بعض المناطق؛ ما أدى إلى توقف إنتاج النفط مؤقتًا.
وحذر خبراء الأرصاد الجوية من استمرار تأثير الإعصار على ليبيا خلال الساعات المقبلة، مع احتمال هطول المزيد من الأمطار والبرد والرعد، كما توقعوا أن يصل الإعصار إلى غرب مصر، مع انخفاض في مستوى الرؤية الأفقية وارتفاع في سرعة الرياح، وقالت هيئة الأرصاد المصرية إنها تتابع حركة الإعصار عن كثب، وتحذر المواطنين من التعرض للأمطار أو السيول.
تضامن عالمي
تواجه ليبيا صعوبات كبيرة في التغلب على هذه المحنة، وأظهرت صور الأقمار الصناعية مدى انتشار الإعصار على مساحة شاسعة من الأرض، مغطية جزءًا كبيرًا منها باللون الأزرق، وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تضامنية مع ليبيا، باستخدام هاشتاغ #PrayForLibya، داعين إلى تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الليبي.
ولكن في خضم هذه المأساة، هناك أيضًا قصص عن بطولة وتضحية وإخاء، فقد سجلت كاميرات المصورين لحظات مؤثرة لإنسانية المواطنين، الذين تجاوزوا خلافاتهم وانحيازاتهم، وتكاتفوا لإنقاذ بعضهم البعض من براثن الموت، حيث سارع رجال الإطفاء والإسعاف إلى نجدة المحتجزين تحت أنقاض المباني، وشكَّل شباب الثورة سلاسل بشرية لإخراج الغارقين من الماء، وفتح أهالي المدينة أبواب منازلهم لإيواء المشردين.
لم تبقَ ليبيا وحيدة في محنتها، بل وجدت في شعوب العالم أخوة، نشروا صور الدمار والخراب، ونادوا بالمساعدة والإغاثة، كما تضامن معها نجوم الفن والرياضة، وأرسلوا رسائل الحب والدعاء، وأطلقوا حملات على الإنترنت، لجمع التبرعات والمساندة، وأظهرت أيضًا الصحف والمواقع مشاهد من الإنسانية والتكاتف.
ولم تغض الأمم المتحدة بصرها، بل تابعت الأزمة عن كثب، وأرسلت فرقًا من الخبراء لتقديم المشورة والخدمة، ولكن أكثر ما أثار الأمل هو رؤية شعب ليبيا يتحد، فقد نسي خلافاته وانقساماته، وأظهر قوته وصبره وإرادته.