رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأنبا نيقولا يكشف كيف تم تحديد موعد عيد الميلاد المجيد

كنيسة
كنيسة

كشف الأنبا نيقولا، مطران طنطا للروم الأرثوذكس، كيف تم تحديد موعد عيد الميلاد المجيد.

وقال الأنبا نيقولا في تصريحات له، إن الكتاب المقدس لا يحدد تاريخًا محددًا لميلاد يسوع، والتاريخ يقول إنه حتى القرن الرابع لم يكن المسيحيون يحتفلون بعيد الميلاد، وأنهم لم يعرفوا تاريخًا محددا له. ففي القرون الثلاثة الاولى ميلاد يسوع المسيح لم يكن يحمل أي ثقل لاهوتي، لأن الكنيسة في هذه القرون كانت تركز على قيامة يسوع المسيح لا ميلاده ، هذا هو ما يتعلق بجوهر الخلاص المسياني.

وتابع: قبل مجمع نيقية عام 325م كان الاحتفال بعيد ميلاد يسوع المسيح ضمن عيد الظهور الإلهي في يوم 6 يناير ثم في المجمع، تم فصل الاحتفال بعيد الميلاد عن الاحتفال بعيد بالظهور الإلهي، وتم تعيين يوم 25 ديسمبركعيد ميلاد ليسوع المسيح، بحسب التقويم اليولياني الذي كان متبعًا في ذلك الوقت. التقويم اليولياني،‏ أو الرومي، هو تقويم فرضه يوليوس قيصر في سنة 45 ق.م ودخل حيز التنفيذ سنة 46 ق.م.

وواصل: وفي عام 1582م لاحظ البابا غريغوريوس الكبير الرومانى  الثالث عشر أن يوم 25 ديسمبر، وقت الاعتدال الربيعي، لم يعد أطول أيام الليل في العام، فعهد إلى الفلكيين في أيامه بأن يقوموا باصلاح التقويم فاكتشفوا أن السبب يعود لوجود خطأ في حساب السنة اليوليانية الشمسية، إذ كانت السنة تحسب بمقدار 365 يومًا وست ساعات (ربع يوم). 

وتابع: وهذا ما يخالف الحقيقة؛ لأن في السنة الشمسية الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، أي أن السنة الشمسية في التقويم اليوليانى كانت تنقص 11 دقيقة و14 ثانية. هذا يعني أن يتقدم التقويم اليولياني عن الواقع يومًا واحدًا كل 131 سنة تقريبًا، ويتقدم 3 أيام كل 393 سنة (مع التقريب تصبح 400 سنة). وقد أدى هذا الفرق إلى تغير تدريجي في تواريخ بداية الفصول، فقد حدث الاعتدال الربيعي عام 1580م في 11 مارس/آذار. فتمّ الاتفاق على حذف ثلاثة أيام كلّ 400 سنة وأن تكون السنة القرنية (التي هي من مضاعفات 100) سنة بسيطة إلاّ إذا قبلت القسمة على 400 بدون باقٍ، ليتم تفادي هذا الخطأ في المستقبل.

وواصل: وأصلح التقويم الغريغوري (Gregorian Calendar)، الذي هو التقويم اليولياني المُعدل، هذا الخطأ باسقاط 10 أيام من التقويم السابق، ليتدارك مجموع الخطأ الناتج على مدار الفترة الممتدة من عام 325م إلى عام 1582م، حتى يتواءم مع التوقيت الحقيقي للفصول. فنام الناس يوم 5 أكتوبر سنة 1582م وعندما يستيقظون يحذفون من النتيجة عشرة أيام أي يستيقظون ويجعلون التاريخ في هذا اليوم 15 أكتوبروهكذا نشأ فرق في التوقيت بين 25 ديسمبر اليولياني الشرقي وبين 25 ديسمبر الغريغوري الغربي. بهذا قضوا على هذا النقص بالنسبة للاعتدال الربيعى عنه في التقويم اليولياني، وعُرفت تلك التعديلات الجديدة باسم "التعديل الغريغوري"، نسبة إلى البابا غريغوريوس.
 وأوضح: هذا الإصلاح قد جعل تاريخ ميلاد يسوع المسيح ينزاح عن الموعد الافتراضي له، المُمَثل في بداية التقويم الميلادي الذي يلي ميلاد يسوع المسيح. حيث يبدأ التقويم الميلادي بعيد ختان يسوع المسيح، كما في الشريعة الموسوية بأمر الرب إبراهيم بقوله له: "اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ" (تك 17:12). وفي هذا اليوم يُعطى المولود اسمًا، أي يصبح فردًا في المجتمع (العشيرة).

وتابع: ومع إصلاح التقويم اليولياني ونشوء التقويم الغريغوري نشأ فرق في التوقيت بين 25 ديسمبراليولياني الشرقي وبين 25 ديسمبر الغريغوري الغربي. وتزايد الفرق بينهما بمرور القرون، حتى أصبح الفرق في القرن العشرين ثلاثة عشر يومًا وبالرغم من توالي تطبيق التقويم الغريغوري في البلدان المختلفة، رفضت الكنائس الارثوذكسية الاعتراف به واستمر استخدام التقويم اليولياني فيها حتى القرن العشرين،  وكانت تقيم عيد ميلاد يسوع المسيح في 7 يناير
 

وواصل: في العام 1923م عقد اجتماع في القسطنطينية بدعوة من بطريركها آنذاك ملاتيوس الرابع (ميتاكساكيس) وكان على برنامج عمله عدة اقتراحات منها تغيير التقويم اليولياني إلى التقويم الغريغوري. في عام 1923م وافقت الكنائس الأرثوذكسية التي شاركت على التقويم الغريغوري المُعدل، باسقاط 13 يوم من عام 1923م. على أن يُستعمل التقويم الغريغوري في تحديد الأعياد الثابتة مع الغرب، مثل عيد الميلاد وأعياد القديسيين، وخاصة عيد القديسَيْن بطرس وبولس. أما الأعياد المتغيرة، مثل عيد القيامة وما يتبعه، فيُستعمل التقويم اليولياني.
 

وتابع: اختارت عدد من البطرياركيات الأرثوذكسية الاحتفال بعيد الميلاد والغطاس بحسب التقويم الغريغوري منها بطريركيات القسطنطينية، الإسكندرية، أنطاكية، رومانيا، بولندا، بلغاريا، وكنيستي اليونان وقبرص. بينما تمسكت بالتقويم اليولياني بطرياركيات القدس، روسيا، صربيا، جورجيا، أوكرانيا، مقدونيا، مولدوفا، روسيا البيضاء، الجبل الأسود، وكنيسة سيناء وجبل أثوس. هذه البطريركيات والكنائس الأخيرة المتمسكة بالتقويم اليولياني تحتفل بيوم ميلاد يسوع المسيح في يوم 25 ديسمبر بحسب التقويم اليولياني وهو يقابل لديهم يوم 7 يناير في التقويم الغريغوري. بمعنى أن القراءات في الكتب الطقسية لها الخاصة بعيد الميلاد تكون ليوم 25 ديسمبر 
 وأضاف: أن التاريخ 25 ديسمبر اليولياني الشرقي كتاريخ هو صحيح حيث كان متوافقًا و25 ديسمبر الغريغوري الغربي، بشكل خاص بعد اعتماد التقويم اليولياني المُعدل، فالتاريخان صحيحان ولكن حساب السنة هو المختلف. والأمر ليس فيه ما يزعج لأنه ليس خلاف عقيدى حول ميلاد السيد المسيح ولا هو مخالفة للكتاب المقدس في شئ إنما هو حساب فلكي بحت؛ لأن الشرق والغرب يستندان إلى نفس طريقة الحساب، أي تلك التي حددها المجمع النيقاوي في 325م، في تحديد توقيت الفصول

واختتم: أما عيد القيامة بالنسبة للبطرياركيات والكنائس الأرثوذكسية جميعها فهو ليس مجرد اختلاف في تحديد عيد الميلاد، حيث يتم احتساب موعد عيد القيامة على أساس التقويم القمري وليس الشمسي، بل هو أعمق من هذا فعيد القيامة المسيحي يرتبط عضويًا بعيد الفصح اليهودي في كثير من رمزيته. كما أن تغيير موعد الاحتفال به يتطلب تغيير التقويم بشكل شامل يستدعي توزيعًا ليتورجيًا جديدًا. والبطرياركيات والكنائس الأرثوذكسية جميعها تحتفل بعيد القيامة (عيد الفصح) على ما توافق عليه آباء مجمع نيقية في عام ٣٢٥م، أولاً: أن يعيد الفصح دائمًا في يوم أحد. ثانيًا: أن يكون في الأحد الذي بعد 14 القمري أي بعد بدر الاعتدال الربيعى.