رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أهلًا يونيو.. شهر الأعياد والدروس والعبر

ما أغرب تحولات الحياة، وما أبعد ما كنا نحس به من مشاعر حين يطل علينا شهر يونيو في الماضي، مقارنة بما نحس به هذا العام، والآن وتحديدًا هذه الأيام الأخيرة من شهر يونيو، فلقد تحول شهر يونيو هذا العام إلى شهر الأعياد والدروس والعبر والفرحة، بعد أن كان شهر يونيو هو شهر النكسة المروعة التي أصابت مصر في ١٩٦٧، فجعلته شهرًا حزينًا نريده أن يمر بسرعة ولا نريد أن نتذكر ما حدث فيه.
ففي ٥ يونيو ١٩٦٧ جثم الاحتلال الإسرائيلي على قطعة غالية من أرض وطننا الحبيب وهى أرض سيناء  بعد هزيمة مصر وسوريا وفقدان آلاف من الشهداء الأبرار من جيشنا الباسل في حرب يونيو ٦٧ والذي أسفر عن احتلال جزء غال من أرضنا واحتلال الجولان في سوريا، وإذا كانت انتصارات مصر في حرب أكتوبر المجيدة في ٦ أكتوبر ١٩٧٣ وتقدم أبطال الجيش المصري لاسترداد الأرض المسلوبة والعبور من النكسة إلى النصر بعبور خط بارليف المنيع الذي أقامته إسرائيل باعتباره من المستحيل اختراقه، فإن اختراق الجيش المصري له والعبور إلى سيناء ورفع العلم المصري عليها قد جعل حرب العبور هى حرب استرداد الكرامة والعزة حتى يومنا هذا.
إلا أنه ورغم الانتصارات المجيدة في حرب أكتوبر ثم استرداد كل شبر من أرضنا الطاهرة، إلا أن يوم ٥ يونيو ١٩٦٧ كان ولا يزال يومًا حزينًا لنا نتذكره لنستلهم منه الدروس والعبر واليقظة والحذر للحفاظ على كل شبر من أرض وطننا الحبيب، غير أنه من ناحية أخرى فإن شهر يونيو هذا العام يهل علينا بمناسبتين عظيمتين فيهما من الدروس والعبر ما يجعلنا نعتبر هذا الشهر شهر الحرية والتلبية والفرحة والبهجة وأيام خير وتضحية وطاعة الله العلي القدير، وأيضًا هو هذا العام شهر فريضة الحج والزكاة، لهذا فإن لدينا مناسبتين وعيدين يحملان معهما البهجة والفرحة.
وأقصد بهما عيد الأضحى بأيامه المباركة والذي تهل فيه وقفة يوم عرفة اليوم، وغدًا تبدأ أول أيامه الـ٤، وتقدم فيه الأضاحي لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين وتحلو فيه التلبية منذ فجر يوم عرفة، حيث تصدح أصوات المسلمين في جميع أنحاء العالم بالتلبية:"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك "، وتذوب الأجناس والجنسيات ولا يصبح هناك سوى صوت التلبية وصلاة العيد الكبير، وصيام عرفة والدعوات التي نشعر أنها مستجابة ونوجه جميعًا عيوننا وقلوبنا ناحية الكعبة الشريفة، حيث تنقل شعائر فريضة الحج علي الهواء مباشرة ليري المشاهدون أروع مشهد، حيث يتجمع في أرض المملكة العربية السعودية أكثر من ٣ ملايين حاج لأداء الفريضة الإسلامية ويشاهدهم أكثر من ٢مليار مسلم  على الفضائيات، حسب أحدث دراسة أجريت في ٢٠٢٣ ويرددون معهم التكبيرات والتلبية، حيث يشكل المسلمون ٢٥ في المائة من سكان العالم، ويشكل الإسلام ثاني أكبر دين في العالم، وتأتي مصر رقم ٦ في مصاف أكبر دول العالم التي بها مسلمون بعدد ٣٨٣ ،١٠٧ مليون  فرد.
ويقوم المسلمون بتقديم الأضحية التي هى إحدى شعائر الإسلام التي يتقرب بها المسلمون إلى الله بتقديم الذبح وذلك من أول أيام العيد وحتى آخر أيام التشريق، ويعيد لأذهاننا العيد الكبيرذكري قصة إبراهيم عليه السلام عندما رأى رؤيا أمره فيها الله بالتضحية بذبح ابنه إسماعيل، وبعد تصديقه وابنه للرؤيا حيث هم بذبح ابنه، أمره الله  بتقديم أحد الأضحية بدلًا عن ابنه، ولذلك يقوم المسلمون في جميع أنحاء العالم بذبح أضحية  من الأنعام «خروف أو بقرة أو جمل» ويوزعونها على الأقارب والفقراء وأهل بيتهم، ومن هنا جاءت تسمية عيد الأضحى.
فاللهم تقبل منا الطاعات وارزقنا البركة والخير والسلام بحلول عيد الأضحي المبارك، واغفر لنا وارزقنا صلة الأرحام والأحباب بخير وسلام. واغفر لموتانا وأدخلهم فسيح جناتك، وارزقنا الفرح والإخلاص في القول والعمل، وهب لنا من لديك فرجًا قريبًا ونصرًاعزيزًا وفرحة قد تمحو الحزن وتعطينا صحة أفضل لنا ولأبنائنا واجعلنا وأسرنا من أهل الإيمان والتوحيد بك، وتمم فرحتنا وسرورنا  نحن وأحبابنا، وانصر وطننا الحبيب ووفر له الاستقرار والتقدم والآمان. 
أما العيد الثاني الذي يجعلنا نبتهج بشهر يونيو فهو أننا غدًا إن شاء الله نحتفل بمرور ١٠ سنوات على ثورة ٣٠ يونيو الشعبية العظيمة التي قام  بها الشعب المصري وحماها الجيش والشرطة من منطلق إرادة شعبية كاسحة شارك فيها كل المخلصين الوطنيين وأفتخر بأنني شاركت فيها أنا وجميع أفراد أسرتي الصغيرة وأمي الحبيبة وأنها ثورة ضمت كل  فئات الشعب في كل المحافظات والميادين الكبرى، حيث  ملأوا ميادين مصر كلها بصيحات عالية بلغت عنان السماء وصاح بها ملايين من النساء والرجال والشباب والأطفال والجدات والأجداد وحزب الكنبة أيضًا كانوا يرددون: "ارحل .. ارحل"، وذلك للخلاص إلى الأبد من حكم جماعة الإخوان المتأسلمين بعد عام أسود هو الأسوأ في تاريخ مصر.
 وغدًا نحتفل  في كل بيت مصري بأننا قد نجحنا في تحقيق النصر على الظلام والجهل والتطرف، وتزييف الدين علي يد جماعة تآمرت على الوطن تحت ستار الدين الإسلامي والدين منها براء، وعادت مصر إلى شعبها الأصيل الوسطي الذي أعلن إرادته للعالم في الخلاص من كل دعوات ودعاة التطرف والتكفير واحتقار المرأة والعودة بمصر إلى الوراء، فيا لها من أيام تتواكب فيها الأفراح والعبر بأن إرادة الشعب هى الأقوى وأن رجال الجيش المصري والشرطة المصرية كانوا على عهدهم بتلبية إرادة الشعب المصري في استرداد مصر ممن حاولوا خطفها انطلاقًا من مؤامرة دولية لتدمير الوطن الحبيب، إلا أن محاولتهم قد باءت بالفشل وتم تطهير البلاد من الإرهاب الأسود.
وتتجه مصر نحو التقدم والبناء والاستقرار بأقصي سرعة ممكنة، تحت قيادة وطنية مخلصة وشجاعة ورئيس هو من أبنائها الشجعان المخلصين، فلقد انتخبنا الرئيس عبدالفتاح السيسي لدوره الوطني الشجاع هو ورجال الجيش المصري في دعم إرادة الشعب المصري في الخلاص من الإخوان وأتباعهم من الإرهابيين، وغدًا يجتمع معًا احتفالان عظيمان ينشران الفرح والسرور في كل ربوع مصر، وهما ذكرى مرور ١٠ سنوات على قيام ونجاح ثورة الشعب المصري في  ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ميلاديًا، وحلول ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، فكل عام وكل مصري محب لوطننا الحبيب بخير، وكل عام والأمة الإسلامية بخير وبركة بمناسبة عيد الأضحى المبارك الذي حل في ١٠ ذي الحجرة ١٤٤٤ هجريًا وينتهي بعد غد في ١ يوليو ٢٠٢٣ ميلاديًا،، وأهلا بشهر يونيو، شهر الأعياد والفرحة.