رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ارتفاع الأسعار فى العالم وفى مصر.. مواجهات وحلول

إن الحديث عن ارتفاع الأسعار هو الآن حديث فى كل بيت فى أنحاء العالم، حيث تعتبر الأزمة الاقتصادية التى يمر بها العالم محل اهتمام المواطنين والدول، لأنها مشكلة ملحّة وحيوية تمس الحياة اليومية للجميع، وارتفاع الأسعار خلال الشهور الأخيرة أصبح يتطلب مواجهات وحلولًا، لأنه يمس مشكلة الغذاء اليومى لكل الأسر أينما كانوا، بل يمس المرأة بشكل خاص، لأنه يتعلق بغذاء أبنائها وبميزانية بيتها التى هى المسئول الأول عنها، وارتفاع الأسعار فى مصر خلال الشهور الأخيرة هو محور اهتمام كل بيت فى مصر وكل الأسر المصرية، خاصة المرأة المصرية التى عليها تدبير معيشة أفراد أسرتها التى طالما كانت فى الصفوف الأولى لتحمل الأزمات والتغييرات والأخطار التى واجهت بلدنا خلال الـ١٢ سنة الماضية.

وفى كل المواجهات والأزمات أثبتت المرأة فى بلدنا أنها قادرة على الصمود، وأثبتت دورها الوطنى فى حفظ واستقرار الوطن.. بل تقدمت الصفوف الأولى فى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ الشعبية التى طالب فيها الشعب المصرى برحيل قوى الظلام والتطرف والـتآمر عن سدة الحكم، ونجحت الثورة الشعبية المجيدة والكاسحة فى إزاحتها إلى الأبد بعد عام أسود شهدنا فيه أسوأ الجرائم والعنف والخيانة والقتل للمصريين.

ومن تحليل مواقفها الوطنية المشهودة فإن المرأة، فى تقديرى، تعد الآن هى الحارس الأول لاستقرار وتقدم الوطن، ولهذا تحملت الأعباء الاقتصادية التى واكبت ٢٥ يناير ٢٠١١ مع انتشار تيار متطرف يقوم بتخريب وتدمير وحرق المنشآت والمؤسسات.

والمرأة المصرية حتى الآن لا تزال صابرة ومدركة، وأن عليها أن تعبر الأزمة الاقتصادية الحالية إيمانًا منها بأن عليها تدبير معيشة وغذاء أسرتها، خاصة المرأة المعيلة والكادحة التى تشكل حوالى ٣٣ فى المائة من عدد السكان.. والمتزوجة أيضًا تدرك أن عليها أن تدبر ميزانيتها وفقًا لدخل الزوج ودخلها إن كانت امرأة عاملة، إلا أن استمرار ارتفاع الأسعار قد أصبح بالنسبة لربة البيت يشكل معضلة ممزوجة بالقلق والحيرة مع ارتفاع الأسعار الذى طرأ ويتزايد فى الشهور الأخيرة، بحيث لم يعد هناك معيار لما سيحدث، وأى سلعة من السلع سيرتفع سعرها، وإلى أى مدى.. وهذه مشكلة تتمحور حولها محادثات معظم السيدات فى البيوت.

فهى المشكلة الأكثر تعقيدًا الآن، وفى حاجة إلى حلها من قِبل الدولة والمسئولين فيها، والتى تعرف المرأة المصرية أن سببها الرئيسى هو جشع كثير من التجار أولًا، ثم استيراد بعض السلع الأساسية لعدم توافرها فى بلدنا، ما يرفع من سعرها لأنها تستورد بالدولار.. إلا أن هناك عددًا من المواجهات والحلول قامت بها بعض حكومات الدول بهدف خفض أو تقليل الارتفاع فى الأسعار، وفى بلدنا لا بد من حتمية مواجهة تلاعب بعض التجار الكبار بالسلع وتخزينها انتظارًا لرفع سعرها، وهذا الأمر فى حاجة إلى رقابة مزدوجة على الأسعار المعروضة من قِبل الأجهزة الرقابية التابعة للدولة، وفرض غرامات، كما قامت بذلك بعض الدول التى ارتفعت بها الأسعار، وأيضًا لا بد من أن تعرف الأجهزة الرقابية أماكن التخزين التى يتعمد التجار وضع السلع بها انتظارًا لرفع سعرها على المواطنين.

لهذا فإننى أطالب باتخاذ إجراءات عاجلة وجزاءات حاسمة يتم توقيعها على التجار الذين يتلاعبون بأسعار السلع ويرفعون أسعارها بشكل مبالغ فيه، وأن تقوم الدولة بفرض نسبة ربح معتدلة ومقبولة، بحيث تكون فى متناول المواطن المتوسط الدخل، وزيادة منافذ بيع السلع المدعمة لأصحاب الدخول المحدودة والصغيرة، ووضع رقابة على الأسعار التى يرفعها التجار إما لجشعهم وإما وفقًا لخطط ممنهجة تستهدف إظهار عجز الحكومة عن وقف الارتفاع فى السلع الشعبية والأساسية للأكثر احتياجًا ومنع التلاعب بأسعارها من جانب التجار، خاصة أن بعض السلع الشعبية والأساسية فى الغذاء اليومى للأسرة المصرية قد ارتفع سعرها فى الشهور الأخيرة ارتفاعًا غير مقبول، مثل الخبز والأرز والفول والعدس، والدواجن والمكرونة والألبان والسكر والملح والزيت والخضروات بأنواعها.

ولا شك أن ارتفاع الأسعار قد أصبح ظاهرة عالمية وليس فى مصر فقط، وأن التضخم قد أصبح يهدد استمرارية الأمن المالى للمواطنين وفى كل الدول، وذلك ما يجعلنى أقول إن الإعلام من الضرورى أن يلعب دورًا فى توعية التاجر بعدم رفع نسب الربح على السلع وعدم تخزين السلع بغرض رفع سعرها، لأن هذا يعتبر جريمة فى حق الوطن والمواطنة والمواطن المصرى، الذى أثبت قدرته على الصمود فى مواجهة المحن والأزمات التى أعقبت أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، فقد تحمل الكثير من أجل استقرار وبناء الوطن بعد محاولات تدميره من جانب الخونة والمتآمرين وإضعاف نسيجه الوطنى العريق والمتماسك.

إلا أنه من جانب آخر، وفى المقابل فإننى أرى أنه لا بد من أن تضع الدولة خطة زمنية محددة لوقف ارتفاع الأسعار المتصاعد، خاصة أننا علمنا أن تعويم الجنيه لن يتم خلال هذا الصيف، وأن الرئيس قد وجّه بتوفير السلع للمواطنين.. وإننى هنا أطالب المسئولين فى بلدنا بأن هذه الخطة الزمنية لمواجهة ارتفاع الأسعار من الضرورى أن يتم الإعلان عنها فى وسائل الإعلام بشفافية تامة، وأن تتضمن غرامات وعقوبات على التجار الجشعين الذين يغالون فى الأسعار أو يخفون السلع الضرورية لرفع سعرها بغية المزيد من الربح فيما بعد، وأطالب كذلك بأن تقوم النساء وربات البيوت بمقاطعة متاجر كل تاجر جشع يغالى فى الأسعار ولا يلتزم بالأسعار المقررة للسوق.

وأطالب المرأة المصرية بأن تتمسك بدورها الوطنى فى الحفاظ على استقرار الوطن بمقاطعة التجار الجشعين والتعاون مع أجهزة حماية المستهلك، وأن تقوم بالإبلاغ عن المتاجر أو السوبر ماركت التى تغالى فى الأسعار بشكل مستفز أحيانًا، ومن ناحية أخرى فإننى أطالب بأن يقوم جهاز حماية المستهلك بدور أكثر فاعلية فى مراقبة الأسعار والاهتمام بشكاوى المواطنين، وضرورة تخصيص أرقام ساخنة ومتاحة لتلقى شكاوى المواطنين من السوبر ماركت أو متاجر بيع المواد الغذائية أو محلات الأجهزة الكهربائية التى تغالى فى الأسعار، والقيام بتوقيع جزاءات عليها، وحتى لا يصبح سعر السلع الأساسية اليومية فى غذاء الشعب غير منصف للأسرة المتوسطة أو الفقيرة أو غير متاح.

وأطالب الدولة، أيضًا، بإتاحة المزيد من منافذ البيع التابعة لها فى كل الأحياء والمحافظات وبأسعار معتدلة، ووضع خطة واضحة ومعلنة بهدف مراقبة الأسواق والتجار الكبار، وبهدف إتاحة السلع الغذائية اليومية والأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة وفى أقرب وقت ممكن.