رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«االمتحدة» بيت الدراما الناجحة (1)

تُعد الدراما التليفزيونية من أهم عناصر قوانا الناعمة، فهي بحق قوة ثقافية مؤثرة في المجتمع لا يمكن تجاهل دورها المعنوي والتنويري والتوعوي، حيث انتشارها الواسع وامتداد تأثيرها وقدرتها على الجذب وسيطرتها على عقل ووجدان المشاهدين، فالرسالة الدرامية لها قدرة كبيرة على تخطي حواجز وجود المتلقي الأمي هجائيًا وثقافيًا وأصحاب الوعي المحدود من بين الجماهير، حيث تنفذ الرسالة الدرامية إليهم وتؤثر فيهم بإسلوب غير مباشر وبدرجات متفاوتة. 
ولا شك أن الدراما التليفزيونية تسهم في عملية البناء القيمي للإنسان، بشرط أن تشتمل على مضمون جيد وهادف يعكس واقع القضايا المعاشة ومشاكل المجتمع الذي تقدم فيه وله، وقد رأينا الأثر السلبي لتجاهل دورها عندما تخلت الدولة في أزمنة ما عن دورها المتميز فى إنتاج الأعمال الدرامية المتميزة، والاستعانة بكبار الكتاب والمخرجين في نشر الثقافة الرفيعة، والارتقاء بمستوى الذوق العام، وتزويد المشاهدين بالفكر الراقي، وبث القيم والسلوكيات الإيجابية المدعمة للمسئولية الاجتماعية للقائمين على العمل الدرامى.. 
أعتقد أن المتابع لتيترات الدراما التليفزيونية بات يلاحظ كيف تضخمت أعداد فرق العمل من أهل الإبداع الدرامي، والمعاونين لاستكمال بناء تلك الصناعة المصرية الرائعة التي كان لصناعها فضل الريادة عربيًا، وتمثل تلك الزيادة في أعداد فرق إنتاج الدراما ما يؤشر لزيادة الاختصاصات والأدوار الإبداعية والتقنية من جانب، ومن جهة أخرى تحقيق التواصل والنجاح في استخدام تكنولوجيات حديثة يستلزم التمكن منها إضافة أهل صناعها.
أيضًا ينبغي أن يلفت نظرنا زيادة تلك الأعداد إلى أننا بتنا بصدد صناعة ثقيلة لو تم الدفع في مجال تنميتها فستشكل موردًا ودخلًا اقتصاديًا مهمًا ومجالًا رائعًا للتعامل الإيجابي مع قضية البطالىة.
لقد عشنا في زمن تنافس قطاع الإنتاج الدرامي في التليفزيون وعصره الذهبي برئاسة المدير المبدع السيناريست الكبير ممدوح الليثي في تحقيق طفرة في مجال تقدم نوعية الدراما المقدمة عبر خطط وعمل وإدارة واعية، فتم دعوة كبار الكتاب والمخرجين، وأيضًا الشباب الواعد الموهوب بحسن الاختيار والتدقيق في إجادة تفاصيل تلك الصناعة الواعدة لتحقق في النهاية نجاحات رائعة، بجانب نجاحات شركة صوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي في منافسات إنتاجية بديعة.
وبرحيل الرائد المبدع ممدوح الليثي وبفعل متغيرات سياسية توقفت ماكينات إنتاج الدراما التليفزيونية، وسكنت وتوقفت الاستوديوهات للأسف عن استقبال أهل الإبداع.
ويعود الأمل مع توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي بدعم أهل الإبداع الدرامي وأن تدور عجلة الانتاج من جديد بإدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ومن منا يمكن أن ينسى الحوار البديع بين الرئيس والكاتب المبدع "عبد الرحيم كمال"، وإيمان الرئيس بدور القوى الناعمة وفي مقدمتها الدراما التليفزيونية في بناء مواطن الجمهورية الجديدة.
وقد بات واضحًا أننا أمام مؤسسة لديها رؤى وخطة محددة الأهداف لدعم كل سبل تنمية الوعي بأبعاد المرحلة التي نعيشها، وما ينبغي أن تسهم به الدراما التليفزيونية في بناء الإنسان.
كان لابد من إنتاج دراما تصنع حالة معايشة لدور مؤسسات الوطن وفي مقدمتها المؤسسات العسكرية والشرطية ودور رموزها الوطنية  عقب ثورة 30 يونيو 2013 في العديد من الأنشطة والإجراءات بهدف رفع الحالة المعنوية للشعب المصري، وصيانة الروح المعنوية والفخر الوطني للأمة المصرية، إضافة إلى رفع مستوي الوعي الجمعي وتنقيته من السرديات التاريخية المزيفة التي تخدم خطاب المؤامرة على مصر.
وقد كشفت دارسة للمركز المصري للفكر والدراسات عن أنه تأتي الدراما الوطنية أو دراما الوعي وعلى رأسها مسلسل الاختيار الذي تحول إلى ثلاثية تليفزيونية باعتبارها أهم خطوة في الحرب المعنوية ومعارك الوعي والتنوير، وقد ذهب صناع المسلسل إلى نمط "المحاكاة الوثائقية" بدلًا من الترميز، وذلك من أجل تقديم الحقيقة التاريخية كاملة وترك الحكم للجمهور.
ولفتت الدراسة إلى أن الدولة المصرية لجأت إلى مبدأ مهم هو حق الشعب في المعرفة والإعلام والإخبار، وأن سرد الحقيقة دون فواصل دعائية أو إبداء الرأي هو أقصر الطرق للصدق وإقناع رجل الشارع بما غاب عنه من تفاصيل تاريخية وسياسية.
وتابعت أن إنتاج ثلاثية الاختيار (2020، 2021، 2022 )، ومسلسل هجمة مرتدة (2021) يظهر مدى حرص الدولة المصرية على أن الحقيقة ملك للشعب، ومدى احترام مؤسسات الدولة المصرية لحرية تداول المعلومات وإخبار الشعب حتى بأدق التفاصيل ولكن في الموعد الذي لا يتعارض مع الأمن القومي، حيث يتم تقديم الحقيقة دون زيف أو رتوش أو تجميل.
وأوضحت أنه على العكس من ذلك، فإن التنظيمات الإرهابية والتيارات التي ادعت أنها تمارس المعارضة السياسية يومًا ما ، قد أدمنت تغييب جمهورها بسرد وقائع مزيفة وكاذبة، وادعاء المظلومية ، وإدمان سرديات تاريخية مزيفة وموازية، على أمل أن تصبح هي التاريخ الحقيقي، وللمفارقة فإن من يحاول دائمًا الاستثمار في جهل الناس بالحقائق، وسرد الأكاذيب التاريخية، هو الذي يدعي تمسكه بحرية الإعلام والصحافة وحقوق الإنسان في معرفة ما يجري!
وتواصل "المتحدة" دورها الوطني والتوعوي هذا العام  عبر إنتاجها دراما "الكتيبة 101"، وقد تابعنا في بداية حلقات المسلسل بعض ما كان يدور في شمال سيناء، حينما ظهر أحد الإرهابيين وهو يبحث في سيارة ليجد فيها ذخيرة ثقيلة، بدا أنه سيستخدمها في عملية إرهابية وبعدها ظهر الضابط القناص، الذي يقوم بدوره النجم "كريم فهمى"، وهو يخطر القيادة فى مركز العمليات بأن الهدف بات أمامه، ثم تتم العملية وتصفية الإرهابى المدعو هشام الشاذلى.
وتنطلق الأحداث سريعًا مع الفنان عمرو يوسف، الذى ظهر وهو بصحبة أفراد " الكتيبة 101"، في مداهمة نجحوا خلالها في تصفية مجموعة من الإرهابيين كانوا يتخذون من مزرعة وكرًا للهجوم على كمائن القوات المسلحة ، فضلًا عن كونها مخزنًا للسلاح. .
مسلسل " الكتيبة 101 " تتعامل مشاهده وسردياته البطولية مع تفاصيل نجاح الكتيبة في التصدي للعناصر التكفيرية التى حاولت التواجد في سيناء، حيث يعرض المسلسل بطولات القوات المسلحة في حفاظ أمن الوطن، إلى جانب، التضحيات المقدمة من رجال الجيش المصرى.. 
لاشك أن هناك طفرة ووثبة نجاح حققتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لدعم الوعي الاجتماعي والسياسي، عبر تلك النوعية من المسلسلات باعتبارها نقطة انطلاق لمشروع ثقافي من أهدافه فتح آفاق فكرية جديدة داعمة لكل ما من شأنه تنمية الانتماء للوطن لدى الشباب.
وللمقال تتمة حول الجوانب الأخرى لدراما مؤسسة "المتحدة للخدمات الإعلامية".