تقرير أممى: تقييد الوصول لضرورات الغذاء يولد المزيد من العنف واللا مساواة
كشف تقرير صادر عن المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء، والمقدم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ52، كيف تؤدي مختلف أشكال العنف الكامنة في المنظومات الغذائية إلى إلحاق الضرر بالناس، وتوليد ظروف تقضي إلى انتهاكات حقوق الإنسان، موضحا أن مصالح وهويات مختلفة تواجه أشكالا متقاسمة من العنف، فالمنظومات الغذائية لا تنتج الغذاء فحسب، لكن تعمل أيضًا على نحو يصب في تضخيم العنف وإنتاجه، وجعل الناس أكثر فقرًا وضعفًا وتهميشا.
وجاء في التقرير الذي يقع في 26 صفحة، وحصلت "الدستور" على نسخة منه، أنه لا يمكن إعمال الحق في الغذاء على نحو تام إلا عندما تفهم جميع الجهات الفاعلة المعنية كيف تفضي منظوماتنا الغذائية إلى جعل الناس عرضة للأذى. مسلطا الضوء على أن العنف الكامن في المنظومات الغذائية يؤذي الأشخاص المهمشين والمجتمعات الأصغر، والأسر المعزولة والعمال الذين يفتقرون إلى الموارد اللازمة للمساواة والتحرك الجماعيين.
العنف في أوقات الأزمات
وأشار التقرير إلى أنه سواء تعلق الأمر برب أسرة أو عامل أو منتج للأغذية على نطاق صغير أو على نطاق واسع، معرضون بوجه خاص للعنف في أوقات الشدة والأزمات، وعندما يكون مقدمو الأغذية عرضة للعنف، تصبح المجتمعات أيضا عرضة له. خصوصا مع تزايد العنف في المنظومات الغذائية في السنوات الأخيرة بسبب الترابط بين مختلف العوامل التي تؤثر في الأمن الغذائي العالمي.
ونوه التقرير بأن كثيرا من المجتمعات الريفية التي تعاني من فقدان سبل العيش التقليدية والمزارعون الذين يواجهون استيلاء الشركات القوية على أراضيهم يكونون أصلا متأثرين بشدة بتغير المناخ والجفاف، وفي كثير من الحالات تكون المجتمعات المضطرة إلى خوض صراع مرير مع الشركات من أجل الحفاظ على أراضي أجدادها وصون معارفها التقليدية وبذورها هي نفسها التي اضطرت إلى الاعتماد بدرجة كبيرة خلال الجائحة العالمية على معارفها وعادات أجدادها الغذائية وممارساتها الكلية من أجل البقاء.
ووجد المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء، حسبما جاء في تقريره، أن اللا مساواة الهيكلية قد جعلت أعدادا كبيرة من الناس عرضة للعنف، وفي المقابل مثل العنف النظمي سببا هاما للامساواة الهيكلية، وتتسبب هذه الحلقة المفرغة من اللامساواة والعنف النظمي في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، ولا تنتج المنظومات الغذائية الغذاء فحسب، بل تولد أيضا وتنتج العنف الذي يجعل الناس أكثر فقرا وضعفا وتهميشا.
تدهور الاقتصاد العالمي
وخلصت منظمة الأغذية العالمية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي في دراسة مشتركة إلى أن العنف والنزاع لا يزالات يمثلان المحرك الرئيسي للجوع الحاد في أجزاء كثيرة من العالم. واستنتجتا أن الجوع والعنف قد يستفحلان في ظل تدهو الاقتصاد العالمي، فيا ارتفعت نسب انتشار الجوع في العالم، ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع في المستقبل القريب، ما سيؤدي إلى احتياجات إنسانية قياسية، غير أن النزاعات والكوارث الطبيعية وحدها لا يمكن أن تفسر هذا الاتجاه. لأن فهم العنف النظمي الكامن في المنظومات الغذائية يتطلب النظر إلى هذه المنظومات باعتبارها جزءا من الاقتصاد العالمي. فالاقتصاد العالمي اليوم هو استمرار لعملية دامت قرونا في ظل دينامية قائمة على التبعية والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية على نحو يدعمه القانون الدولي عموما والنظم القانونية الوطنية.
ووفقا للتقرير، ينتهك العنف النظمي الحق في الحياة من خلال تقييد أو حرمان الناس من الوصول إلى ضروريات الحياة: الأرض والبذور والمياه والأسواق المستقرة والعمل الكريم. وعندما يجرد الناس من أراضيهم أو يضطرون إلى العمل في ظروق قاسية، فإنهم يصبحون أكثر عرضة للأذى المتكرر.
وفي ظل انخفاض فرص الحصول على الأراضي أو العمل الكريم، تقل قدرتهم على المساومة لأن قدرتهم على التفاوض على شروط مواتية في المعاملات التجارية أو العمل تصبح مقيدة. وهذه هي الطريقة التي يجعل بها العنف النظمي الناس ضعفاء وتابعين بينما يتيح لمجموعة صغيرة نسبيا الاستفادة من هذا الضعف، وبذلك يسمح للقلة التي تحوز أصلا السلطة والموارد باكتساب القدرة على تقييد الوصول إلى ما هو ضروري لإعادة إنتاج الحياة بما يولد المزيد من العنف واللا مساواة.