رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سعودى يبحث عن «بنها العسل»

أمام شارع ضيّق في مدينة بنها العسل بمحافظة القليوبية، اصطف مصريون بأعين شاخصة يتابعون الدقائق الأخيرة لمباراة المنتخب السعودي أمام الأرجنتين بكأس العالم 2022. الحدث جلل والأجواء حماسية لم يحرك أحد رأسه من أمام الشاشة وميسي لا يُعرف أين ذهب!، حتى أُعلن فوز الأخضر لتعم الأفراح.


قصة حقيقية وثقها فيديو لثوانٍ عدة تناقلته وسائل إعلام دوليّة (قبل 90 يومًا)، يسرع شاب مصري لصديقه يحتضنه ويرفع "الخفّاق الأخضر"، ويهتف فرحًا بإنجاز شعب ودولة لا يراها غريبة عنه، حيث اختلطت الدماء في الميدان، وتعمَّقت الوشائج البشرية والاقتصادية والثقافية.

ينشر سعودي الفيديو متسائلًا: «أين بنها العسل هذه؟»، ليرد آخر عليه: «المصريون أهلنا في كل مكان بالعالم».


مقطع قصير ليس الوحيد بالتأكيد، لكنّه يلخص حالة فريدة من العلاقات جمعت شعبين لا ينفصلان بل يكتملان في كل شيء، وإن اختلفت الأفكار حينا والاتجاهات أحيانًا.


والاختلاف كما يقولون لا يفسد للود قضية، لكن من يقول إن هناك خلافًا من الأساس ومن يديره؟، حتى تتحول مواقع التواصل الاجتماعي بين ليلة وضحاها لشاشة لعرض الأكاذيب، أقاصيص مكتوبة وفيديوهات محرّفة، عن أزمة «غير معروفة» بين قطبي العرب، ليتلقفها الأعداء وتصبح أنشودتهم لأيام.


وأهم من يظن أن شيئًا تغيّر أو سيتغير خلال 90 يومًا أو 90 عامًا، فالعلاقات متجذرة على مدى مئات السنين، وشعار «لا غنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب»، خالد في عقيدة السعوديين أسسه الملك عبدالعزيز آل سعود، وسار على دربه الأبناء.


ودعاة الوقيعة، وصفهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل سنوات بقوله «الإعلام الإخوانجي المصري يثير الشائعات دائمًا من أجل إحداث شرخ في العلاقات بين مصر والسعودية، لكنها صلبة ولا تتأثر بأي شكل من الأشكال. ولن يتغير هذا الشيء أبدًا".


أمر أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته اليوم من الإمارات، قائلًا: «لا تسمحوا للأقلام والأفكار ومواقع التواصل المغرضة أن تؤثر على الإخوة بيننا.. أحد الكتّاب أراد حذف كلمة الأشقاء العرب من القاموس العربي، وأنا أقول له إن ربنا يقول إنما المؤمنون إخوة».


يراهن دعاة الوقيعة على كسر هذه الأخوّة بالأكاذيب ويرون أنها ستصنع لهم مستقبلًا، ولهؤلاء نقول «عندما تكون الجذور عميقة.. لا يوجد مبرر للخوف من الرياح»!