رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كهنوت التنوير فى الدولة المدنية

أولًا، منْ هو الشخص الذى يستحق أن تعرفه عام 2023 للنساء والرجال؟
- الشخص الذى يجعل وجودك من ضروريات وجوده. 
- الشخص الذى يظل بجانبك حينما تنطفئ وليس حينما تضىء. 
- الشخص الذى لا يدع أى ظروف أو انشغال تقلل من اهتمامه بك. 
- الشخص الذى يؤمن ببراءتك حينما تكون كل الأدلة ضدك. 
- الشخص الذى يرى جمالك وأنت قبيح، ويرى رقيك وأنت وضيع، ويرى طيبتك وأنت قاس وشرير، ويرى وداعتك وهدوءك وأنت عصبى صاخب.
- الشخص الذى يفعل المستحيل لاستحضارك وسماع صوتك. 
- الشخص الذى يلمس حزنك وألمك وأنت صامت أو وأنت مبتسم. 
- الشخص الذى لا يطلب منك أن تبذل جهدا للإبقاء عليه.
- الشخص الذى حينما تسقط يكون هناك لانتشالك ورفعك.
- الشخص الذى يفهمك حينما تستعصى على الفهم ويتحملك حينما تصبح لا تطاق.
- الشخص الذى تسعد حينما تصمت معه.
- الشخص الذى يجيد الرقص على إيقاعات جسدك.
- الشخص الذى يكفر بكل شىء ويؤمن بك.
-----------------
ثانيًا، كيف نواجه أسوأ مخاوفنا؟ 
مهما تكلمنا عن مضار وخطورة الخوف فى حياتنا، ومهما شرحنا أن المخاوف أغلبها أوهام فى عقولنا وخيالنا الموروث منذ عهود سحيقة، فإن الطريقة المثلى هى "الفعل" الذى نقوم به لإبادة الخوف والمخاوف، ومن تجاربى وليس من قراءة الكتب أن الوسيلة الأكثر فاعلية والأسرع والتى تدوم، هى أن "نواجه الخوف بالفعل المضاد".
هذا يعنى أننى إذا حددت ما الذى أخاف منه فإننى لا أتجنبه بأى شكل أو درجة، بل أدخل إلى عرينه المتوحش وأعطيه فرصة أن يفترسنى، مواجهة مباشرة كاملة وعندما تمر لحظات وأفاجأ بأننى على قيد الحياة ولم يفترسنى شىء سوف أُشفى للأبد.
--------------
ثالثًا، الأعمال الدرامية عن المشايخ ورجال الدين
منذ سنوات طويلة كانت السعودية تدفع مبالغ طائلة لعمل مسلسلات تليفزيونية دينية إسلامية ومسلسلات درامية اجتماعية تروج لتعدد الزوجات واشتراط تحجب الممثلات وتعمل دعاية مدفوعة الأجر للثقافة الإسلامية عامة والوهابية السلفية.
والآن السعودية غرقانة فى المهرجانات الفنية والموسيقية وأوقفت هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وارتداء الحجاب أصبح بالاختيار وليس بالإجبار والفرض والضرب، أصبحت مصر مع الأسف فى المزاج العام سلفية وهابية لخلق سعودية بديلة فى المنطقة.
وأنا كتبت هذا المعنى فى مقالات سابقة العام الماضى وبعد النهضة فى السعودية والأخونة والتسلف الوهابى فى مصر، واليوم إذا سمعنا وقرأنا أن هناك نية لإعداد مسرحية فى شهر رمضان عن حياة الشيخ الشعراوى فهذا ليس غريبًا على الإطلاق.
بعض الناس اعترضوا على المسرحية لأن الشيخ الشعراوى قال إنه سجد لله شكرًا عندما علم بهزيمة مصر 1967م، فكيف نمجده فى مسرحية أو ما شابه؟ وبعض الناس اعترضوا لأن الفتاوى التى زرعها فى عقول الشباب والشعب المصرى على مدى سنوات طويلة هى فتاوى سلفية إخوانية وهابية تابعة للنسخة السعودية المتزمتة المتشددة من الإسلام وليس النسخة المصرية المعتدلة المرنة.
وأنا فى الحقيقة لست مع النوع الأول أو النوع الثانى الذى أبدى اعتراضه، أنا لى أسباب أخرى.
أولًا، المفروض أننا فى دولة مدنية وتحاول أن تصبح مدنية أكثر، رغم المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن مصر دولة إسلامية أو دينها الإسلام، المهم أننا دولة مدنية ونحاول التخلص من كل مظاهر الأخونة والتسلف والوهابية التى حدثت على مدى نصف قرن.
وفى الدول المدنية لا توجد فنون تعرض لحياة رجال دين ومشايخ ودعاة وأئمة وفقهاء، هذا هو السبب الرئيسى لاعتراضى وليس لأن الشيخ الشعراوى سجد فى الهزيمة أو كانت له فتاوى من النسخة الإسلامية السعودية، حتى لو لم يسجد فى الهزيمة وكانت له آراء الشيخ محمد عبده مثلًا، كنت سأعترض أيضًا، فالأساس هو الذى يهمنى وهو الذى يجب أن يكون واضحًا.
فالدولة المدنية يجب ألا تروج لأى شخصية دينية تتبع لأى دين أو طائفة أو مذهب أو ملة وبصرف النظر عن شكل آرائها الفقهية.
------------------
رابعًا، التناقض والانحطاط  فى النظرة إلى الجنس
حضارة القضيب.. Pallic Culture
منذ أزمنة موغلة فى القدم وفى معظم الحضارات والديانات القديمة، تم تمجيد قضيب الرجل باعتباره رمز الخصوبة والتكاثر، وكانت هناك احتفالات وقرابين وطقوس دينية تزهو وتفاخر بهذا العضو الذكرى، وقد تكلم العالم النفسى سيجموند فرويد، عن عقدة المرأة وهى "حسد القضيب" الذى يملكه الذكر ولا تملكه الأنثى، وهى لا تعوض هذا النقص إلا بإنجاب الولد الذكر.
وهناك علماء اعترضوا على هذا التحليل الفرويدى، ربما أولهم هو ألفريد أدلر، مؤسس علم النفس الفردى، فهو لم يتفق مع فرويد على الأطروحات الجنسية الثلاث التى قدمها لتفسير السلوك الإنسانى وهى "عقدة أوديب، عقدة الخصاء، وحسد القضيب" وهى المتسقة مع اعتبار فرويد الطاقة الجنسية هى أساس تاريخ البشر والحضارات بالتلبية أو بالقمع «التسامى وتحويلها لطاقة أخرى».
وقال أدلر إن القوة المحركة للإنسان هى ليست اللذة الجنسية أو الطاقة الجنسية، حسب فرويد ومدرسته، ولكن البحث عن معنى يجعله يتأقلم مع العالم من حوله.
والملاحظ وكما قلنا سابقا إنه تم تمجيد القضيب والزهو به وبقدراته فهو الذى يميز الذكر عن الأنثى، ولأن الذكورية قد سادت وهيمنت على التاريخ البشرى منذ عهود طويلة حتى الآن بعد التخلص من الآلهة الأنثى وأتباعها، وتزامن ذلك مع نشوء الملكية الخاصة فمن الطبيعى أن تظل حضارة القضيب هى المتحكمة عند الرجال والنساء على حد سواء فى الفكر والثقافة والوجدان والفنون ومقاييس الأخلاق وتكوين الأسرة الأبوية الذكورية وقوانينها لصالح الذكور، وهى تعرف بـPallic Culture.
ولأن مجتمعاتنا العربية والإسلامية متضخمة الذكورية فلا بد أن تتضخم حضارة القضيب،  والملاحظ أن الجنس الذى يشهد صولات وجولات الذكور هو نفسه الذى يدخل فى أحط الشتائم وأكثر الإهانات تدنيًا.
الذكور يرتكبون أبشع الجرائم كل يوم المادية والمعنوية والثقافية، حيث مدفوعين بالموروث المتجدد من حب القضيب والافتخار بإمكاناته وإذا كان ضعيف القدرات أنفقوا المبالغ الخيالية على المنشطات التى تعيد للقضيب فحولته.
فالذكورية لا يعنيها الرجال إلا بقدر امتلاكهم هذا القضيب المشهود له بطرق شرعية وغير شرعية بالكفاءة والتفوق، والنكات الجنسية سواء تلك التى تتهكم على ضعف كفاءة القضيب أو التى تزهو بارتفاع كفاءته تؤكد هذا الانحياز المخجل المضحك.
بسبب هذا الانحياز تكون الذكورية إهانة لإنسانية الرجال ونظرتهم لأنفسهم مثلما هى إهانة لإنسانية النساء ونظرتهم لأنفسهن، لكن بالطبع الإهانة من نصيب المرأة أكبر فهى التى توجه لها الشتائم الجنسية وأفظع السباب ما يتعرض للعملية الجنسية، أليس هذا تناقضًا وتدنيًا وانحطاطًا؟
---------------------------------
خامسًا، السوشيال ميديا فى بلادنا
واحدة صديقتى فعلًا أساءت لى عندما سألتنى عن قنوات على اليوتيوب أصحابها يقدمون مادة متخلفة وقبيحة، قلت لها أنا عندى برنامج يومى أضعه لنفسى بشكل متجدد فيه بنود ثابتة وهى، موسيقى وغناء عربى وإنجليزى وفرنساوى وإيطالى وإسبانى ويونانى وغيرها، وأفلام جريمة غامضة، قراءة أشعار عربية ومترجمة، برامج ثقافية وعلمية، وطبعا الكتابة.
قالت: لا بد أن تشاهدى قنوات اليوتيوب التى سأدلك عليها بالاسم وضرورى تكتبى عن أصحابها «نساء ورجالا» الذين يصدرون التخلف اليومى.
من باب حب الفضول للأسف سمعت كلامها، فما رأيته وسمعته أبسط شىء يقال عنه إنه الطريق المختصر للاكتئاب، غير الكآبة والإحساس بعدم الجدوى، وأننا خارج التاريخ والحضارة وكل احتمالات التقدم، وهذا يثير الأسى.
رجال ونساء ليس عندهم شىء يشغل بالهم إلا الرجوع بينا آلاف السنوات للوراء، رافعين راية حماية الإسلام والدين والدفاع عن الرسل والشرع وحلال ربنا، وتفسير كل الظواهر بأنها "بعد عن ربنا" وعاملين أوصياء على الناس ويصدرون أن الفن حرام أو على الأقل مشبوه، ومنْ يعملون بالفن ليس عندهم دين ولا أخلاق ولا يخافون ربنا يوم الحشر العظيم، ويهاجمون أى شخص لا يبسمل ويحوقل ويصلى على النبى وحافظ كتاب الله، وأى فتاة أو امرأة ليست محجبة.
وكل هذا وأكثر لأنهم جنود الدولة الدينية على التواصل الاجتماعى، ولغة الجسد لديهم غريبة وقبيحة وغير سوية اشفقت عليهم فعلاً.
فهم مزيج لم أشهده من قبل من الأمراض النفسية والأمراض العقلية والأمراض الأخلاقية والنفاق الدينى المتجذر والجهل المدقع بتاريخ أى شىء، جهل مفضوح، ولغة لفظية زاعقة كلها شتائم وتطاول على الناس فى كل مجال، وحاجة كده غلب أزلى، صيد فى الماء العكر، وفكر إخوانى سلفى داعشى فى منتهى الوضوح ومنْ يتابعهم أكيد وبالضرورة لا بد أن يكون على شاكلتهم.
والملاحظ أنهم مشغولون بإنصاف الذكور وتحقير الإناث، كل موضوع لا بد أن يعود فى النهاية بتقصير من النساء فى حق الرجال وعدم طاعة المرأة لزوجها إلى آخر هذه المنظومة الدينية الإخوانية السلفية الداعشية التى نعرفها، بالإضافة لتصدير معلومات خاطئة أو مبالغ فيها أو إلباسها بالعافية ثوب دينى، معناه أننا لم نعد مسلمين ومسلمات وربنا بيعاقبنا بأنه جعل العيشة صعبة ومؤذية وممتلئة بالجرائم العنيفة.
-----------------------------
سادسًا، كهنوت التنوير 
يدعون محاربة الفكر القبائلى، وهم منقسمون لقبائل وعشائر للتنوير، أو لنقل شلل التنوير، شلة فلان وشلة فلانة، كل شلة أو قبيلة تنشر وتروج وتعمل دعاية لأتباعها ولأفكارهم وخطط حاضرهم ومستقبلهم.
أفكار التنوير لم تعد مهمة، المهم الشللية المتوافقة فى الثقافة وردود الأفعال والتعليق على القضايا والدعاية لقنواتهم، وكل شلة تعتقد أنها العمود الرئيسى لأى تغيير طفيف يحدث، فلان مقتنع أنه خميرة التقدم، وفلانة مؤمنة أنها العمود الأساسى للتحضر والمواطنة والدولة المدنية. وعلى قنواتهم يتبادلون كلمات الإعجاب والتمجيد أو التأليه. مثل هؤلاء فعلا جعلونى أكره كلمة التنوير والتقدم والمواطنة من شدة واستمرار التجارة بها، الغرور والغطرسة بالضبط التى عند المتأسلمين أصحاب فكر الدولة الدينية. 
------------------
سابعًا، معيار جودة وصلاحية الأفكار.
لو شخص متخلف عنصرى ذكورى دموى عنيف مضلل كاذب غشاش مجرم لص قاتل، خلف 20 عيل وعيلة، وشخص آخر متقدم عادل صادق خلف 2 فقط، هل يكون الشخص الأول وعياله أفضل وأكثر صلاحية ومصداقية من الشخص الثانى فقط بحكم العدد الأكبر؟
-----------------
من بستان قصائدى 
بداخلى امرأة غريبة الأطوار 
تصحو بالليل 
وتنام بالنهار 
زاهدة فى أضواء الإعلام 
لا تقرأ نشرات الأخبار 
تغوص فى الرمال الناعمة 
ولا تسقط فى القاع 
تصل سالمة الى الشاطئ 
وهى السابحة ضد التيار 
ظل رجل لا يعنيها 
تفضل عنه ظل الجدار 
تنحت فى الصخر ملامحها 
تشق طريقها كما الأنهار 
ترهف السمع لحكمة الصمت 
وشدو الطيور فوق الأشجار 
بيتها بنيان من الكلمات 
طوابق من الروايات والأشعار 
لا تبالى بأحكام البشر 
كما الشمس مشرقة الأسرار 
تختار ما يُنبذ عقباه 
عندها سواء النور والنار 
لا تنخدع بظواهر الأمور 
وتفلسف دائما عبثية الأقدار 
ترقص على إيقاعات المحال 
تغنى ما يحير الأوتار