رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجدد الحياة سيفرغ كأس «الكوكتيل» المسمومة

لا يهمنى أن أفقد نظرى، لأننى أرى بعقلى وقلبى.. لا يهمنى لو فقدت القدرة على المشى، لأننى ولدت لأطير، ولا يهمنى أن أفقد حاسة السمع، لأننى لا أسمع أبدًا الكلام، ولا يهمنى أن أفقد الشم واللمس، لأن عندى رادار داخلى، ولست أبالى أن أفقد القدرة على الكلام، لأننى أعشق الصمت والهدوء، ولست أخاف الأمراض الخبيثة، لأن شفائى كامن فى فصيلة دمى.

 

العطاء الذى أمنحه هو ما يبقى

ليس صحيحًا أننا عندما نعطى، نفقد الأشياء. على العكس تمامًا من تجربتى الخاصة أن العطاء ثروة معنوية تضاف لرصيدى عندما أعطى الآخرين أتضاعف، عندما أعطى الآخرين أعطى نفسى، فأكتشف الجديد وتتنور بصيرتى، إعطاء الآخرين مصباحًا يضيء الدروب المعتمة، يعمر البيوت المهجورة، يوضح خفايا النفس، يقوى المناعة، يغسل الروح والجسد، ويزيل الكآبة والضيق والملل والاستسلام واليأس، جربت العطاء الذى يفتح لى الأبواب المغلقة، ويذيب سوء الفهم أو عدم الفهم، العطاء أقوى سلاح فى أشرس معركة، معركة ألا ننهزم فى عالم يستميت ليجردنا من إنسانيتنا، ويجعلنا نكفر بالمثل الرائع: "اعمل الخير وارميه البحر". هنيئًا لمنْ لا يزال يؤمن بالخير ولمنْ لا تزال تثق فى حضارة البحر.  

سعد زغلول طبعًا قائد ثورة 1919 الثورة الشعبية الهائلة التى رسمت ملامح الدولة المدنية الحديثة والدستور المدنى وخلع النقاب والمطالبة بالاستقلال، وكان سعد زغلول رئيس وزراء مصر ورئيس مجلس الأمة، وناظر الحقانية ووزير الداخلية وناظر المعارف العمومية، وكانت زوجته صفية زغلول أو صفية مصطفى فهمى، ولقبت بأم المصريين، حيث كانت سياسية نشطة وأول منْ خلعت النقاب، وأوائل المشاركات فى ثورة 1919، وبعد وفاته ظلت فى العمل السياسى دون توقف. وتوجد مستشفى "أم المصريين" على اسمها فى الجيزة.
وكانت مصادفة جميلة، أن مقر جمعية تضامن المرأة العربية التى أسستها ورأستها أمى "نوال السعداوى"، واستمرت 6 سنوات فى نشاط ثقافى وفكرى وفنى مكثف، كان فى شارع ضريح سعد - بيت الأمة - حيث دفن سعد زغلول، وهذه مفارقة تاريخية لها مغزاها ودلالتها لمنْ يفهم.
من مقولات سعد زغلول "فساد الحاكم من فساد المحكوم".
جملة بديعة وجذرية التفسير وعميقة الصدق والأمانة والنزاهة، ليتنا نتأملها ونتعلم منها، أوجهها للجميع بالطبع، لكننى أخص بها منْ يحاول تغيير العالم وهو عاجز عن تغيير ملاءة السرير التى ينام عليها كل مساء.
قبل أن تخدعوا الناس باستنارتكم وبطولاتكم الوهمية، طبقوا الاستنارة أولًا على سلوكياتكم اليومية وكونوا أبطالًا فى تصحيح تناقضاتكم وفسادكم. 

 

مخاوف وهمية

العادة لها سلطان قوى على النفوس، خاصة النفوس الضعيفة، الهشة، المقلدة للأغلبية، التى لا تشغل عقلها ولا تنتقد ولا تتخيل ولا تتفلسف، والاعتياد يستطيع أن يقولب الإنسان ويجمده ويصنع منه العجينة الطرية سهلة التشكيل، مستسلمة للأمور والأحداث.
والإنسان ورث من أجداده الأوائل القدماء "الخوف" الخوف من الطبيعة، من الآلهة، من الأمراض، من البقاء وحيدًا خارج القبيلة والخيمة والتجمعات.
قلة جدًا من البشر الذين يستطيعون كسر سلسلة الخوف المتجذرة عبر الأزمنة، لكن الغالبية يستسلمون للخوف، وفى أغلب الأحوال ما يخافون منه "مخاوف وهمية" صنعها الجهل والخضوع والجبن عن المواجهات.
وبالاعتياد وعدم تغير حقيقى أو جذرى فى طريقة تفكيرهم، تبقى المخاوف الوهمية فى حالة نشاط ونمو، ومع الوقت تصبح كالأسمنت المسلح راسخًا فوق العقول والقلوب حتى الموت.
لنحذر الاعتياد على الأشياء السلبية، لأن العادة لها هيمنة وسطوة واستبداد.

تفسير الرغبة فى الانتحار

أعتقد أن الرغبة فى الموت قبل أن يأتى بأسباب طبيعية، معناه واحد من هذه الأسباب أو كلها مجتمعة حسب كل حالة:  
الرغبة فى إنهاء الحياة تعنى أن الإنسان يشتهى الحياة بما لا يحتمل، بما لا تحتمل الحياة نفسها. 
الطموح إلى المحال بينما الممكن محبط. 
عندما يكتشف الإنسان حقيقة الحياة دون أقنعة أو تجميل أو أوهام أو مسكنات، ويكون غير قادر على التعايش معها فإنه يريد لها أن تختفى وهذا غير ممكن إلا إذا هو نفسه اختفى. 
انعدام الهدف وفقدان الفلسفة الحكيمة الشجاعة وفن إدارة العيش. 
أخذ الحياة بجدية أكثر مما تستحق وأكثر من اللازم.

مدارس حكومية تفرض تغطية الأطفال الإناث

التضحية بكرامة وإرادة وحرية البنات والنساء فى بلادنا أسهل شئ لدينا، وذلك من أجل ألا نثير حفيظة الرجعيات الدينية بكل أطيافها ودرجاته وأشكالها وأجنداتها، مع أن هذه الرجعيات الدينية هى ضد الدولة المدنية الحديثة وضد مفهوم الوطن أساسًا وضد الارتقاء بمصر، رجالها ونسائها وأطفالها.
أرخص شئ هن النساء والبنات والأطفال الإناث، هن "كبوش فداء" جاهزة فى كل العصور لكى تذبح وتقدم قرابين لأيديلوجيات سياسية أو ايديلوجيات دينية، كيف يحدث ذلك؟ كيف تفرض بعض المدارس الحكومية فى بعض مناطق الوطن أزياء لمفاهيم لا تعترف بالوطن؟ فرض الحجاب وزى اسدال موحد فى هذه المدارس أمر مفزع ومخجل، وهو يحدث على مسمع ومرأى الناس صباحًا هى المدارس دى فى مصر ولا فى مكان آخر؟ 

تجدد الحياة وكأس "الكوكتيل" المسمومة

هناك مجموعات من البشر لا ينفع معها إلا أن نرسلها لكوكب آخر، لا يستطيعون بعدها العودة إلينا، وإلى البشرية.
هم "كوكتيل" من الجهل والغباء والمرض والغرور والبجاحة والاستنطاع وزرع الانحطاط الأخلاقى والحضارى أينما ذهبوا، ولذلك لا ينفع معهم المناقشات والجدل والقانون والتهكم والنصائح والتسامح والتصالح والتعايش معهم، وهم متشبثون بهذا "الكوكتيل" ويفدونه بأرواحهم لو لزم الأمر ومصرون على أنه "الكوكتيل" المفيد لكى يشربه كل الناس وفى كل شبر من الكرة الأرضية.
وهم يتعامون عن آلاف الناس الذين صدقوهم وشربوا هذا "الكوكتيل" وحدث لهم تسمم جسدى ومعنوى وحضارى وثقافى، ويطلعون علينا وعلى البشرية بإعلان أن "التسمم" الحادث ثمن ضئيل للشفاء بعد أجل غير مسمى، وأنه يحدث لمنطق غامض لا يدركه الشاربون المتسممون الذين قد تأتى مكافأة تسممهم فى حياة أحفادهم غير المنظورة بعد.
وقد أثبتت التجارب والتاريخ قديمًا وحديثًا أن هؤلاء البشر هم أنفسهم لا يشربون "الكوكتيل" المسموم ولا يشربونه لأولادهم وبناتهم، بالطبع هم يشربونه بالإجبار للزوجات لأنهم لا يقبلون خروج الزوجة عن مسار الزوج وأفكاره.
وهؤلاء البشر وخاصة الآن بعد أن تفتحت العقول قليلًا، وأصبح من المحال احتكار المعلومات وتفسير التاريخ وتجاهل نجاح وتقدم  الأفراد والمجتمعات التى لا تشرب الكوكتيل المسموم أصبحوا فى ورطة مفضوحة علنًا بفضل الإنترنت ووسائل التكنولوجية الإعلامية المتقدمة، ولهذا السبب أصبحت بضاعتهم مكشوفة للزبائن لا شىء يغطيها.
هذا يفسر: لماذا أصبح هؤلاء البشر أكثر عنفًا وتناقضًا، يعلمون أن الوقت ليس فى صالحهم وصالح البضاعة الرابحة التى تعفيهم من التكسب من مهن شرعية تتطلب الجهد والعلم.
من بستان قصائدى 
لا تستطيع أن تفتح قلبى 
متى تهوى وتريد
كأننى نافذة 
أو باب شقتك 
أو صندوق بريد 
لقلبى كلمة سر
أغيرها كل يوم 
ثم أنساها 
هذا ما لا تدركه 
وهذا هو بيت القصيد