«البداهة والذكاء».. اعترافات نجيب محفوظ عن العقاد وطه حسين وسلامة موسى
كتب نجيب محفوظ مقالا بعنوان "ثلاثة من أدبائنا" بمجلة "المجلة الجديدة" في 1 فبراير 1934، كشف عن رأيه في الأدباء الكبار الذين تأثر بهم، وهم: العقاد وطه حسين وسلامة موسى.
وبدأ نجيب محفوظ مقاله بالحديث عن عباس العقاد، ووصفه بأنه "رجل البداهة"، أي الفطرة البصيرة والإحساس الصادق والطبع السليم، أضاف: "وهي درجة من الكمال يبلغها الصوفي بالاجتهاد ويحوزها الفنان بفطرته وطبعه".
ولفت أديب نوبل، إلى أن العقاد في نظره شاعر فنان قبل كل شيء، ومن أهم مميزاته، أنه ليس قشورا سطحيا وليس نغما لفظيا، بل معنى عميق يتذوقه القارئ ويحسه، ويعرفه فيه روحيا.
وأوضح أن الفطرة السليمة ظهرت فيما دعا إليه "العقاد" من تجديد في الشعر والأدب، خاصة وأن التجديد عند عباس العقاد ليس كما التجديد عند غيره، يضيف: "فنحن نفهم من التجديد عادة أنه الدعوة لمذهب جديد على حساب مذهب قديم، لكن العقاد لا يدعو إلى مذهب خاص وإنما يثور على التقليد والفناء في الغير ويدعو إلى تحرير العقل والشعور".
ويؤكد أن المقلدين ليسوا من أتباع "العقاد"، فالعقاد يسمو بالأدب إلى الذروة من الكمال والتبجيل وهذا طبيعي بالنسبة له لأن ملكته ملكة المتصوف.
وانتقل إلى طه حسين ووصفه بأنه "رجل الذكاء"، ويظهر ذلك في مكانتين من أهم مكاناته حسبما يرى أديب نوبل، وهما، البساطة والسخرية، يضيف: "وإنك لتقرأ لطه حسين فلا تعثر على كلمة شاذة أو جملة معقدة أو تعبير ملتو أو فكرة غامضة، وإنما تفهم كل ما يريد أن يفهمك إياه وأنت مرتاح سعيد في نشوة وصفاء".
وأشار إلى أن السخرية فتتضح بشدة في أسلوب طه حسين وتصويره للأمور، وهي في ماهيتها جمع للمتناقضات عن طريق الإشارة الخفية واللمحة البعيدة.
أما سلامة موسى، فوصفه نجيب محفوظ بأنه رجل عملي، لا يكترث كثيرًا للنظريات ولا يركن إلى النظر المجرد والتأمل الفني، وكل ما يهمه من النظرية أن يطبقها، لأنه منصب على الحياة وعلى الكمال في هذه الحياة.