رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين الانفصال وفرض السيادة.. محطات في تاريخ الخلاف «الصيني - التايواني»

الصين وتايوان
الصين وتايوان

تسببت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان، في تجدد الصراع الصيني التايواني بشأن السيادة على الجزيرة المتنازع عليها.

وجاءت الزيارة في ظل تهديدات شديدة اللهجة من قبل بكين التي تعتبر زيارة مسؤولين رسميين إلى العاصمة التايوانية "تايبيه" انتهاكًا صارخًا لحقوق الجمهورية الواحدة.

الصين تتوعد بالرد ″بأعمال عسكرية″ على زيارة بيلوسي إلى تايوان | أخبار DW  عربية | أخبار عاجلة ووجهات نظر من جميع أنحاء العالم | DW | 02.08.2022

تبعات الزيارة

ويتعلق الخلاف بين الصين وتايوان بمحاولة كل منهما فرض سيادته على الجزيرة،  حيث يرى سكان تايوان أنهم أمة منفصلة تريد الاستقلال رسميًا، بينما ترى الصين أن تايوان مقاطعة منشقة لابد من إعادة ضمها إلى السيادة الصينية، في الوقت الذي تعتبر فيه الصين زيارة بيلوسي إلى تايوان بمثابة تشجيع للعالم على الاعتراف بـ انفصالية تايوان.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن استقبال وزير خارجية تايوان لرئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، التي تلتقى رئيسة تايوان غدًا الأربعاء،  قد يكون لها تبعات كثيرة، لافتاً إلى أن هذه التبعات بدأت تتشكل وسط ردود الفعل الصينية التي تهدد بالعمليات العسكرية.

وتابع “فهمي” في تصريحات خاصة لـ"الدستور": “بالتأكيد المشهد يتجه لمزيد من الصدام بين تايوان والصين”، مشيراً إلى أن هناك قلقًا من التصادم بين الصين والولايات المتحدة.

وأضاف:" أوروبا ترى أن أي مواجهة بين بكين وواشنطن يعد أمر خارج عن السيطرة"، وأشار أنه في تقديره المبدئي أن المشهد يحتاج إلى مراجعة، بعدما هددت الصين باتخاذ رد الفعل العسكري.

هل يشجع الغزو الروسي لأوكرانيا الصين على مهاجمة تايوان؟ | سياسة واقتصاد |  تحليلات معمقة بمنظور أوسع من DW | DW | 07.03.2022

أزمة تاريخية

الخلاف بين الصين وتايوان بدأ عام 239 قبل الميلاد، حيث بدأ نزوح أول مستوطنين معروفين إلى تايوان وهم قبائل أوسترونيزيان، الذين يُعتقد أنهم أتوا من جنوب الصين الحالية، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

وظهرت جزيرة تايوان لأول مرة في السجلات الصينية عندما أرسل الإمبراطور كتيبة لاستكشاف المنطقة، وهو سلوك كانت تتبعه “بكين” لدعم مطالباتها الإقليمية.

ومنذ القرن السابع عشر، بدأت أعداد كبيرة من المهاجرين في الوصول من الصين، هربًا من الاضطرابات أو ظروف المعيشة القاسية.

وفي عام 1895، انتصرت اليابان في الحرب الصينية - اليابانية الأولى، واضطرت الصين إلى التنازل عن تايوان لليابان.

وبعد الحرب العالمية الثانية، استسلمت اليابان وتخلت عن السيطرة على الأراضي التي أخذتها من الصين، وبدأت جمهورية الصين، باعتبارها أحد المنتصرين في الحرب، في فرض سيطررتها على تايوان بموافقة حلفائها، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

الحروب الأهلية وأهم الحروب التي حدثت بالتاريخ | المرسال

حرب أهلية صينية

ولكن في السنوات القليلة التالية، اندلعت حرب أهلية في الصين، وهزمت قوات ماو تسي تونغ الشيوعية قوات الزعيم آنذاك تشيانغ كاي شيك.

وهرب تشيانغ وبقايا حكومة ما يعرف بـ(الكومينتانغ) إلى تايوان في عام 1949 وجعلوها مقرًا للحكومة، وبدأ الشيوعيون المنتصرون حكم البر الرئيسي باسم جمهورية الصين الشعبية. وقال كلا الجانبين إنهما يمثلان الصين كلها.

وسيطرت هذه المجموعة التي يبلغ عددها 1.5 مليون شخص، على السياسة التايوانية لسنوات عديدة، على الرغم من أنها تمثل 14 % فقط من تعداد سكان تايوان.

وقاد الرئيس لي تنغ هوي، المعروف باسم "أبو الديمقراطية" في تايوان، تغييرات دستورية نحو نهج سياسي أكثر ديمقراطية، مما أدى في النهاية إلى انتخاب تشن شوي بيان، أول رئيس من خارج حزب الكومينتانغ في الجزيرة عام 2000.

الصين الواحدة

بدأت العلاقات بين الصين وتايوان تتحسن في الثمانينيات، حيث طرحت الصين صيغة تعرف باسم "دولة واحدة ونظامان" تمنح بموجبها تايوان استقلالية كبيرة إذا قبلت إعادة توحيد الصين.

وتم إنشاء هذا النظام في هونغ كونغ لاستخدامه كعرض لإغراء التايوانيين بالعودة إلى البر الرئيسي.

ورفضت تايوان العرض، لكنها خففت من القواعد الخاصة بالزيارات والاستثمار في الصين.

وفي عام 1991، أعلنت تايوان انتهاء الحرب مع جمهورية الصين الشعبية في البر الرئيسي.

كانت هناك أيضا محادثات محدودة بين الممثلين غير الرسميين للجانبين، لكن إصرار بكين على أن حكومة جمهورية الصين التايوانية (ROC) غير شرعية، تسبب في عدم إمكانية عقد الاجتماعات بين الحكومات.
وفي عام 2000 عندما انتخبت تايوان تشين شوي بيان رئيسا، شعرت بكين بالقلق، حيث أيد صراحة "الاستقلال".

ما يينغ جيو

مناهضة الانفصال

وبعد عام من إعادة انتخاب تشين في 2004، أصدرت الصين ما يسمى بقانون مناهضة الانفصال، والذي ينص على حق الصين في استخدام "الوسائل غير السلمية" ضد تايوان إذا حاولت "الانفصال" عن الصين.

وخلف تشين شوي في الرئاسة ما يينغ جيو، الذي سعى بعد توليه منصبه في عام 2008، إلى تحسين العلاقات مع الصين من خلال الاتفاقيات الاقتصادية.

وبعد ثماني سنوات وفي عام 2016، انتخبت الرئيسة الحالية لتايوان تساي إنغ ون.

وتقود تساي الحزب الديمقراطي التقدمي (DPP)، الذي يميل نحو الاستقلال الرسمي النهائي عن الصين.

الجارديان: نواب بريطانيون يعتزمون زيارة تايوان خلال العام الجاري - بوابة  الشروق - نسخة الموبايل

من يعترف بـ تايوان؟

وزعمت "حكومة جمهورية الصين" في عهد شيانغ كاي شيك، التي فرت من البر الرئيسي إلى تايوان في عام 1949، في البداية أنها تمثل الصين بأكملها، إذ كانت تنوي إعادة احتلالها.

وشغلت تلك الحكومة بالفعل مقعد الصين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واعترف بها العديد من الدول الغربية باعتبارها الحكومة الصينية الوحيدة.

ولكن في عام 1971، حولت الأمم المتحدة الاعتراف الدبلوماسي إلى بكين وتم إجبار "حكومة جمهورية الصين" على الانسحاب.

منذ ذلك الحين، انخفض عدد الدول التي تعترف بـ "حكومة جمهورية الصين" دبلوماسيا بشكل كبير إلى حوالي 15.

ونظرا للانقسام الهائل بين هذين الموقفين، يبدو أن معظم الدول الأخرى سعيدة بالغموض الحالي الذي يلف وضع تايوان، حيث تتمتع الجزيرة تقريبا بجميع خصائص الدولة المستقلة، على الرغم من أن وضعها القانوني غير واضح أو محسوم.

تايوان: هل تشعل زيارة نانسي بيلوسي المرتقبة إلى الجزيرة نزاعا مسلحاً مع  الصين؟ - BBC News عربي

كيف تؤثر زيارة نانسي بيلوسي؟

زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان تجعل دعم وتأييد انفصال تايوان عن الصين أمر علني، قد تسلكه بعض الدول في الفترة المقبلة، ولا سيما أن أكثر المعترفين بحكومة تايوان يغلف تاييده الكثير من الغموض.