أزهرى يبين حجاب المرأة فى الديانات السماوية الثلاث
قال الدكتور محمد إبراهيم العشماوى، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، إن بعض التنويريين يزعم أن الحجاب رمز ديني إسلامي، وأنه من اختراع المسلمين، وأن فيه انتهاكا لحق المرأة في أن تلبس كما تشاء، من غير أن يفرض عليها شيء معين من الثياب، وللرد نقول: هذه الشبهة أوهى من بيت العنكبوت، فالحجاب ليس رمزا دينيا إسلاميا، بل هو رمز الحشمة عند النساء في جميع الديانات السماوية والأرضية إلى يومنا هذا، وحسبنا أن نذكر بعض النصوص من الكتاب المقدس، بعهديه القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل)؛ للتدليل على أن الحجاب كان لباس المرأة اليهودية والمسيحية، وأنه لم ينفرد به الإسلام، ففي (العهد القديم): “وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا، فَرَأَتْ إِسْحَاقَ، فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟ فَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ سَيِّدِي. فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ، وَتَغَطَّتْ” (سفر التكوين 24 :64-65).
وتابع العشماوى: وفيه أيضا: “خُذِي الرَّحَى، وَاطْحَنِي دَقِيقاً. اكْشِفِي نُقَابَكِ، شَمِّرِي الذَّيْلَ” (سفر إشعياء 2:47)، “هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ” (سفر نشيد الأناشيد 1:4)، “وكانَت سوسَنَّةُ لَطيفَةً جِدّاً، جَميلَةَ المَنظَر. ولَمَّا كانَت مُبَرقَعَة؛ أَمَرَ هذانِ الفاجِرانِ أَن يُكشَفَ وَجهُها، لِيَشبَعا من جَمالِها” (دانيال 13 :31-32)، وفي (سفر العدد5): "إذا شك الرجل بزنا زوجته، ويكشف رأس الزوجة، ويضع في يديها تقدمة التذكار التي هي تقدمة الغيرة، ويحمل الكاهن بيده ماء اللعنة المر، ويستحلف الكاهن المرأة قائلًا لها: إن كان رجلا آخر لم يضاجعك، ولم تخوني زوجك، فأنت بريئة من ماء اللعنة المر هذا".
وأضاف: وفي مدراش (سفر العدد 5/18) يذكر سبب كشف الكاهن شعر المرأة، فيقول: "ﻷنّ من عادة بنات إسرائيل أن تكون شعورهن مغطّاة، وبالتالي فإنّه لمّا يَكشف شعر رأسها؛ يقول لها: لقد فارقتِ سبيل بنات إسرائيل اللاتي من عادتهن أن تكون رؤوسهن مغطّاة، ومشيتِ في طرق النساء الوثنيّات اللاتي يمشين ورؤوسهن مكشوفة، "وقد أفتى حاخامات اليهود الربانيين في (التلمود) أن تغطي المرأة رأسها ووجهها تمامًا، ولا يُترك منهما إلا عين واحدة فقط، وشدد على ذلك الحبر اليهودي المعروف (موسى بن ميمون)، بتأكيده أنه لا يجوز للمرأة أن تمشي في الشارع أو حتى في فناء منزلها وهي حاسرة الرأس تمامًا، بل يجب عليها أن تغطي رأسها بمنديل على الأقل، بل قال (ابن ميمون) أيضًا: إن الرجل الذي يترك امرأته حاسرة الرأس؛ هو ملعون، وإن المرأة التي تكشف عن شعرها عند خروجها من منزلها؛ تكون بذلك قد خرجت عن ديانتها اليهودية، بل إنها كذلك تجلب الفاقة لأهلها، ليس هذا فحسب، بل كان مُحرمًا إلقاء الأدعية والصلاة في وجود امرأة متزوجة حاسرة الرأس، أو في حالة سماع صوتها، وذلك لاعتبار شعر المرأة وصوتها عورتين يجب تغطيتهما"، وفي (العهد الجديد): «لَا تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ، مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ، وَالتَّحَلِّى بِالذَّهَبِ، وَلِبْسِ الثِّيَابِ» (بطرس 3/3-1).
وأوضح وفيه أيضا: “وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي، أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغَطّىً، فَتَشِينُ رَأْسَهَا؛ لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ؛ إِذِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ لاَتَتَغَطَّى؛ فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا، وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ؛ فَلْتَتَغَطَّ” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورونثوس 11 :5-6)، ففي هذا أن النص أن حلق المرأة شعرها خير لها من أن تكشفه، وإذا كانت المرأة تقبح بلا شعر فالأولى بها أن تتغطى، ويأمر (العهد الجديد) المرأة بالحجاب عند الصلاة، فيقول: “احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورونثوس 13:11).
وأشار العشماوي: يأمر المرأة بالاحتشام في لباسها والتورع والتعقل، وينهاها عن التبرج والتكشف والسفور؛ فنقرأ ما يلي: “وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 9:2).
و"يشهد تاريخ الكنيسة المبكر على أنه في روما وأنطاكية وأفريقيا؛ كانت عادة ارتداء غطاء الرأس قاعدة أساسية بالنسبة للكنيسة، وهذا ما يؤكده الفن المسيحي المبكر، برسم النساء يرتدين غطاء الرأس، على سبيل المثال كل الصور التقليدية للسيدة مريم العذراء تظهر بها محجبة"، فلا عجب أن يأتي الإسلام متمما لهذه التعاليم الدينية في اليهودية والمسيحية، فيما يخص حشمة المرأة، فنقرأ في القرآن الكريم قول الله تعالى: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (النور 31:24).