رئيس المركز الفلسطيني: الجيش المصري أسقط المشاريع المنحازه والإرهاب سينتهي (حوار)
زيارة السجين ليست تطبيعًا مع السجان
الحراك في غزة كان يهدف لفك الحصار وإنهاء الانقسام
الدولة العبرية هي رأس الإرهاب في فلسطين وفي العالم كله
دعم مؤسسات القدس المحتلة أُولى الأولويات الآن، وهذا ما تعمل عليه القيادة الفلسطينية
الإرهاب سيظل موجودًا لأن محركه الرئيسي هو الفكر
ليبيا كساحة هي المرشحة الآن لتكون تجمع للإرهابيين
ما بعد داعش هي تنمية واستثمار كل الخلايا النائمة من أجل إسقاط الدول وخلخلة المؤسسات
سيقاتل رجل الأمن الفلسطيني داعش وكل إرهاب ينال من الآمنين
عبر الأشهر القليلة الماضية، كان هناك زيارات مكوكية بين الوفد الفلسطيني، بفصائله المتعددة، للوفد الأمني المصري، من أجل قضايا شتى، أبرزها احتواء التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ومناقشة قضية القدس واللاجئين والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وغيرها من الأمور المتشابكة والكثيرة المشتركة بين قطاع غزة ومصر.
اللواء د. محمد المصري كان نائبًا رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية، ويرأس الآن المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، وله دور بارز من خلال مركزه في معرفة الشأن الفلسطيني لما يتمتع به من علاقات على أرض فلسطين، فضلًا عن رؤيته الدقيقة والهامة لظاهرة التطرف والإرهاب المتواجدة على الساحة العربية والعالمية، والتي تمس في الأساس القضية الفلسطينية، التقته مؤخرًا "أمان"، وكان لنا معه هذا اللقاء:
• كيف ترى حراك الشعب الفلسطيني بشكله الحالي داخل قطاع غزة وخارجه؟
أعتقد بأن هناك أسباب عدة جعلت الشباب الفلسطيني يُعبّر عن غضبه، ثأرًا لكرامته ومدافعًا عن كل ما يملكه، وأهم هذه الأسباب:
توقف العملية السلمية، دون انجازات سياسية، أي انسداد الأفق السياسي، وحالة التغول لدى المستوطنين، كذلك الأمر ما يدور في الإقليم من حالة تمزق وقتال داخلي، سواء كان في سوريا، اليمن، العراق، ليبيا.... الخ، وأخيرًا السودان والجزائر.
ودعني أُفصّل أكثر، ما هو المطلوب من شاب لا يتجاوز العشرين من عمره، أي ولد في ظل "عملية سلام" كان يرجو منها وصول الشعب الفلسطيني للحرية والاستقلال وقيام دولته، فتفاجأ هذا الشاب بحالة اليأس والإحباط من الحالة العامة، إضافة إلى حالة الانقسام وانعدام الأمل بالمصالحة، والرئيس أبو مازن حذّر في خطابه بالأمم المتحدة من حالة الانفجار إذا ما استمرت هذه الحالة، لقد مرّ على الانقسام أكثر من 12 عامًا، وما زالت قوى الأمن الواقع (حركة حماس) تسيطر على قطاع غزة وترفض الالتزام وتنفيذ كافة اتفاقات المصالحة، وأخذت قطاع غزة رهينة بيد الإخوان المسلمين.
• لك مؤلف عن الظاهرة التكفيرية اشتركت فيه مع المفكر الفلسطيني أحمد رفيق عوض، كيف تري هذه الظاهرة؟
من الصعب الحديث عن ظاهرة الإرهاب والتكفير بمعزل عن المنطقة ككل، الظاهرة مرتبطة بشكل أساسي بما يحدث في الداخل، وأصبحت عابرة للحدود والقوي الدولية، وليست بمعزل عن هذه الظاهرة، الظاهرة لها طابع عولمي، ويتم استخدامها للضغط على (الخصوم والأعداء)، وعلى المستوي الغربي، تم استثمارها بشكل كبير جدًا، وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وتم صناعة عدو لأنه يجب أن يكون هناك عدو خارجي من أجل بقاء هذا الصراع مفتوح .
• هل مرتبط الدين في الأساس بفكرة العنف؟
الإسلام كفكر لا يمكن تشويهه، لذلك أنشئوا لنا ما يُعرف بالجماعات، فالإسلام يستوعب كل شيء، وليس طرح الإسلام كعدو بشكل مباشر، لذلك كان يجب أن يتم رفع شعار بديل من تيارات تخيف الآخرين بشكل كبير وتدفعهم لتبني الصراع والمواجهة، وهنا يجب حشد الرأي العام لمواجهة هذه الأفكار بشكل أو بآخر، سواء من "داعش" أو من جماعات "القاعدة" وأخواتها، وغيرها من التيارات، سواء في مصر أو في العراق أو حتى في الغرب، عن طريق ما عُرف بعمليات "الذئاب المنفردة"Lone Wolf، أو ما يعرف بالجهاد الفردي.
أعتقد أن الظاهرة التكفيرية قد انهزمت، وخاصة في سوريا (بلاد الشام) وفي العراق، وسوريا تحديدًا، وأقول على المستوي العسكري، وأُحذر على المستوي العسكري، أي على الشكل العمودي، أما على الشكل الأفقي فهي مازالت موجودة، وستظل موجودة على المستوى الفكري، لأن الفكر هو المغذي والمحرك لها، وستبقى إلى فترة كبيرة.
• هل ستدخل هذه الجماعات حيز عسكري آخر بعد فشلها، وما هي المناطق الجغرافية المرشحة لتصعيد؟
المنطقة المرشحة بعد سوريا والعراق هي ليبيا الآن، أُنظر لما يحدث بها من صراع تستغله دول إقليمية محددة، ليبيا البلد والأرض هي خزان السلاح المتجول في المنطقة العربية بعد انهيار حكم الرئيس القذافي، وما تشهده من فلتان أمني كامل، فقد أصبحت مستودع للسلاح لكل القوى التي تريد أن تستثمر وجودها في المنطقة العربية.
السلاح الموجود في ليبيا صوت متجول متحرك، بمعنى، تجد من الأسلحة الخفيفة (الكلاشنكوف) إلى الطائرة والدبابات، وكل ذلك في أيدي الميلشيات الطائفية والإيديولوجية، وأعتقد أن الهدف هو ضرب الاستقرار في المنطقة.
• هل من الممكن أن تأخذ الجماعات الإرهابية أشكال فكرية أخرى وأسماء تنظيمية مختلفة في المرحلة القادمة؟
كافة أنواع المتطرفين والجماعات المتطرفة من "القاعدة" و"داعش" بدأت تظهر من جديد في مناطق رخوة من الناحية الأمنية، وتحاول أن تنال من استقرار العالم العربي وأمنه القومي والاستراتيجي، وبالتالي يتم العمل من أجل ضرب الجيش المصري والدولة المصرية من خلال تكثيف تواجد هذه القوى في ليبيا مرورًا إلى سيناء، قصة الفكر موجودة من قَبل "داعش" وإنشاء دولته المزعومة، أما المرحلة الانتقالية ما بين سقوط "داعش" وانهيار منظومته العسكرية، هو تنمية واستثمار كل الخلايا النائمة من أجل إسقاط الدول العربية وخلخلة منظوماتها الأمنية والعسكرية والسياسية.
هذه العناصر لديها إعداد وتدريب وقدرات قتالية عالية جدًا، يدل على أن هناك دول كبرى تلعب وتدعم هذه الظاهرة بكل قوتها، والعمق الآن ينتقل إلى كثير من المناطق التي لا يوجد لديها تواجد أمني وعسكري ومرتكزات فكرية تواجه الظاهرة بشكل كبير، أعتقد أن المقصود ضرب الدول العربية، وضرب الجيوش، وأهمهم الجيش المصري الباقي والمتماسك أمام هذه الظاهرة، والذي أسقط كافة المشاريع السياسية التي تحمل طابعًا منحازًا أو طائفيًا، وهو آخر جيش قوي في المنطقة العربية.
• هل تكفي مواجهة هذه الظاهرة بالحرب والسلاح؟
لا أعتقد، فهناك دول كبرى ترعى هذه الظاهرة، وتريدها أن تبقى فاعلة، وهذه القضية ليست في العمق فقط في سيناء، بل انتقلت من بعض المناطق في العالم العربي إلى العالم الغربي، أما فكرة الحل العسكري فقط، نحن نرى الجيش المصري يقوم بدور ريادي في هذا الأمر، ولكن هذه الظاهرة تحتاج إلى عمق فكري وثقافي وتربوي، فالجيش المصري قادر على سحق هذه الظاهرة، لكن هذه المليشيات مسلحة ومدربة ومسخر لها كل الإمكانيات الدولية، هذا هو العامل الفارق في الأمر، إذا قضيت على عشرات بل المئات من الدواعش، لكن في نفس الوقت هذا الفكر يتمدد في عشرات بل آلاف من طلاب المدارس والجامعات الأخرى المختلفة، وهذا هو مكمن الخطورة، فالدولة تلعب دورًا للتنمية، ويجب أن تزرع سيناء بالبشر، بالمواطن المصري العامل، أعتقد أن اتفاقيات السلام مع إسرائيل في فترة ما حالت دون ذلك، ولكن مع تصاعد المد الإرهابي في المنطقة العربية يكون هذا الحل هو الأفضل.
يجب على الدولة المصرية والمجتمع الأهلي والمدني أن يساعد الجيش في القضاء على الظاهرة التكفيرية، لأنه يتغلغل في الأوساط الطلابية والجامعات، وحتى نواجه هذه الظاهرة يجب أن يكون هناك انفتاح على المجتمع، وسيطرة كبيرة على المنافذ الرئيسية للتنمية على صعيد التعليم والصحة، واستنفار كل الطاقات الفكرية لمواجهة ظاهرة التكفير والتطرف في المجتمع العربي والمصري.
• هل المجتمع المصري يستطيع أن يقاوم ظواهر الغلو والتشدد في الدين؟
المجتمع المصري مجتمع متدين، ولم يكن من طبيعته في أيٍ من مراحله التاريخية أن يكون مجتمع عنيف، ولم يكن دموي على الإطلاق، والشعب المصري قريب جدًا من قياداته الشرعية بشكل كبير جدًا، ولم يستجيب لدعاوي حدثت في المنطقة العربية من محاولات تفتيت وضرب الثقة بين الشعوب والحكومات بشكل كبير وموسع.
لقيادة المصرية أيضًا استطاعت أن تعبر في الثلاثين من يونيو خندق حصار الإرهاب، ولو كانت سقطت لكان مصيرها مثل سوريا والعراق وليبيا.
• كيف تري تسلل بعض العناصر الإرهابية من غزة عن طريق الحدود لمعبر رفح والذي تحت السيطرة الحمساوية لتنفيذ عمليات داخل مصر؟
لا أعتقد أن هناك تسلل منظم عبر غزة أو عبر معبر رفح إلى مصر لتنفيذ عمليات إرهابية كبرى، وهناك اطمئنان لمصر وعشق ومحبة لدور مصر التاريخي للقضية الفلسطينية عبر هذا التاريخ الكبير والعظيم، ولكن هناك تسلل لأفراد، ونحن كسلطة فلسطينية غاضبين جدًا على حكم الأمر الواقع في حركة حماس، ونقول لماذا لا تقوم بدورها بضبط الحدود بين مصر وغزة، وهي التي لديها الإمكانيات والشخوص والمعلومات على الأرض، ولديها القوة الكامنة ولديها جهاز أمني قوي ومدرب.
• هل تستطيع حماس أن تقوم بحل هذه المعادلة بين انتمائها الفكري وتحركها على أرض الواقع، أي بين المقاومة وبين الأيديولوجية وإدارة الدولة؟
لا أستطيع أن أعزل حماس عن انتمائها الفكري والتاريخي مع جماعة الإخوان، بغض النظر عن مدى الخلاف بين حركة فتح وحماس، وهذا شيء مقدس بالنسبة لنا، نحن نواجه الآن إرهاب الدولة العبرية، وهذا موقف القيادة السياسية في فلسطين، إن الواقع الفلسطيني يرفض إرهاب الدولة العبرية، وموقف أبو مازن لا يسمح على الإطلاق بوصف فصيل بالإرهاب، لأن هذا سيجعل الاحتلال يستغل هذا الأمر ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل وضد مقاومته المشروعة.
تسلل الأفراد من قطاع غزة عمل فردي شخصي من عناصر لا تريد أن تخدم القضية الفلسطينية، ونحن حريصين على أن تبقي حماس بعيدة عن وصفها كحركة إرهابية على الإطلاق، وللأسف يبدو أن هناك قيادات في حركة حماس تخلط كثيرًا بين أيديولوجيتها وبين العلاقات بين الشعوب والدول، ما بين مصر وفلسطين أكبر من الأيديولوجية وأكبر من الأحزاب.
• هناك تقارب بين حماس ومصر في المرحة الأخيرة، كيف تراه؟
هذا هو الوضع الطبيعي والمفترض أن يكون، ولا يجب أن ترهن حركة حماس موقفها من مصر لأيديولوجيتها الإخوانية أو لتحالفاتها التكتيكية، وأعتقد أن هذا التقارب بدأ يظهر وبدأت تخف العمليات على الحدود وتنتهي بشكل كبير، وهناك تنسيق كبير بين أمن حماس والأمن المصري، وهذا لمصلحة الشعبين ولمصلحة أمننا المشترك.
• هل تعتقد أن حماس راجعت مواقفها بخصوص توجهاتها في الشأن المصري؟
أعتقد أن وثيقة حماس والتي أعلنتها في مايو من العام 2017 هي بمثابة تطور في فكر الحركة ورؤيتها السياسية، وأرى أنها تتراجع عن موقفها الجامد كل فترة وأخرى، من حيث الأيديولوجية المتزمتة المنغلقة التابعة لجماعة الإخوان.
أنا كفلسطيني أعتقد أن هذه الوثيقة هي رسالة واضحة بأن تنظيم حماس لا يختلف في برنامجه السياسي عن برنامج منظمة التحرير الفلسطينية على الإطلاق، والتي تطالب بدولة فلسطين وعاصمتها القدس على حدود عام 1967 وحل عادل للاجئين حسب القرار 194، وبتالي اقتربت حماس إلى حد ما في برنامجها السياسي المعلن في هذه الوثيقة إلى برنامج فتح والمنظمة، ولذلك أبو مازن يرغب بأن تكون حماس داخل المربع السياسي للحركة السياسية الفلسطينية، ولا تخرج عن المظلة الشرعية الفلسطينية، وهو غير معني بإقصائها.
• ماذا لو قامت داعش بعملية إرهابية ضد إسرائيل، ماذا سيكون رد فعلكم في السلطة؟
أولًا وقبل كل شيء، هذا افتراض بعيد، وخاصة أننا لم نرى أي عملية قامت بها هذه الجهات الإرهابية، إن كانت داعش أو القاعدة، ضد دولة الاحتلال، حتى شعاراتهم لم تحمل في طياتها التحريض على إسرائيل، وإنما كان كل التحريض والفعل موجه ضد الدولة الوطنية العربية، تحت عنوان إسقاط "النظم الشمولية"، ولكن ردًا على سؤالك الافتراض في حال قامت داعش بعملية إرهابية ضد إسرائيل، بالتأكيد سيكون هناك الوضع معقد جدًا، ولكن القيادة السياسية الفلسطينية التي تنبذ العنف ومؤسستنا الأمنية التي تكافح الإرهاب على الصعيد الإقليمي والدولي، ستعمل كل الجهود كي يكون شعبنا بعيدًا عن هذه التهمة، خاصة وأن حكومة الاحتلال المجرمة في إسرائيل هي أصلًا تبحث عن هكذا ذرائع من أجل لصق تهمة الإرهاب بنضالات شعبنا.
نحن شعب يتطلع للحرية والاستقلال، ينبذ الإرهاب، ولن نكون في خندق داعش، ولن نجعل من هكذا شعارات مخادعة أن تجرنا وتحرف نضالات شعبنا، ولدينا قيادات أمينة وازنة اكتسبت التجربة وهي قادرة على التعامل مع ديناميكية الواقع، بما يضمن تنفيذ السياسات الحكيمة للقيادة السياسية، وعلى رأسها الرئيس أبو مازن، مع ملاحظة أن هذا السيناريو دُرس من قِبل المؤسسة الأمنية، وهي على وعي تام بخطورة ذلك.
نحن دولة تقف على الأرض بشكل واثق من نفسه، نحن لسنا إرهابيين، نحن طلاب حق وعدل، الدولة العبرية هي رأس الإرهاب في فلسطين وفي العالم كله، وهي وراء الإرهاب والغلو والتطرف، وهي الاحتلال بذاته، نحن جزء من استقرار المنطقة والإقليم والعالم أجمع، واستقرار العالم مرتبط باستقرار قضيتنا بشكل كبير، إذا لم تعطينا إسرائيل حقوقنا المشروعة لن نسكت وسنطالب بحقوقنا المشروعة.
• البعض منكم يُلقون بلائمة على مصر بشأن المصالحة، كيف تري ذلك؟
دائمًا وأبدًا القيادة المصرية مع الشرعية الفلسطينية، منذ الزعيم عبد الناصر حتى الآن، ولم تدعم أي فصيل على حساب فصيل ولا مليشيات إرهابية، ولم أقتنع طوال حياتي بأن القيادة المصرية تدعم فصيل على حساب الشرعية الوطنية الفلسطينية، الرئيس أبو مازن زار مصر عدة مرات والتقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة، وأعتقد أن هناك تفاهمات واتفاقات كثيرة في هذا الشأن، وكان موقف القيادة المصرية الداعم للشرعية الفلسطينية حاسم وقاطع بالقول: لن نقبل إلا بما يقبل به الفلسطينيون وما يقبله الرئيس الفلسطيني، ولا فصيل يمثل السلطة الشرعية سوى الرئيس أبو مازن، وبالتالي مطمئنون للموقف المصري بشكل كامل، ونأمل أن يوفقوا ونصل للمصالحة الفعلية برعاية مصرية، والرئيس أبو مازن يثق تمامًا بالدور المصري، ونحن كفلسطينيين نعتبر رعاية الدولة المصرية للمصالحة تشعرنا بالأمان، ولن تسمح القيادة المصرية بفصل قطاع غزة عن بقية الجسم الفلسطيني.
• يري بعض المراقبون أن السلطة في فلسطين تميل إلى الدور الإقليمي العربي أكثر من الدور المصري، كيف تري ذلك؟
نحن كفلسطينيين، والقيادة الشرعية الممثلة للشعب الفلسطيني، والرئيس أبو مازن واللجنة المركزية لحركة فتح، دائمًا ننظر للدول العربية من خلال موقفها من القضية الفلسطينية، ولا نتدخل بمشاكل الدول بعضها مع بعض، ولا نتدخل في الخلافات العربية العربية، وموقفنا مرتبط بموقفهم من القضية الفلسطينية من الأساس، إذا كان لديهم كلمة خير نقبلها ونناقشها ونتعامل معها، سواء من خلال الدعم المادي أو المعنوي، وأعتقد أن العمق التاريخي والجغرافي للعلاقة بين الشعبين المصري والفلسطيني، هي التي تلعب الدور الإيجابي، ولا أميل لتشخيص الأمور مع إيران باعتبارها صراع سني شيعي وأن الخلاف الآن هو خلاف سني شيعي، ولكن الخلاف بما يتعلق بتطلعات إيران التوسعية، ونحن نريد أن يعلم الجميع أننا نرفض استغلال القضية الفلسطينية في صراعات داخلية مع الدول العربية بعضها البعض كورقة ضغط أو ما إلى ذلك.
• كيف ترى موقف بعض الدول من الظاهرة الترمبية نسبة إلى "ترامب"؟
بعد مجيء السيد ترامب على سدة الحكم، دخلت الإدارة الأمريكية في مشاكل عديدة مع غالبية دول العالم، بل أكثر من ذلك، دخلت في صراعات مع أهم حلفائها الدوليين، هذا الرئيس تجاوز كل القوانين الدولية ويحاول كسر النظام الدولي واستبدال القانون بلغة القوة، فيما يخصنا كفلسطينيين، نرى أن ترامب تجاوز كل السياسات التي اتبعتها الإدارات الأمريكية السابقة تجاه حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقدّم كل شيء لإسرائيل، من القدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وقطع الأموال عن وكالة تشغيل اللاجئين، وقطع المساعدات عن المؤسسات الفلسطينية، وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأهدى الجولان السوري المحتل لإسرائيل، هذا ليس رئيسًا لدولة عظمى، ولا يتصرف كذلك، هو يتصرف كرئيس حزب يميني إسرائيلي متطرف، هذا السلوك خطر على استقرار وسلامة العالم.
سنقاوم هذه السياسات وسنبقى متجذرين بأرضنا، وسيذهب ترامب وسيبقى الشعب الفلسطيني ثابتًا، أما إذا كنت تشير للعلاقة مع إيران، فنحن كفلسطينيين لا ننظر لإيران كعدو، ولكن لا نرغب ولا نوافق على التدخلات الإيرانية بشئون بعض الدول العربية، ولا بشأننا الداخلي، مع التركيز على أن هذه الخلافات يمكن أن تحل بالحوار مع القيادة الإيرانية، وهذا الموقف قد يكون يحمل توجهات ما تم الاتفاق عليها في مؤتمرات القمم العربية المتتالية.
نحن مع الأمن العربي، وخاصة أمن الدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
• كيف تري الدور الثقافي الفلسطيني في توعية العالم العربي بالقضية الفلسطينية وسط تحديات داخلية تشوه القضية؟
الرئيس أبو مازن دائمًا ما يطالب الشعوب العربية والإسلامية بزيارة القدس، ويقول زيارة السجين ليست تطبيعًا مع السجان، وأنا من وراء قيادتي الفلسطينية أطالب بأن تأتي وفود عربية إلى القدس، لأنها درة القلب، وهي قضية عربية وإسلامية في الأساس، نحن نحاول أن نحافظ على عروبة القدس وفلسطينيتها، ومطلوب من كل المثقفين العرب أن يكون لهم دورًا في الحفاظ عليها من خلال الوعي بأهمية القدس وبخطورة المشروع الصهيوني.
• كيف يحافظ المواطن العربي على عروبة القدس والمسجد الأقصى؟
من خلال الدعم الاقتصادي ودعم مؤسسات مدينة القدس، العاصمة الأبدية لفلسطين، ودعم المؤسسات القائمة حاليًا في القدس المحتلة وقضاياها التعليمية والصحية والثقافية، حتى يتمكن شعبنا من البقاء في القدس ولا يتم ترحيل مواطنيها الأصليين من ديارهم.