الفنان محمد عبدالفتاح: نعالج العائدين من تجارب الانتحار عبر «ورش الحكى».. والمسرح المستقل غير مستقر
محمد عبدالفتاح.. فنان مسرحى مستقل، كان له إسهام فنى كبير من خلال عروض فرقته «حالة» التى تقدم مسرح الشارع، وعبر أعمال «بيت الحواديت» وعروضه المميزة فى الحكى.
وتوسع نشاط «عبدالفتاح» فى إقامة ورش تدريبية لتنمية المواهب الشابة، وكان آخرها الورشة المقامة حاليًا فى فن الحكى لـ«نساء فوق الـ٥٠ عامًا»، والتى ستقدم عرضها غدًا الثلاثاء ٨ مارس، فى بيت السنارى.
عن مسيرته الفنية وفن الحكى والورش التدريبية يتحدث «عبدالفتاح»، فى حواره مع الدستور»، خلال السطور التالية.
■ ماذا عن بدايتك مع المسرح؟
- فى البداية التحقت بفرقة مسرح اسمها «ستوديو منصور ٩٥» أسسها الفنان عصام توفيق والفنان محمد فوزى، وهما من تلاميذ المخرج الراحل منصور محمد، وأسساها وفاءً لذكراه واستثمارًا لمنهجه فى تدريب الممثل، وتدربتُ على يديهما تدريبًا تأسيسيًا، ثم التحقت بقسم مسرح فى كلية الآداب جامعة الإسكندرية، حيث تعلمت على يد العديد من الأساتذة العظام مثل: الدكتور أبوالحسن سلام، والدكتور محمود أبودومة، والمخرج الكبير أحمد زكى، وأشرف المخرج والممثل الكبير سعد أردش على مشروع تخرجى، وتعلمت منهم الكثير والكثير، وما زلت أُكن لهم كل الاحترام والامتنان. وبعد التخرج كنت جاهزًا لأن أنشئ مسرحى، فأسست فرقة «حالة»، وكانت متخصصة فى عروض مسرح الشارع، وهو نوع من المسرح ينتج عروضًا مؤهلة للعرض فى الفضاءات غير المجهزة للعرض المسرحى مثل «الشوارع والحدائق والأماكن العامة»، فبدأت مسرح الشارع سنة ٢٠٠٠ فى الإسكندرية، حيث لم يكن هناك مكان لعمل البروفات، فأجريت بروفاتى على الكورنيش، كذلك لم يكن لدينا مكان لتقديم العرض فعرضت على الكورنيش أيضًا. وهكذا جاءت الفكرة لتلبية احتياجنا للمسرح، وأعجبنى الموضوع، وبدأت أشتغل عليه بحرفية واكتشفت هذا النوع من المسرح أكثر، ثم انتقلت من الإسكندرية إلى القاهرة وكونت مجموعات مختلفة وقدمنا عروضًا كثيرة، واستمرت العروض حتى ٢٠١٠، كما قدمنا بعض العروض فى ٢٠١١ و٢٠١٢.
■ ما الصعوبات التى واجهتها خلال التجربة خاصة أنك تعمل بشكل مستقل؟
- لا أعتبرها صعوبات، بل محاولات للتعلم واكتشاف الفن والذات، وكل من يعمل بالفن يواجه صعوبات، فالمسرح المستقل فى مصر غير مستقر، وهناك فرق تتكون ثم تختفى، والفرق المستقلة الجديدة لا تتأسس على مشروع فنى واضح ولكن على تجمع عدد من شباب الخريجين يرغبون فى مخرج لتقديم المسرح.
■ كيف بدأت تجربة «الحكى»؟
- كنت مكتئبًا، وكنت أحكى لأصحابى، فعرضوا علىّ أن أخصص ليالى للحكى، فبدأت أحكى واستمتعت أكثر، وبدأت أول ليلة حكى فى ٢٠٠٧، فكنت أحكى كل أسبوع فى دار ميريت وأماكن مختلفة، وكان عدد الحضور قليلًا ولكن كان يزيد، وأصبح يُطلب منى تقديم ورش تدريب للحكى، فأسست مشروع «بيت الحواديت»، وهو مشروع خاص بالتدريب على فن الحكى، كتابة وأداءً وعرضًا، هو تدريب شامل: غناء ورقص وتمثيل لمساعدة الحكاء، وبالتزامن مع ذلك كانت فرقتى تقدم عروضها.
■ ما الشكل الفنى الأقرب لك؟
- الحكى، فأنا أستمتع بالحكى، وأستمتع بسماع القصص، ومعظم الناس يستمتعون بالحكى، «إحنا بنعمل فن عشان نتبسط ونبسط الناس».
■ هل يتجاوز «الحكى» دوره الفنى ليؤدى أدوارًا أخرى؟
- الحكى منشط للذاكرة، فمعظم الحكايات البسيطة الجميلة هى تجارب حياتية ملهمة للآخرين، كما أنه وسيلة للتخلص من الهموم، «فيه ناس بتيجى الورشة بعد محاولات انتحار»، الورشة بتدعم العلاج بالتنسيق مع الطبيب والأسرة، وأعتقد أنه لا يوجد علاج بالفن، والحكى يدعم العلاج لكنه لا يعالج، لذا نعمل فى تلك الحالات تحت إشراف الطبيب.
■ ماذا عن مناهج التدريب فى الورشة؟
- نحفز المتدرب على كتابة حكايته الشخصية وتقديمها بشكل محترف أمام الجمهور، ولدىّ دليل لتدريبات جربتها على مدار سنين وطورتها، تساعد المتدرب على كسر الخوف من الحكى الشخصى، ويعرف كيف ومتى وماذا يحكى، ولمن يحكى، هذا ما أعمل عليه فى التدريب. وتتعدد المراحل العمرية للمتدربين وفقًا لطبيعة كل ورشة، من ٥ سنوات إلى ٧٥ سنة، وكل مرحلة لها متطلباتها فى التدريب، وإيقاعها الخاص يختلف باختلاف المرحلة العمرية والثقافة وأسلوب الحياة ومكان المعيشة، أحيانًا أشتغل على قضايا اجتماعية مختلفة لها تدريبات خاصة، ولا أتعامل مع الحكاية بوصفها موضوع تعبير.
■ ما كواليس تعاونك مع «الطليعة» فى إقامة ورشة للحكى؟!
- «ورشة الطليعة» هى مبادرة من المخرج عادل حسان، مدير مسرح الطيعة، وهى من المرات القليلة التى أتعاون فيها مع مسرح الدولة، وقد تفاجأت بالمرونة الشديدة وتقدير ما أقدمه والاحتفاء به، وهو أمر يهمنى كثيرًا، ولقد استمتعت جدًا بالتجربة ونتاجها حتى الآن.
■ لورشتك خصوصية كبيرة.. أنت تعمل مع نساء فوق ٥٠ سنة.. حدثنا عن ذلك؟
- المتدربون أعمارهم مختلفة، لكن أغلبهم سيدات فوق الـ٥٠، وتدور الورشة حول حكايات مرحلة الطفولة إلى سن المراهقة، الحديث يدور عن ألعابهم، وأول يوم فى المدرسة، وعلاقتهم بأهلهم، وتجارب الحب.. هذه الحكايات البسيطة تجعلهم سعداء، الورشة تقام بالتعاون مع مؤسسة «أضف»، التى وفرت المكان والإمكانات التقنية، وهناك أماكن تدعمنا، مثل بيت السنارى ومركز جسور الثقافى، وسنقدم حصاد الورشة فى عرض بعنوان «٨ مارس»، سيقدم فى اللية الأولى غدًا ٨ مارس فى بيت السنارى بالسيدة زينب، والثانية يوم السبت ١٢ مارس فى مركز جسور الثقافى، وسيكون ختام الورشة يوم ٢٧ مارس، يوم المسرح العالمى، كما سيتم العمل على تحرير الحكايات أدبيًا وجمعها فى كتاب، وسيتم إعداد فيلم وثائقى عن الحكايات وتصويرها بشكل منفصل، ونعمل كذلك على تسجيلها وإذاعتها على «بودكاست».
■ ما مشكلات التسويق فى مجال المسرح؟
- ليس لدينا منهج لتسويق الفن بمصر، أنا فنان متخصص فى الحكى وليس التسويق، وهو جزء مفقود من الصناعة، وهناك تجربة مهمة هى «قواعد العشق الأربعون»، التى ظلت ٥ سنوات تعرض كاملة العدد، وهى تجربة جرى تسويقها بشكل مميز، ويجب الاستفادة منها وتكرارها فى العديد من العروض.
لكن بخلاف مشكلات التسويق لدينا مشكلة الرقابة، وهناك إجراءات معقدة نواجهها خلال استخراج تصاريح تصوير الأفلام فى مصر، «إحنا أكتر دولة تنفع تبقى مصدرة للفن والثقافة فى الشرق الأوسط، لتعود بمكاسب مالية، وتحدث تأثيرًا معنويًا للثقافة والفنون المصرية، وتأثيرًا عبر لهجتنا المحببة للعرب، لنعيد تشكيل الوعى والذوق»، ولكن يجب النظر إلى الفنون والثقافة كمشروع قومى تُيسّر له الدول سبل الدعم «اللوجستى والمالى والتدريبى»، مع التركيز على شباب المبدعين ومشروعاتهم.