عطية لاشين يرد على إنكار الإسراء والمعراج: معجزة ثابتة بالأدلة الشرعية
قال الدكتور عطية لاشين، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، أستاذ الفقه بكلية أصول الدين بالأزهر، إن هناك ثوابت في الدين الإسلامي يمنع الاقتراب منها والتصوير، هذه الثوابت دلت عليها الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وغدت معلومة من الدين بالضرورة.
أضاف لاشين، لـ"الدستور"، أن من هذه الثوابت التي أصبحت معلومة من الدين بالضرورة رحلة الإسراء والمعراج وإن شئت قلت: معجزة الإسراء والمعراج، دل عليهما كتاب الله في قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وقوله تعالى في سورة النجم (والنجم إذا هوى)، إلى أن قال سبحانه: (لقد رأى من آيات ربه الكبرى)، فضلًا عن الأحاديث التي امتلأت بها كتب السنة، خاصة صحيحي الإمامين البخاري ومسلم.
أشار إلى أن الإسراء والمعراج كانتا يقظة وبالروح والجسد معًا لقول الله تعالى: (بعبده) ومكونات العبد الروح والجسد معًا فهل نكذب الله فيما قال حاشا لله ونقول إنها كانت بالروح فقط، كما أنها لو كانت منامًا لانتفى عنها صفة الإعجازالخارج عن مألوف ومعقول البشر، كما أنها لو كانت كذلك أي منامًا ما قابلها المشركون بهذا الإنكار الفج.
وتابع: "أما ما فعله المخلوق ولم ينكر ذلك أحد ما جاء في قول الله عز وجل: (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل ان يأتوني مسلمين. قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين، قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) فعرش بلقيس كان باليمن في سبأ، وسيدنا سليمان كان ببلاد الشام وبينهما من المسافات الكثير والكثير والكثير ومع ذلك استطاع مخلوق في أقل من غمضة عين أن يأتي به٠
وأكمل: كما أن الريح التي سخرها الله لسيدنا سليمان كانت تقطع في يوم واحد ما يقطع في شهرين، قال تعالى: (ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر)، والريح مخلوقة لله عز وجل أفيقدر المخلوق ويعجز الخالق؟ كما أن الأقمار الصناعية وهي منتج بشري، والمركبات الفضائية والصواريخ العابرة للقارات تطوى وتتلاشى أمامها المسافات وما كان يقطع من هذه المسافات في شهور أصبح بهذه المخترعات يقطع في لحيظات أتقدر المخترعات ويعجز رب هذه المخترعات؟
وأوضح أن هذه بعض أمثلة من الواقع المعاش قوبلت بالتسليم والقبول وعدم الإنكار وهي تسلم في نفس الوقت بالتسليم والإقرار والاعتراف وعدم التكذيب لرحلة الإسراء والمعراج بل هي أولى ألف مرة بالتسيلم لأنها فعل الخالق الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
وأكد لاشين أن الحداثيين والمستغربين، والماديين يخضعون كل شيء للعقل فما وافق عقلهم أثبتوه، وما خالف عقولهم القاصرة جحدوه وأنكروه وكأنهم يجعلون العقل وهو مخلوق حاكمًا على شرع الله، أما صفات أهل الإيمان فلسان حالهم يقول سمعنا وأطعنا كما يقول ما حكاه عنهم القرآن: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولائك هم المفلحون).
ولفت إلى أن على رأس قائمة أهل الإيمان سيدنا أبوبكر رضي الله عنه الذي لقب بالصديق لأنه حينما بلغه خبر الإسراء والمعراج لم يعمل عقله المخلوق لله عز وجل بل أعمل يقينه الصادق حيث قال :( لئن كان كما قال فقد صدق).
ونوه لاشين بأن كل من يقر بما أثبته الله في كتابه وأكدته سنة نبيه فهو على نهج الصديق يسير وقد بلغ مرتبة ومنزلة عالية من اليقين، ومن نفا ما جاء به القرآن وما جاءت به سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فعلى خطى مشركي أهل مكة الذين جحدوا معجزة الإسراء والمعراج وكذبوها فهو متبع ومقلد لهم٠
واختتم حديثه قائلًا: "وأما ما يبديه البعض من التحليلات العقلية والبشرية وإن كان من أهل العلم بالأدلة التشريعية يعترض على رحلة الإسراء والمعراج من خلال قوانين الجاذبية ومخالفة التركيبة البشرية لأهل العلوية، فنقول لهم إذا أضيف الفعل إلى الله عز وجل فلا مجال لقول بشر لأن الله لا تحكمه قوانين بل هو الذي يسيطر على هذه القوانين ويحكم بقدرته بتوقف هذه القوانين".