«حلم جميل».. سامح حسين يستحضر روح «تشارلى شابلن» على النيل
ألهم فيلم «أضواء المدينة»، ١٩٣١، من تأليف وإخراج وبطولة وإنتاج تشارلى شابلن، صنّاع الفن حول العالم لإنتاج أعمال مختلفة معتمدة على قصته، مثل فيلم «راجيى حبيبتى»، للمخرج الهندى جى ماهاديفان، عام ١٩٥٤، من بطولة راماتشاندران، ومسرحية «رؤى الحب»، من إخراج مات ريكيويج، وبطولة كيرى ماكجيى، وأخيرًا مسرحية «حلم جميل»، من إنتاج فرقة المسرح الكوميدى، ومن إخراج إسلام إمام، وأعدها للمسرح الكاتب طارق رمضان، وشاركت فى الكتابة سلمى الطاهر.
تتطابق المسرحية مع الخط الدرامى للفيلم، إذ تحكى القصة عن متشرد يتيم يقع فى حب فتاة كفيفة تبيع الورد، فيسعى لتوفير المال لعلاجها بمساعدة صديقه المليونير.
وعلى الرغم من أن شخصيات الفيلم بلا أسماء، فإن الكاتب أصر على إعطاء الشخصيات أسماء مرتبطة بالقصة، فجعل اسم بائعة الورد «حلم»، لأن الفتاة تحلم باستعادة بصرها، وجسدت شخصيتها سارة درزاوى، وحاولت إظهار معاناة فاقدى البصر وتأنيهم فى الحركة خوفًا من الانزلاق.
أما المتشرد فأصبح اسمه «جميل»، وجسد الشخصية الفنان الكوميدى سامح حسين، وبيّن كيف يعانى البطل من كراهية الناس لشكله، ورغم ذلك يستطيع الحفاظ على أخلاقه ومشاعره الجميلة.
تدور أحداث المسرحية فى عام ١٩٤٥، وتبرز الفجوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء، وجسد شخصيات الأغنياء ناجح نعيم ورشا فؤاد وجلال هجرسى، وكانوا يشرفون على جمعية خيرية لمساعدة المتشردين، وينفقون الأموال على إقامة الحفلات الكبيرة والأغانى والاستعراضات.
وجسدت شخصية الصحفية، الفنانة علياء القصبى، وأوضحت أن طائفة الصحفيين فى هذا الوقت كانت تهتم بالمظاهر فقط وتدعى مساعدة الفقراء.
وظهر الفرق بين الفقراء والأغنياء فى الملابس أيضًا، إذ ارتدى الأغنياء البذلات والطرابيش، وفى المقابل يرتدى المتشرد ملابس بالية وحذاء بفردتين مختلفتين، وتفوح منه الرائحة الكريهة.
وتشير القصة إلى أن نجيب باشا، الذى جسد شخصيته عزت زين، استطاع أن يقضى على الفروق الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء، فهو مليونير سكير، اختار «جميل» صديقًا له، بسبب موقف جمع بينهما.
ويقرر «نجيب باشا» مساعدة «جميل» و«حلم» فى حل مشكلتهما وبدء حياة جديدة، وفى المقابل يرى «جميل» أن «حلم» جعلت لحياته معنى: «رديتى فىّ الروح».
«حلم» جعلت «جميل» يقبل على الحياة بعد أن أصبح له هدف يسعى لتحقيقه، وتسيطر أجواء البهجة على العرض المسرحى، ويتضح ذلك بالأغنيات التى ألفها طارق على، وموسيقى هشام جبر، واستعراضات ضياء شفيق.
وتعمد المخرج الاستعانة بالألوان الباردة، إذ يسيطر اللون الأخضر على العرض، ويظهر فى أوراق الشجر وفى مشهد المولد، كما استخدم الألوان الساخنة فى فساتين «حلم».
ونجح الفنان سامح حسين فى تقديم كوميديا خفيفة وصادقة، بتعليقاته الساخرة على الأحداث وتفاعله الدائم مع الجمهور.
كما استغل «سامح» سوء التفاهم الذى حدث مع «حلم»، حينما ظنت أن «جميل» رجل غنى، ليصنع كوميديا تبهر الجمهور.
ولعبت علياء القصبى ٣ أدوار مختلفة: صحفية وبائعة متجولة فى المولد وزوجة نجيب باشا.
ويعتبر المولد من المشاهد البارزة فى العرض، إذ تناغمت فيه الإضاءة باللون الأخضر، مع موسيقى الطبلة والعود، مع أغانٍ دينية ولوحات فى عمق المسرح، تجسد الكف وعروسة المولد ورقصة السما، ويعبر المشهد عن الخصوصية الثقافية والدينية التى تعمد صنّاع العرض تضمينها فى القصة العالمية.
تجدر الإشارة إلى أن هناك قصيدة شهيرة بعنوان «حب أعمى»، للكاتب فراس رمضان، تحكى عن رجل يحب فتاة ضريرة ويساعدها فى الحصول على مال لإجراء عملية لاستعادة بصرها، لكنها تفاجأ بعد العملية بأن هذا الرجل ضرير أيضًا، فترفضه، وفى المقابل تتفق المسرحية مع نهاية الفيلم، وتنتصر للحب الصادق الذى يهتم بالجوهر وليس المظهر.
عرض «حلم جميل» مدته ساعتان ونصف الساعة، واستغرقت تحضيراته حوالى ٤ شهور، وهو التجربة الأولى للمخرج إسلام إمام على المسرح الكوميدى، واستطاع من خلالها توظيف عناصر العرض المسرحى بمساعدة فريق العمل لتوصيل هذه الأفكار إلى الجمهور فى قالب كوميدى غنائى استعراضى.