عضو اللجنة البابوية: كليمندس السكندري أبرز من صالحوا بين الفلسفة واللاهوت
تحي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ذكري رحيل القديس كليمندس السكندري، ووقال ماجد كامل الباحث في التراث الكنسي، وعضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي، إنه ولد القديس كليمندس واسمه بالكامل هو "تيطس فلافيوس كليمندس" بمدينة الإسكندرية من أبوين وثنيين، ومن شدة حبه للمعرفة طاف بلاد العالم المشهورة بالمعرفة مثل أثينا وروما وفلسطين، وعند عودته إلي مدينة الإسكندرية اهتم بحضور محاضرات القديس بنتينوس الذي آمن بعبقرية تلميذه فهداه إلى الإيمان المسيحي حتى آمن واعتمد؛ وبعد وفاة بنتينوس صار هو مدير المدرسة.
هروبه من الاضطهاد
وتابع: “في أثناء اضطهاد سبتميوس ساويرس عام 202 هرب القديس كليمندس من الإسكندرية ليس عن خوف ولكن حرصا على استمرار رسالته في المدرسة اللاهوتية وعاد بعد نهاية الاضطهاد؛ واستمر في التعليم وإدارة المدرسة حتى تنيح بسلام عام 215 أو 216 على وجه التقريب”.
أهم ملامح فكره:-
وواصل: "يذكر التاريخ عن القديس كليمندس السكندري أنه قرأ كل كتب زمانه تقريبا؛ حتى أن أسماء الكتب التي أشار إليها في كتبه المحفوظة لدينا تملأ أكثر من 45 صفحة من القطع الكبير، ولقد استشهد بالعهد القديم في كتاباته أكثر من 1500 مرة؛ وبالعهد الجديد أكثر من 2000 مرة؛ وبالأدب اليوناني شعرا ونثرا أكثر من 360 مرة، وعندما واجهه بعض المتشددين، وقالوا له إن العلم والمعرفة قد يزعزعا الإيمان، رد عليهم وقال "إن إيمانا بمثل هذه السهولة والبساطة خير له أن يضيع".
كيف وصلت إلينا كتابات كليمندس:
وتابع: يجيب العالم كواستن ( 1900- 1987 ) عن هذا السؤال في كتابه المرجعي علم الباترولوجي؛ فيقول إن الأصل لكل مخطوطات كتابي النصح للأمم والمربي هو مخطوطة محفوظة في المكتبة الوطنية بباريس نسخها بانيس Bannes بناء علي طلب رئيس الأساقفة أريتاس في قيصرية كبادوكية عام 914م ؛ ولكن فقدت منها 40 ورقة؛ لذا فالفصول العشرة الأولى في المربي غير موجودة؛ ولكن تم استرجعاهما بالمقارنة بمخطوطات أخرى.
وواصل: “أما نصوص المتفرقات؛ فهي محفوظة في مخطوط من القرن الحادي عشر؛ ومخطوط آخر بعنوان مخطوط باريس أما الطبعة الأولي من كتاب من هو الغني الذي يخلص؟، فلقد تم نسخها من مخطوط الفاتيكان يوناني رقم 623؛ وهو إعادة نسخ لمخطوط أقدم منه يعود للقرن الحادي عشر، وبقية الكتابات ترجع لنصوص متناثرة ترجع ما بين القرن التاسع إلى القرن الثالث عشر؛ ومخطوط الفاتيكان اللاتيني 6154 يرجع للقرن السادس عشر”.
ملامح من فكر القديس كليمندس السكندري:-
نظرته للفسلفة
واستكمل: “يعتبر القديس كليمندس السكندري هو أبرز من قاموا بعملية مصالحة بين الفلسفة واللاهوت؛ فهو بحسب قول القمص تادرس يعقوب ملطي أول كاتب مسيحي أثبت أنه لا تعارض بين المسيحية والفلسفة”.
وتابع: “ينتقد كليمندس كل من يعتقد أن الفلسفة زرع شيطاني خبيث فيقول هناك من يظن أن الفلسفة دخلت حياتنا بتأثبر شيطاني من أجل دمار البشر ولكنني سوف أعلن وأظهر أن للشرير طبيعة الشر ولا يمكن أن يخرج منه خير فقط، وعليه تكون الفلسفة في معناها عمل من أعمال القدرة الإلهية”.
وتابع: “ويستنكر كليمندس كل من يطلب الإيمان البسيط دون بحث أو دراسة فيقول هناك بعض ممن يظنون أنفسهم موهوبين بالطبيعة؛ لا يرغبون أن يكون لهم صلة بالفلسفة أو المنطق ؛ ولا رغبة لهم في دراسة العلوم الطبيبعية؛ إذ يطلبون الإيمان المجرد وحده؛ وكأنهم يريدون أن يجمعوا من الكرمة العناقيد من الوهلة الأولى دون أن يبذلوا أي جهد”.
وتابع: "يؤكد كليمندس أن الحكمة الإلهية قد فتحت لكل الشعوب عن طريق حكيم ملهم ؛ فثمة أساس مشترك بين جميع الثقافات؛ وهو في ذلك يقول وكثيرون هم الذين تلوقوا الوحي الإلهي مصر؛ كلدانيو أشور؛ مجوس بلاد فارس؛ الفلاسفة الحكماء من الهند ؛ كذلك أورفيوس وفياغوروس وهوميروس وسقراط . فالأسم حكمة هو كل علم أو فن دنيوي؛ ويوجد من كل ذلك كميات عديدة ؛ وقد كدستها عبقرية الإنسان المبتكرة،ـ وكل ابتكار فني وحكيم”.
واختتم: "والجدير بالذكر أن مؤسسة فيلو باترون قامت بترجمة الأجزاء الثلاثة صدرت عام 1994، ويحمل الكتاب جوانب عديدة تكشف عن البعد التربوي للقديس كليمندس وكيف تأثرت به العديد من المدارس التربوية في العالم كله؛ وفي هذا الإطار قام المتنيح نيافة الأنبا بيمن أسقف ملوي الراحل (1930- 1986) بعمل رسالة ماجستير بعنوان مقدمة علمية للنظرية التربوية عند العلامة أكليمندس الإسكندري المربي PEDAGOGUS ”.