رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«Finch».. عبقرية توم هانكس.. أن تصنع فيلمًا عن تغير المناخ بـ«كلب وروبوت»

Finch
Finch

فى قصة خيالية عن نهاية العالم الذى ارتفعت درجة حرارة شمسه وأدت إلى فنائه، يعيش «Finch» مع كلبه و«روبوت»، على أرض قاحلة متبقية، حيث يقضى وقته متجولًا فى متاجر الأغذية المهجورة يملأ الحقائب بأنواع الطعام المختلفة، ثم يعود إلى منزله لإطعام كلبه، ويبدأ فى تصنيع «روبوت» جديد يطلق عليه اسم «جيف».

هذه قصة الفيلم الجديد «Finch» للنجم العالمى توم هانكس، الذى يمارس خلاله هوايته المفضلة فى الحديث إلى الأشياء الجامدة وبث الحياة فيها، كما فعل مع الكرة «ويلسون» فى رائعته الخالدة «Cast Away»، تلك الكرة التى شاركته بطولة الفيلم، ورافقته فى تحدى ومواجهة صعاب النجاة داخل جزيرة مهجورة، وأبكانا جميعًا عندما بكى على ضياعها فى المياه، وكأنها كائن حى أو إنسان يشعر ويحب.

وبينما امتازت الكرة بالصمت، يفاجئ الروبوت «Finch» بذكائه وحديثه الذى لا ينتهى، ونموه وتطوره كإنسان، بعد أن قضى توهج الشمس على طبقة الأوزون ومعظم الحياة البشرية والنباتية والحيوانية على الأرض بإشعاعات مدمرة، فأصبح قضاء المرء بضع ثوان فى ضوء الشمس كفيلًا فى احتراقه.

وينجح «Finch»، مهندس الكمبيوتر العبقرى، فى صنع بدلة واقية ذات تقنية وجودة عالية، مستخدمًا أدواته المتوافرة فى ذلك، وبدعم ومحبة كل من الكلب «جوديير»، والروبوت الصغير «ديوى»، فهما رفيقاه الوحيدان، لكن يحدث شىء مع بداية الفيلم يجعله مجبرًا على إجراء بعض التغييرات.

هذا الشىء هو عاصفة مدمرة سريعة الاقتراب تجعل من البقاء فى المنزل داخل مدينة «سانت لويس» أمرًا مستحيلًا، وتحتم على بطل الفيلم ورفيقيه الانتقال إلى مكان أكثر أمنًا، خاصة بعد أن بدأ يسعل دم وشعر بقرب النهاية الحتمية.

وقبل التحرك يبدأ «Finch» فى صناعة «روبوت» أكبر حجمًا، ثم مسح مكتبته وحولها إلى ذاكرة إلكترونية لإيداعها فى نظام هذا «الروبوت»، ونظرًا للحاجة إلى سرعة الانتقال قبل قدوم العاصفة، يتم تحميل ٧٢٪ فقط من البيانات إلى «الروبوت»، إلى جانب مساحة أخرى صغيرة متبقية للدروس الحيوية، مثل تعلم المشى دون السقوط.

ويرغب بطل الفيلم فى التحقق من قدرات «الروبوت» بعد تحميل هذه البيانات، فيسأله: «أخبرنى شيئًا مثيرًا للاهتمام»، فيرد «الروبوت»، الذى لعب دوره كاليب لاندرى جونز، ببعض الحقائق عن الزرافات، لكن صاحبه يطلب منه ذكر شىء مثير للاهتمام عنه شخصيًا.

ومثل أى مهندس مميز فى تخصصه، يبرمج توم هانكس «الروبوت» طبقًا لتوجيهات أسحق عظيموف فى أدب الخيال العلمى، ويضيف توجيهًا آخر عن أولويات الحياة فى عقل «الروبوت»، فيجعل أولويته الأولى هى رعاية الكلب «جوديير».

ومع وصول العاصفة يتحرك الجميع فى اتجاه سان فرانسيسكو، التى لم يزرها «Finch» من قبل، لكنه يملك بطاقة بريدية لصورة جسر «البوابة الذهبية» منذ فترة مراهقته، ورغم شعوره بعدم الأمان أثناء الرحلة، يبدأ فى البحث عن المزيد من المؤن الغذائية والأماكن الآمنة التى لم تُنهب بعد. وهكذا مثل معظم أفلام رحلات الطريق، هناك وجهة على بعد عدة أميال تتفاوت فى كل فيلم عن الآخر، حيث تحتوى على فرص النجاة، وسط مخاطر وصراعات طوال الطريق.

ورغم تحميل ٧٢٪ من البيانات فى نظام «الروبوت»، إلا أن ذكاءه الاصطناعى استطاع تعويض النقص، فيتعلم سريعًا وبشكل مثير للدهشة والإبهار، ونجح كاليب لاندرى جونز بصوته وحركاته فى التعبير عن «روبوت» أكثر إنسانية، يطور من نفسه، ويصبح أكثر اعتدالًا فى السير ونطق الكلمات، كما يظهر إحساسه المتزايد بالشخصية من خلال طلب اختياره اسمًا له وتعلم نطقه: «جيف».

وبادر «Finch» بتعليم «جيف» قيادة السيارات، وسط إصرار الأخير على أنه سائق ممتاز، رغم تخبطه على جوانب الطريق، ثم يبدأ فى سرد قصص تقدم نافذة متواضعة عن ماضيه، فيبدو الأمر مضحكًا كما أراد مخرجه ميجيل سابوشنيك، الذى بذل ما فى وسعه لانتزاع أقصى قدر مشاعر من هذا الثلاثى غير المتوقع، وإيجاد لحظات من الحنان والفكاهة فى تفاعلاتهم.

ورغم أن الفيلم لا يضم سوى «هانكس» والكلب، و«الروبوت» الذى عوض قصور الممثلين ونجوم هوليوود، استطاع بطل «Cast Away» أن يقدم واحدة من روائعه الكثيرة، التى ستظل فى ذاكرة المشاهدين لفترة طويلة.

كما أن التصوير السينمائى بقيادة جو ويليامز رائع ومذهل، فهو يبرز الجمال فى صور الطبيعة المدمرة، ويجعل لحظة قصيرة من صورة الطبيعة معجزة جمالية. لكن فى المقابل لا يصل السيناريو إلى هذا المستوى من الجمال، فهو غير متوقع وغير متسق وقاسٍ، حتى مع بذل توم هانكس مجهودًا كبيرًا فى تجسيد شخصية «Finch».