«ماعت» تسلط الضوء على مخاطر الطائرات بدون طيار على المدنيين
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، تقريرا بعنوان "تداعيات التوسع في استخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز) على المدنيين"، والذي أكد على أن الاستخدام المتسارع للطائرات بدون طيار يحمل في طياته مخاطر جسيمة على انتهاكات حقوق الإنسان، وعلى وجه التحديد ضد المدنيين الذين يظلون هدفًا لضربات هذه الطائرات المٌبرمجة عن بعد، وأضحي استخدام هذه التقنيات الناشئة ضمن استراتيجيات الجماعات الفاعلة من غير الدول والجماعات المسلحة، بجانب الدول والجيوش الوطنية التقليدية التي تستخدمها في إطار مكافحة الإرهاب، وقد شرعت جميع هذه الجهات الفاعلة في الاعتماد على سلاح جديد لم يكن منتشرا على نطاق واسع في العقدين السابقين. واستخدم هذا السلاح في مناطق النزاع المسلح أو ضد الجماعات التي تشكل تهديدًا لأمن الدول. لكن هذا الاستخدام المتزايد للطائرات بدون طيار خلف أثرا فادحا على حقوق الإنسان وعلى وجه التحديد على السكان المدنيين.
ولفت التقرير الانتباه لمخاطر التوسع في استخدام هذه التقنيات على الحق في الحياة وحقوق أخرى أساسية من حقوق الإنسان، خاصة إن تمادت الجماعات المسلحة والإرهابية في الاعتماد على هذه الطائرات، ولا يتناول التقرير الطائرات المسيرة بدون طيار غير المسلحة، والتي تستخدم لأغراض مدنية وإنسانية، ولكنه يستهدف على وجه التحديد تركيز الضوء على الطائرات المسلحة بدون طيار وتأثيرها البالغ على حقوق الإنسان ولا سيما السكان المدنيين في مناطق النزاعات المسلحة، بما في ذلك الأطفال وكبار السن والأشخاص من ذوي الإعاقة، فحتى عندما تهاجم الطائرات بدون طيار أهدافا عسكرية فإنها قد تخلف آثارًا موازية على المدنيين، فالشظايا المنفرطة من الأسلحة المحملة بهذه الطائرات قد تطال المدنيين والأعيان المدنية لاسيما في مناطق النزاع، وقد حدث ذلك في سوريا واليمن في أكثر من واقعة في العامين السابقين. وركز التقرير على امتلاك الدول والجماعات الفاعلة من غير الدول مثل الحوثيين في اليمن والإرهابيين هذه الأسلحة التي تقوض من حقوق المدنيين.
وقال أيمن عقيل، الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت، إن الاستخدام المتسارع للطائرات بدون طيار في كل من العراق واليمن وسوريا، وفي ظل عدم النص صراحة على حظر الطائرات المسلحة بدون طيار في قواعد الحرب المدرجة في القانون الدولي الإنساني، حيث لم يرد ذكر الطائرات بدون طيار في معاهدات الأسلحة أو في قواعد القانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك عدم وجود إطار قانوني ينظم عمل تلك الطائرات له تبعات خطيرة على انتهاك حقوق المدنيين، حيث يشكلون المتضرر الأول من هذه الهجمات التي تنفذها الطائرات بدون طيار، والتي راح ضحيتها في الثلاث سنوات الأخيرة أكثر من 5 آلاف مدني في اليمن وسوريا ودول إفريقية أخري من بينها الصومال، أكثر هؤلاء الضحايا من النساء والأطفال والمسنون.
وأضاف عقيل أن توسع بعض الدول، مثل تركيا في تحديث ترسانتها من هذه الطائرات انطلي عليه انتهاكات متنامية لحقوق الإنسان، لاسيما فيما يخص استهداف المدنيين، وأوضح الخبير الحقوقي الدولي أن تركيا وحدها مسئولة، خلال السنتين الأخيرتين، عن مقتل أكثر 700 مدني بسبب استخدامها الطائرات بدون طيار، أغلبهم في العراق وفي ليبيا وفي سوريا، بالإضافة إلى العمليات التي نفذتها هذه الطائرات داخل الأراضي التركية نفسها، ضد قوات حزب العمال الكردستاني.
من جهته، قال شريف عبد الحميد، مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت، إن هناك ما يقرب من 102 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تستحوذ على تكنولوجيا الطائرات المسيرة حتى مطلع عام 2020، كما تملك 40 دولة طائرات مسيرة مسلحة أو تنوي شراءها، وتعد إسرائيل بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والصين من أكبر منتجي ومصدري الطائرات بدون طيار.
وأضاف عبد الحميد أنه مؤخرًا استحوذت دول أخري في منطقة الشرق الأوسط على هذه الطائرات، وأصبحت تبيعها بكثافة، مثل إيران وتركيا وتستغلها في تمكين الجماعات الفاعلة من غير الدول المتحالفة معها والميليشيات المسلحة، الأمر الذي ساهم في بعض الأحيان، في تقويض استقرار الجيوش الوطنية التقليدية. وكان للرواج غير المسبوق للطائرات بدون طيار أثر فادح على انتهاك حقوق الإنسان وخاصة انتهاك حقوق المدنيين.
وكشف عبد الحميد عن أن إيران وحزب الله في لبنان دعما ميليشيا الحوثي بطائرات بدون طيار لمهاجمة القوات الحكومية المعترف بها دوليا في اليمن ولتهديد أمن دول الجوار مثل المملكة العربية السعودية، حيث يقدر عدد الضحايا المدنيين والمصابين الذين لقوا حتفهم في اليمن بسبب هجمات نفذتها طائرات مسيرة تابعة للحوثيين ما يقرب من 3 آلاف شخص من بينهم نساء وأطفال.