«فتوى الأزهر»: ادعاء معرفة الغيب على وجه اليقين هو من باب الضلال
ورد سؤالا عبر جروبات الفتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي"فيسبوك" من سائلة تقول: لى صديقة وهى تعمل عالمة فلك كل فترة تطالعني بأخبار عن حياتي وما يحدث لى، ومع بداية كل عام تتوقع لى الأحداث، فما حكم الشرع في ذلك؟.
من جانبها، ردت لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، قائلة:" إن من صميم العقيدة الإسلامية أن المستقبل غيب لا يعلمه إلا الله وحده سبحانه وتعالى, قال سبحانه وتعالى (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ).
وأضافت اللجنة في ردها على سؤال ورد إليها يقول: يخرج علينا الفلكيين بتوقعاتهم عن الأحداث ذلك العام من خير وشر، وحرب وسلام , فما رأى فضيلتكم في ذلك؟ وكذلك ما ينشر فى الصحف عن الأبراج؟ أكد الحق سبحانه وتعالى أن غداً في علمه وحده، بما يحمل من موت وحياة وما اشتمل عليه من عطاء ومنع وما شاكل ذلك من أمور المستقبل.
واستشهدت اللجنة بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وعلم المولى عز وجل لا يعتريه شك بل هو صدق ويقين، وكذلك هو علم شمولي (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ).
وتابعت اللجنة: أما علم البشر في مسالة الغيب وخاصةً ما يقوله الفلكيون وغيرهم، فإنما هو قائم على الظن والتخمين، ويحاولون الربط بين حركات النجوم وما يحدث في الجو من حرارة وبرودة وأمطار وجفاف، مع محاولة قراءة الأحداث ببراعة، ومحاولة استنتاج ما قد يحدث من خلالها , سواءً من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهذا من قبيل ربط الأسباب بالمسببات , ومع هذا فالكل من باب الظن لا من باب اليقين، إن القدرة والإرادة المطلقة في تصريف الكون إنما هي لله تعالى، قال تعالى (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
حكم الاعتقاد بعلماء الفلك
وأشارت اللجنة، أما من اعتقد صدق هؤلاء الفلكيين فقد خالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا) رواه الطبرى فى المعجم الكبير علماً بأن الاشتغال بالنجوم وأحداثها إنما هو من قبيل الفضول وليس من ورائه فائدة، أما إذا كان الاشتغال بالنجوم لمعرفة أسرار الكون وكشف مخابئه التي تفيد الإنسانية فلا مانع شرعي من معرفة ذلك، بل شجع الإسلام ذلك قال تعالى (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ).
وأكدت اللجنة، أننا نرى الآن بين أيدينا من يغزوا الفضاء اكتشافاً وعلماً لا ظناً وتخميناً فياليتنا نتجه إلى العلم لكشف أسرار الكون، أما ادعاء معرفة الغيب على وجه اليقين فهو من باب الضلال.