«ثورة يوليو».. قصة قرار إلغاء الألقاب المدنية
ظلت الألقاب المدنية ما قبل ثورة 23 يوليو 1952 جزء أساسي من الحياة السياسية في مصر، وكان البعض يسعي للحصول على تلك الألقاب من خلال تقديم هدايا مادية وعينية للملك في المناسبات الرسمية للحصول عليها، حتى أعلن مجلس قيادة الثورة في 29 يوليو 1952 بعد أيام قليلة من الثورة إلغاء كافة تلك الألقاب والاكتفاء فقط بلقب حضرة المحترم.
وضعت ثورة 23 يوليو في بيانها الأول 6 أهداف للعمل على تحقيقها، وكان من بين تلك الأهداف إقامة عدالة اجتماعية وإزالة الفوارق بين الطبقات ، ومن أحد أهم الطرق التي اتخذتها الثورة منذ 69عامًا، هي إلغاء الألقاب المدنية، وبحسب ما نشره مجلس قيادة الثورة في الصحف في عام 1952، فقد كانت الألقاب السائدة قبل قيام الثورة هي الباشوية والبكوية، وتمييز من ليس لديه ألقاب كان يطلق لقب الأفندي على الدرجة الأقل التي كانت تعمل في دواوين الحكومة أو دواوين الباشوات والبكوات.
وقبل ثورة يوليو كانت الألقاب يتم شرائها من خلال تقديم هدايا في عيد جلوس الملك وعيد ميلاده وغيرها من المناسبات، وكانت الحاشية المقربة من الملك تحصل على جزء من تلك الهدايا المادية والعينية لترشيح أسماء الأشخاص الذين يريدون الحصول على ألقاب باشا وبيك من الملك.
وكانت بداية الألقاب في مصر في مطلع القرن التاسع عشر حينما تولي محمد علي حكم مصر والاستقلال بها عن الدولة العثمانية وحصل خلفائه على حق منح كبار رجال الدولة على تلك الألقاب بعدما كانت تحت سلطة السلطان العثماني.
وإضافة إلى الألقاب الرئيسية وهي الباشا والبيك والأفندي، كان هناك ألقاب يحصل عليها كبار السياسيين مثل صاحب الدولة وصاحب السعادة وصاحب المعالي وصاحبة العصمة للسيدات، وأصدر فؤاد الأول تعديلات في القانون عام 1922 جعلت أصحاب تلك المناصب فيما عدا الافندي يتقاضى راتب شهري من الدولة، وهو ما كان يتم أيضًا في عهد الملك فاروق حتي قامت ثورة يوليو والتي جعلت من بين أهدافها الرئيسية إلغاء الطبقية ليقرر مجلس قيادة الثورة الغاء الألقاب كجزء من إزالة الفوارق بين طبقة الأعيان والأمراء والعائلات المقربة من الأسرة الملكية وبين باقي الشعب، وتركت فقط الألقاب المدنية المتعلقة برجال الدين والهيئات الدبلوماسية، لتحل كلمة سيد محل باشا وبيك وافندي، وتم تنفيذ القرار بداية من 30 يوليو عام 1952.