«تسبب اسمها فى حبسها».. حكايات نادرة من حياة نادية لطفى
كانت "بولا محمد شفيق" في الاستوديو برفقة إحدى صديقاتها تشاهد لأول مرة كيف يصنعون ذلك الشريط الزاهي "الفيلم"، ورآها بعيني الخبير فتقدم إليها وقال ببساطة "مفكرتيش تمثلي"، فقالت "لا"، وفاجأها بقوله "تحبي تجربي"، وبتحد قالت "مفيش مانع"، وسألها "ما اسمك"، فقالت "بولا"، فقال "آدي أول عقبة".
كان هذا هو رمسيس نجيب المنتج الشهير، حين كان في زيارة لأحد البلاتوهات وكان ذلك عام 1957، ورآها فانجذبت عيناه إلى ملامحها، ثم جازف وعرض عليها العمل وكان يتوقع الرفض لكنها قبلت، ويومها روى نجيب القصة لصديقه إحسان عبد القدوس، وأكمل: "بس يا خسارة.. الحلو ما يكملش"، وسأله إحسان "ليه"، فأخبره أن اسمها بولا، وفكر إحسان قليلًا وقال "بسيطة.. أنا حديك اسم من عندي.. سميها نادية لطفي"، وكان الاسم الذي اختاره إحسان عبد القدوس قد أطلقه قبل ذلك على إحدى بطلات قصصه.
وإن كان الاسم الغريب وهو بولا وتكملته محمد شفيق كاد أن يقف عقبة في طريق نادية لطفي، فإن الاسم نفسه تسبب في حبسها ساعتين بسيارتها، والذي حدث أن نادية لطفي فكرت أن تزور الإسكندرية لقضاء إجازة قصيرة، وركبت سيارتها الفيات الصغيرة واتجهت للطريق الزراعي، وقادت سيارتها بهدوء حتى الكيلو العاشر، وهناك أشار إليها الجندي المسئول عن مراقبة الطريق بالتوقف، وهو إجراء عادي تخضع له كل السيارات، وقال لها الجندي: "الرخصة من فضلك".
وناولته ما طلب وما إن قرأ الاسم حتى أشار بيده وقال لها: "اركني عندك من فضلك"، فسألته فقال لها: "بعدين هتعرفي".
وأطاعت نادية الأمر وكان الطريق الزراعي في ذلك الوقت ممنوعًا بالنسبة للأجانب فقد كانت تتم عبره بعض التحركات العسكرية، لذا اقتصر المرور على المصريين، واقترب الجندي من نادية وقال لها: "انتي مش عارفة أن الأجانب ممنوعين يمروا من هنا؟"، وابتسمت نادية وسألته: "انت مبتروحش سينما؟"، واندهش الجندي وقال: "أيوة بروح.. ليه؟"، وعادت تسأله: "تعرف نادية لطفي؟"، ورد الجندي بجفاء: "لا معرفهاش خليكي مستنية شوية".
وفشلت نادية في إقناعه بأنها ليست أجنبية، وإن كانت أمها التي اختارت لها الاسم أجنبية، وانتظرت في سيارتها وحاولت تشغيل الراديو حتى لا تثور في وجه الجندي، وبعد ساعتين سمعت من يناديها: "مدام نادية.. بتعملي إيه؟"، وابتسمت وقال: "بحاول أقنع العسكري إني مش أجنبية"، وابتسم الضابط وقال للجندي: "خليها تعدي.. دي مصرية.. ومصرية نعتز بيها كلنا".
وانتهت فترة الحبس على قارعة الطريق، وأكملت نادية طريقها وهي تتعجب لذلك الاسم الذي كاد يسد عليها أبواب السينما للحظات، وباب الإسكندرية لساعات.