رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اتحاد شباب الجمهورية.. هل يستوعب الجميع؟

تلاحق الأحداث الكبيرة فى مصر يدفع الأفكار للتلاحق فى الذهن، الأفكار تولد حين تكون العواطف متقدة، وحين يشعر الإنسان بصدق ما يحدث، الحدث الكبير الذى يسيطر على ذهنى هو مبادرة حياة كريمة، على هامش المبادرة ولد «اتحاد شباب الجمهورية».. أعود بالذاكرة إلى عام ٢٠٠٠ حين اشتبكت مع أحد أشهر الدعاة الجدد بعد تقدير خاص بى قلت فيه إنه ليس سوى محاولة إخوانية للسيطرة على الشباب المصرى، امتدت الحملة لأربعة أسابيع.. بعد المقال الثالث صدر قرار إدارى بمنع الداعية من الخطابة.. اعتبر الجميع أن هذا انتصار كبير لى وللمطبوعة التى أكتب فيها لكننى اعتبرت أن شيئًا لم يحدث طالما بقى الشباب بعيدين عن يد تنظمهم فى إطار قومى ووطنى.. كتبت مقالى الرابع بعنوان «قاوموه ولا تمنعوه» وكانت وجهة نظرى أن المقاومة الحقيقية تكون بأن تمد الدولة يدها للشباب وتنتشلهم من حالة الفراغ والضياع التى دخلوا فيها منذ حل منظمة الشباب فى منتصف التسعينيات، تحقق ما تنبأت به ووجد هذا الداعية من يتبناه ويفتح له الاستديوهات من بيروت ولندن ليصبح قرار منعه وكأنه لم يكن.. وكان ما نعرفه جميعًا بعدها.. أروى هذه القصة لأقول إن اتحاد الشباب أو الكيان الشبابى القومى ضرورة تأخرت كثيرًا جدًا، وإن هذا التأخير كانت له آثار سلبية للغاية على أشياء كثيرة.. كانت هناك محاولات مختلفة ومتفرقة لم يكتب لها النجاح فى الماضى، التاريخ لا يعيد نفسه بكل تأكيد، وليس مطلوبًا إعادة منظمة الشباب الاشتراكى رغم إيجابيات كثيرة أراها فيها، الاشتراكية وقتها كانت لغة يتحدثها أكثر من نصف العالم.. الآن أصبحت جزءًا من التاريخ السياسى للعالم، يقول المثل الصينى: «ليس مهمًا لون القط وهل هو أسود أم أبيض.. المهم أن يصطاد الطعام».. وأنا أقول بالمثل.. المهم هو تنظيم الشباب، وتوحيد جهودهم، وتدريبهم على العمل العام، وإنقاذهم من الوقوع فى براثن التطرف والعدمية.. أستطيع أن ألمح من بعيد أن البرامج الرئاسية لتدريب الشباب تهتم بتدريبهم على علوم العصر مثل الإدارة، والتنمية البشرية، بالإضافة لجرعات أخرى فى السياسة والاقتصاد.. ليكن الأمر كذلك.. المهم أن يتعلم الشباب.. وأنا أفكر فى «اتحاد شباب الجمهورية» أفكر أنه يجب أن يكون لكل الشباب المصرى على مختلف اتجاهاته ما دام يؤمن بثورة ٣٠ يونيو وبالدولة الوطنية.. أستعير من التاريخ تجربة أخرى هى تجربة المنابر السياسية التى عرفتها مصر لفترة قصيرة قبل أن تتحول المنابر لأحزاب سياسية، من وجهة نظرى الخاصة فإن صيغة المنابر داخل إطار التنظيم السياسى القومى كانت أنجح كثيرًا من تجربة الأحزاب التى لم نرث منها شيئًا سوى الفراغ.. كما نعرف جميعًا فإن تيار الوسط السياسى هو الذى يحكم مصر منذ ثورة ٢٣ يوليو.. مع تباينات مختلفة فى التوجهات من حاكم لآخر.. مالت الدولة يسارًا أحيانًا ويمينًا أحيانًا لكنها بقيت دائمًا فى الوسط.. وعندما شهدت السنوات من ٢٠٠٥ جنوحًا مبالغًا فيه نحو الليبرالية المتوحشة خرج الناس للشوارع غاضبين وسقط النظام.. المطلوب أن يكون فى «اتحاد شباب الجمهورية» كتلة كبيرة تعبر عن تيار الوسط، مع وجود منبر لليسار، ومنبر آخر لليمين.. قد تبدو كلمة «منبر» كلمة قديمة بعض الشىء لكن هذا ليس هو الموضوع.. الفكرة هنا أن اتحاد شباب الجمهورية هو كيان قومى يسعى للخدمة العامة والتثقيف وتدريب الشباب.. هو ليس جناحًا لحزب معين، هو أكبر من كل الأحزاب، وبالتالى ممكن أن ينضم له شباب من مختلف الأحزاب اليسارية واليمينية ما داموا ضد الإرهاب ويعملون تحت مظلة الدولة الوطنية.. هذه الفكرة ترتبط بفكرة أخرى هى توجيه الدعوة للأحزاب المعارضة للمشاركة فى مشروع حياة كريمة.. هو بكل تأكيد مشروع قومى يخدم أهلنا فى الريف المصرى.. إن هذه الدعوة ستكون شيئًا إيجابيًا بكل تأكيد.. ولعل أهم إيجابياتها أنها ستكشف لنا ما إذا كان بعض المهتمين بالسياسة لدينا يرحب بالعمل لتغيير الواقع أم أنه يكتفى بالكلام فقط.