«مش قصة فستان».. حكايات عن التنمر ضد غير المحجبات في مصر
تعجب الكثيرون من تنمر المراقبتين على الطالبة حبيبة طارق التي كانت تؤدي امتحانها داخل جامعة طنطا، حيث وصفتاها بـ “غير المحترمة”، ومرد هذا التعجب من إقرار الكثيرين بأن الفستان لا ينقصه من الاحتشام شيئاً، بل أنه أظهرها بشكل جميل ومحترم، افتقده عالم الفتيات والنساء منذ زمن طويل، عندما كان الفستان هو الزي الرسمي لفتيات مصر.
فهل كانت القصة هنا هي قصة فستان، أم أنه توجه يأخذه الكثيرون منذ فترة نحو التنمر من وجود بعض الفتيات والسيدات غير المحجبات، بل ووصف البعض لهن بالخروج عن الملة؟ أم أنه أسلوب محير لمجتمع أكثر تحيراً لكونه يتنمر كذلك على الجانب الآخر ببعض المحجبات ويرفض وجهودهن على بعض شواطئه وكافيهاته.
“الدستور” تفرد السطور التالية لعرض قصص وحكايات لبعض الفتيات غير المحجبات اللائي تعرضن للتنمر والنبذ من البعض بسبب عدم ارتدائهن غطاء الرأس.
فتاة غير محجبة: "انتي طبعاً ما بتصليش" تلخص انطباع الناس عني
أشعر دائماً إني منبوذة من اللي حواليا، وكأني خرجت عن ديني بسبب اني غير محجبة"، كلمات تقولها م.ن 29 سنة خريجة كلية الحقوق، التي وصفت أن أغلب زميلاتها في الجامعة كن من المحجبات لذا كن ينظرن إليها نظرة المنقوصة في دينها بل ويصل الأمر إلى النظر إليها، وكأنها ارتدت عن دينها الإسلام، وتشبهت بغيره من أصحاب الديانات الأخرى،"انتي أصلاً مسلمة؟ "-وجهت إحداهن لها مرة هذا السؤال بازدراء على الرغم من تأكدها من كونها مسلمة، فتقول "م. ن" كنت أرد عليهم "انتو أصلًا عيب تسألوني السؤال ده".
"انتي طبعاً ما بتصليش" جملة أخرى قالتها إحداهن لـ "م.ن" في ذات مرة لخصت لها الانطباع الذي وصفته بأنه يؤخذ في الأغلب عن الكثير من غير المحجبات، موضحة أن هناك من يعتقدن أنهن ناقصات إيمان، وشعائرهن الدينية تقل كثيراً عن غيرهن، ولكن الحقيقة أن هذا الأمر ليس بصحيح على الإطلاق: "أنا بصوم وبصلي وباعمل حاجات بيني وبين ربنا كتير بس مش بقول عليها واعرف بنات زيي بيتقوا الله يمكن أكتر من بعض المحجبات "متسائلة" هو ليه أصلا يتحكم على الناس من شكلها، وليه حد يكون وصي على حد كدة ".
وختمت أن كثيراً من المشاجرات وقعت بينها وبين آخرين بسبب تدخلهم في حياتها الشخصية وملابسها وكونها لم تتحجب إلى الآن، واصفة أنها بالنهاية لن تفرط في حريتها الشخصية تلك، وعلاقتها الخاصة جداً مع الله عز وجل وستفعل كل ما يمليه عليها قلبها تجاه هذه العلاقة، ولكن في الوقت المناسب.
فتاه غير محجبة:" زمايلي قاطعوني علشان مش لابسة الحجاب
انتقادات عدة أخرى تعرضت لها س.ح وهي طالبة بكلية الألسن، وهي فتاة غير محجبة وذلك من قبل زميلاتها بسبب عدم ارتدائها الحجاب.
تقول: "كانوا بيقولوا لي انتي كل حاجة فيكي كويسة بس فاضل تلبسي الحجاب"، وتابعت أنه لم يتوقف الأمر عند تلك العبارات الفضولية بل وصل الأمر إلى مقاطعتهم لي لفترة لإجباري على ارتداؤه، موضحة أن ذلك الأمر الذي أدي إلى شجارها معهم جميعاً فقالت "قولتلهم اللي يقبلني على كدة يقبلني، واللي شايف إن انا حد وحش علشان مش محجبة مايكلمنيش"، مشيرة إلى أنها أصرت على موقفها نظراً لاقتناعها الكامل بحرياتها الشخصية، وخصوصية علاقتها بالله عز وجل.
رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: المتنمر لا يصلح أن يكون معلماً أو قدوة
الدكتور عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر عبر عن أن الشيء المخزي في هذه الواقعة أن المتنمر هنا هي واحدة من المعلمات اللاتي من المفترض أن تكونا قدوة في الخلق الحسن أمام طالبيها، وليس قدوة لتدني الأخلاق مثلما حدث فالتنمر هو أحد المظاهر البعيدة كل البعد عن الأخلاق والدين لذا شدد الأطرش على ضرورة السماح بالمتنمرين أن يكونا في مناصب تمثل قدوة ونموذجاً لآخرين لكيلا يتأثروا بهم فينتشر سوء الخلق في المجتمع قائلاً "هؤلاء لا يصلحوا أن يكونوا معلمين أو معلمات".
شيخ المنطقة الأزهرية بالمنوفية: هناك بعض غير المحجبات أفضل عند الله من غيرهن ممن يضعن غطاء الرأس
استنكر الدكتور عبد العزيز النجار شيخ المنطقة الأزهرية بالمنوفية التنمر بكافة أشكاله موضحاً أن الدين الاسلامي قد حرمه، ونهى عنه وذلك مثلما ورد في الآية الكريمة بسورة الحجرات"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".
وتابع أنه لا يجوز لأي فرد أن يسخر أو يستهزأ بأخر سواء فيما يخص مظهره، أو سلوكه موضحاً أنه ليس هناك شخصاً نصبه الله حكماً على الآخرين في أخلاقياتهم وسلوكياتهم باعتباره الأكثر منهم صلاحاً، فكلنا أمام الله سواسية بل وأضاف أنه قد تكون تلك الفتاة غيرالمحجبة هي أفضل عند الله وأكرم من غيرها من المحجبات اللواتي يفعل بعضهن أفعالًا تتنافى مع شريعة الله وأوامره، ويرتدين غطاء للرأس ولايرتدين ثوب العفة الذي هو أحق، إذن فالله وحده هو المطلع على قلوب البشر ولا يعلم ذلك سواه كما أنه ينظر إلى جوهر الإنسان، وليس مظهره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله ﷺ: رُبَّ أشعثَ أغبرَ مدفوعٍ بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره[1]، رواه مسلم.
عضو المجلس القومي للمرأة: "ياريت نرجع للفساتين"من تاني
أعربت الدكتورة أحلام حفني عضو المجلس القومي للمرأة عن استنكارها للتنمر على فستان حبيبة قائلة "ياريت نرجع للفستان تاني" وأوضحت أن حبيية صاحبة واقعة التنمر قد ظهرت بفستان جميل ولائق ولا يعيبه شيئاً، متابعة أن ارتداء الفستان كان إحدى مظاهر الجمال والرقي للفتيات مضيفة أن الزي والملابس بشكل عام هما حرية شخصية للإنسان، ولا أحد له حق التدخل فيهما.
وقالت في نص تصريحها "لا يمكن أن ترجع العجلة للخلف"، وذلك في إشارة إلى العام الذي حكمت فيه الجماعة الإخوانية المتطرفة، التي كانت تعمل على الحكم السافر على حريات الآخرين وتكفيرهم، وسط تفكير الجماعة الضلالي، ومفهومها المغلوط عن الدين، مشيرة إلى أنه من الوارد أن تكون واقعة الفستان تلك هي أحد الوسائل التي يستخدمها الإخوان للتشويش على الاحتفال بذكرى 30 يونيو القادمة.
أستاذ الطب النفسي: المجتمع يعاني من حالة ازدواجية والتنمر يمارس على المحجبات وغير المحجبات على السواء
أما الدكتورة ياسمين محمود أستاذ الطب النفسي فقالت أن المجتمع يعاني من حالة ازدواجية واضحة، مؤكدة أنه ليس وحدهم الفتيات غير المحجبات هن من يتعرضن للتنمر بل أيضاً بعض المحجبات في عدد من الأماكن يمنع دخولهم، ويتم حرمانهم من التواجد بعدة اماكن بسبب ارتدائهن الحجاب، وذكرت في ذلك الواقعة التي حدثت بالتوازي مع واقعة الطالبة حبيبة وهي ما حدث مع دينا هشام ابنة الدكتورة هبة قطب، استشاري العلاقات الأسرية، التي منعت من نزول حمام السباحة بأحد الكومباوندات الكبيرة، نظراً لارتدائها مايوه بوركيني.
لذا أكدت ياسمين على أنه مازال مفهوم الحرية في الملبس والتصرفات غير موجود في مصر بالشكل الكافي، فهناك من أشكال الحكم على الأشخاص من خلال ملابسهم ومظاهرهم ما يمثل خطورة كبيرة في المجتمع وتجعله مجتمعاً سطحياً للغاية كما تسوقه إلى التطرف شيئاً فشيئاً.
لذا نادت بضرورة مواجهة ذلك، بالتوعية والدين معاً حيث أن الدين يعزز حريات الآخرين، ومسئولياتهم الشخصية عن أفعالهم.
كما شددت على ضرورة لجوء أي فتاة أو سيدة حال تعرضها للتنمر إلى القضاء، وأخذ حقها بالقانون، موضحة أن هناك قانون قوي يعاقب على جريمة التنمر، من شأن استخدامه أن يجعل المتنمر يفكر ألف ومرة قبل أن يقدم على هذا الفعل المشين.
التنمر في القانون
والجدير بالذكر أن القانون حدد عقوبة التنمر، وهي الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة من شخصين أو أكثر أو كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان المجني عليها مسلما إليه بمقتضى القانون أو بمقتضى حكم قضائي.