سجون بلا غارمات من منظور قانوني.. ورشة لبحث قضية الغارمات لـ«أطفال السجينات»
عقدت جمعية رعاية أطفال السجينات، ورشة عمل قانونية بعنوان «سجون بلا غارمات من منظور قانوني»، في مكتبة القاهرة بالزمالك، لمناقشة الحلول القانونية لقضية الغارمات في مصر.
وشملت الورشة مناقشة إجراء تعديل تشريعي بقانون العقوبات يضمن التوصيف الدقيق لحالة الغارمين وضمان حقوق التجار، إلى جانب مناقشة العديد من مواد القانون الأخرى المتعلقة بقضية الغارمين.
وخرجت ورشة العمل بتوصيات عديدة أهمها وضع تشريع يقضي بإلغاء عقوبة الحبس في قضايا الغارمات واستبدالها بالتشغيل في أعمال تتعلق بالمنافع العامة، ويلزم القانون الحكومة بتحديد الأماكن ونوعية وطبيعة العمل البديل لعقوبة السجن.
انطلقت الورشة في حضور كل من الدكتور زياد محمد، مدرس مساعد بقسم القانون الدولي بجامعة فاروس بالإسكندرية، والنائبة سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، والمستشار محمد سيد عبداللاه الفقي، المحامي بالنقض، والنائب عصام هلال، عضو مجلس الشيوخ والأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن.
وأيضًا النائب عاطف مغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب، والنائبة منال ماهر الجميل، عضو مجلس النواب سابقًا، والمستشار هشام بهلول، المحامي العام لدى نيابة النقض، والدكتورة هدى رميلة، أستاذ الإقتصاد بجامعة الأهرام الكندية.
نوال مصطفى: أطالب بتطبيق العقوبات البديلة مع وضع ضوابط حاكمة
وتقدمت الكاتبة نوال مصطفى، رئيس ومؤسس جمعية رعاية أطفال السجينات، بالشكر لجميع الحضور من خبراء القانون وأعضاء مجلس النواب والشيوخ المصري، مؤكدة على أن تلك الورشة بمثابة فرصة عظيمة لإنتاج حلول قانونية قابلة للتفعيل لقضية الغارمات، التي تعد من أكبر المشاكل التي تهدد المجتمع المصري.
واستهلت رئيس التحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون حديثها عن الهدف من وراء ورشة العمل القانونية، والمتمثلة في مناقشة استبدال إيصالات الأمانة بالكمبيالات التي تضمن للبائع حقه "ليكون حقًا مدنيًا وليس جنائي"، وربط الإيصال أو الشيك بعقد بيع بالتقسيط في حالة الاضطرار للشراء بالإيصال؛ حتى يصبح حقًا مدنيًا، إلى جانب إجراء تعديل تشريعي بقانون العقوبات يضمن التوصيف القانوني الدقيق لحالة الغارمين وضمان حقوق التجار.
كما استكملت الكاتبة نوال مصطفى حديثها عن باقي محاور الجلسة وهي مناقشة تفعيل القرار بقانون رقم 49 لسنة 2014 والخاص بتعديل المادتين 18 و479 من قانون العقوبات، وإلغاء الترخيص بالتشغيل وإرسال المحكوم عليها إلى السجن في حالة عدم التزامها بضوابط التشغيل بلا عذر تراه جهات الإدارة مقبولا.
وفي سياق متواصل، أكدت الكاتبة نوال مصطفى، على أهمية تطبيق العقوبات البديلة في قضايا الغارمين/ات، ولكن مع وضع آليات حاكمة تضمن استحقاق الحالة، وتبدأ تلك الآليات من وضع تعريف محدد للغارمين/ات؛ وذلك نظرًا للتكاليف الباهظة التي تتحملها الدولة المصرية للإنفاق على كل سجين شهريًا، والتي تتجاوز الـ3000 آلاف جنيهًا.
وطالبت الحاصلة على جائزة صنّاع الأمل خلال الجلسة النقاشية؛ بتحويل المحاور السابق ذكرها إلى تقديم حلول قانونية وواقعية يمكن تنفيذها بشكل سريع على أرض الواقع؛ مؤكدة على أن ذلك لم يتم غير بتكاتف خبراء القانون ومنظمات المجتمع المدني والجهات الرسمية، مستشهدة بتدشين الرئيس عبد الفتاح السيسي للجنة الوطنية للغارمين والغارمات لتغيير وضع الغارمات في مصر.
زياد محمد: السجن ليس الحل وتفعيل العقوبات البديلة يرفع شأن مصر بحقوق الإنسان
وعن الحلول، لفت الدكتور زياد محمد، مدرس مساعد بقسم القانون الدولي بجامعة فاروس بالإسكندرية، بأن العقوبة الجنائية المتمثلة في حبس الغارمين/ات ليست الحل، بينما اتجهت العديد من التجارب الدولية والعربية لاستخدام العقوبات البديلة بدلًا من العقوبات السالبة للحرية؛ عقب مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين والمنعقد بمدينة ميلانو الإيطالية عام 1985.
وفي سياق متواصل، لفت أستاذ القانون الدولي إلى أن «خطة عمل ميلانو» تحدثت عن استخدام الجزاءات البديلة عوضاً عن الإيداع داخل السجن ولكن مع ضوابط وشروط وحالات معينة، مؤكدًا على أن تفعيل العقوبات البديلة بمصر يقوي موقفها بملف حقوق الإنسان.
ومن جهتها، لفتت النائبة سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، خلال ورشة العمل القانونية، إلى أن المشكلة الرئيسية بقضية الغارمات تبدأ من عدم وجود تعريف دقيق لهن، خاصة أن الغارمات مصطلح فضفاض ومتشابك مع أكثر من قانون، واتضح ذلك من خلال زياراتها للسجون المصرية والاستماع إلى الغارمات وأسباب كل حالة على حدا.
وفي وقت سابق بمائدة مستديرة لجمعية رعاية أطفال السجينات، اقترحت النائبة سولاف درويش، بوجود مادة بالقانون تلزم الجمعيات ورجال الأعمال بالدراسة الفعلية للحالات قبل منحهن القروض والتعرف على متطلبات واحتياجات السوق قبل تدشين المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، ومتابعة تلك المشروعات والسيدات عقب تدشينها؛ لحمايتهن من التعثر وتراكم الديون.
محمد عبداللاه الفقي: قاعدة بيانات لرصد الغارمات بداية الحل القانوني
وفيما يتعلق بالوصول إلى الغارمات المستحقات، بين المستشار محمد سيد عبداللاه الفقي، المحامي بالنقض، أن ذلك يتم من خلال قواعد البيانات غير القادرات المسجلات ببرامج الدولة مثل برنامج «تكافل وكرامة»، و هـو برنامـج التحويـلات النقديــة المشروطـة الـذي أطلقـتـه وزارة التضامـن الاجتماعـي تحـت مظـلة تطويــر شــبكات الأمـان الاجتماعــي.
وأوضح أن الخطوة التالية لتحديد قاعدة بيانات دقيقة للغارمات هي تفعيل المادة (18/2) من قانون العقوبات، والتي تنص على أن لكل محكوم علية بالحبس البسيط لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أن يطلب بدلا من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيل خارج السجن طبقًا للقيود بقانون الإجراءات الجنائية إلا إذا نص الحكم على حرمانه من هذا الخيار.
عصام هلال: إلغاء إيصال الأمانة ليس الحل
وفي سياق متواصل للحديث حول الحلول القانونية، أكد النائب عصام هلال، عضو مجلس الشيوخ والأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، أن الحل لا يتمثل في إلغاء إيصال الأمانة؛ نظرًا لقيام التجار بإيجاد حيل أخرى، بينما فرض ضوابط على الاستغلال السيء لإيصالات الأمانة.
كما طالب عضو مجلس الشيوخ باستبدال العقوبات السالبة للحرية في حالة الدين المدني الواردة بالمادة (340) ونصها "كل من ائتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس" بالعقوبات البديلة والخدمة العامة، مستشهدًا بالتجارب الدولية بأنه لا يوجد حبس على الدين المدني.
وبدوره، بيّن النائب عاطف مغاورى، عضو مجلس النواب، أن قضية الغارمات تتعلق بطرفين المقترض والمانح؛ لذلك يجب العمل على طرفي العلاقة من خلال التشريعات والقوانين، وحماية الغارمين والغارمات من جشع التجار والمانحين الذين يستغلون حاجة هؤلاء السيدات ويتم ذلك من خلال استحداث قاضي تحقيق للتأكد من نية الطرفين، موضحًا أن جمعيات الإقراض تستغل الفقراء وتعيد إنتاج الفقر، ولابد من فرض ضوابط صارمة وإجرائات تشريعية لمواجهة تلك الجمعيات.
ولحفاظ حق الطرفين المقترض والمانح، أيد عضو مجلس النواب إجراء تعديل تشريعي بقانون العقوبات يضمن التوصيف القانوني الدقيق لحالة الغارمين/ات.
هشام بهلول: الغارمات ظاهرة تحتاج إلى تعديل تشريعي لحماية الدائن والمدين
ومن جهته، قسم المستشار هشام بهلول، المحامي العام لدى نيابة النقض، الحلول مع الغارمات خارج السجون والمتمثلة في تعديل إجراء تشريعي للقضاء على الظاهرة، بينما الغارمات داخل السجون بواسطة منظمات المجتمع المدني، والوصول لتعديل تشريعي يقر بالعقوبات البديلة بدلًا من العقوبات الجنائية.
كما وضح المحامي العام لدى نيابة النقض، أن وضع القضاة صعب عند إصدار الحكم ضد الغارمة؛ لأنه يضع حكمه بميزان حساس حتى لا يضر باقتصاديات الدولة والسوق المصري، وأكد على أن اختفاء إيصال الأمانة من السوق المصري ليس الحل، لأن السوق قادر على التكيف وسوف يبتدع وسيلة تبادل تجاري أخرى يمكن الاعتماد عليها بدلا من إيصال الأمانة، كما أن الشبهة الجنائية موجودة في الشيك وليس إيصال الأمانة.
أما بالنسبة لفكرة قاضي التحقيق، لفت «بهلول» إلى أنه موجود في مصر منذ سنوات طويلة ولكن لا يتم الاعتماد عليها بشكل كبير.
منال الجميل: أطالب بدمج الغارمات للاستفادة من برنامج فرصة
واقترحت منال الجميل، النائبة البرلمانية السابقة خلال ورشة العمل “سجون بلا غارمات من منظور قانوني”، مجموعة حلول وهي قانون حاكم لعملية الإقراض ليضمن حق الدائن والمدين، إلى جانب تنظيم عمل المنظمات الأهلية تحت مظلة وزارة التضامن الاجتماعي لتحقيق هدف تصنيف دقيق للغارمات، وتطبيق التدابير الاجتماعية بدلًا من العقوبات السالبة للحرية وفق شروط يقرها القانون، وفي حالة قيام الغارمة بتكرار عملية الدين يتم تنفيذ عقوبة الحبس.
إلى جانب ما سبق، طالبت النائبة البرلمانية السابقة بدمج فئة الغارمات للاستفادة من «برنامج فرصة» التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، والذي يهدف إلى دعم الفئات الأكثر احتياجًا وغير القادرة على العمل، لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير الوظائف اللائقة المناسبة لهم.
هدى أبو رميلة: الحل يكمن في التمكين الاقتصادي والتوعية
أكدت الدكتورة هدى أبو رميلة، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأهرام الكندية، أن الحل لقضية الغارمات هو التمكين الإقتصادي للسيدات المهمشات، نظرًا لأن الفقر هو السبب الرئيسي للجوئهن للاستدانة، كما لفتت إلى أن المؤتمرات الشعبية لتوعية السيدات بخطر الإمضاء على إيصالات الأمانة هام جدًا.
وجدير بالذكر أن «التحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون» دشنته الجميعة من خلال مشروع حياة جديدة بالشراكة مع مؤسسة دروسوس منذ 2017، والذي هدف لتعديل المادة الخاصة بإيصال الأمانة في القانون المصري وهي المادة 341 من قانون العقوبات، واستبدال تنفيذ العقوبة داخل السجن بالعمل بالخدمة المدنية خارج السجن، إلى جانب شطب السابقة التى تسجن فيها المرأة بسبب إيصال أمانة من صحيفتها الجنائية، وتعديل القانون بحيث يتم تأجيل تنفيذ الحكم على المحكوم عليها حتى تلد و يكمل رضيعها العامين، ثم تطبق العقوبة، وتفعيل مادة فى القانون تنص على جواز تأجيل تنفيذ الحكم على أحد الأبوين إذا كانا محكومين فى نفس القضية فى حالة وجود أطفال قصر ثم تنفيذ الحكم على الثانى بعد انتهاء الأول من قضاء العقوبة.