رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر والصين.. علاقات ممتدة

فى 30 مايو 1956 بدأت العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية الصين الشعبية، علاقة يمر عليها الآن 65 عاما من التعاون المشترك من أجل تقدم ونهضة وبناء البلدين ومن أجل المشاركة معًا والمساهمة فى حل القضايا المحلية والإقليمية والعالمية وتحقيق الأمن والسلم العالمى.

مصر والصين حضارتان وثقافتان عريقتان أثرا فى العالم المحيط بهما اقتصاديا وتجاريا وثقافيا، وساعدت العلاقة المصرية- الصينية على نمو العلاقات بين الدول الإفريقية والعربية وبين الصين مما زاد من التبادل التجارى بينها، ونمو الاستثمارات فى العديد من المشروعات فى البلدان العربية والإفريقية فى العديد من المجالات. 

بدأ التحول التاريخى للصين بنجاح الثورة الصينية عام 1949، وبدأت الصين فى استعادة موقعها فى قلب المنظومة العالمية عبر البناء والنهضة فى مجالات الصناعة والزراعة والعلوم والتكنولوجيا وعلوم الفضاء وصناعات وتطوير الأسلحة.

ولقد مكنها ذلك من المشاركة فى النظام الاقتصادى والتجارى العالمى والتأثير فى محيطها الإقليمى، كما مكنها من الصعود فى السنوات الأخيرة كقطب عالمى بجانب أمريكا وروسيا.

وحرصت الصين عبر سياسة الإصلاح والانفتاح منذ أكثر من 40 عاما على التعاون بينها وبين دول العالم على أساس المنفعة المتبادلة والمصير المشترك وعدم التدخل فى سيادة الدول وشئونها الداخلية، ووسعت من علاقاتها بالدول العربية والإفريقية، وتعاونت مع هذه الدول فى مجالات عديدة فى الطاقة الجديدة والمجال التكنولوجى والبنية التحتية، ومدت يد العون لمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية.

وإذا أردنا الحديث عن عمق العلاقات الصينية- المصرية نجد أن مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات رسمية مع الصين فى 30 مايو 1956.. ولقد عملت مصر فى السنوات الأخيرة على التعاون بينها وبين الصين فى عدد من المشروعات التنموية فى منطقة قناة السويس الصناعية، منها الطاقة المتجددة ووسائل النقل، كما ساهمت الصين فى مشروعات البنية التحتية والمبانى فى العاصمة الإدارية الجديدة، واستفادت مصر من الخبرات الصينية فى مجال تكنولوجيا المعلومات والمدن الذكية والذكاء الاصطناعى، وتم إنشاء كليات جديدة فى المجال التكنولوجى المتقدم بالتعاون مع الصين.

وانضمت مصر لمبادرة «الحزام والطريق» التى أطلقتها الصين وبدأت فى تنفيذها مع معظم دول العالم، ومن المعروف أن لهذه المبادرة دورا كبيرا فى محور التنمية بقناة السويس، وتنمية طرق التجارة بين الشرق والغرب.

ومن الجدير بالذكر أنه عقب تفشى فيروس كورونا دعم الجانبان الصينى والمصرى بعضهما البعض، وقدمت الصين مستلزمات طبية ووقائية سريعة لمصر.

ومن الجدير بالذكر، أيضا، أن مصر أول دولة فى قارة إفريقيا تحصل على اللقاح الصينى المنتج من شركة «سينوفارم» الصينية وثانى دولة عربية بعد الإمارات، وأنه جارٍ العمل لبدء تصنيع لقاح فيروس كوفيد- 19 فى مصر خلال الأشهر المقبلة فى إطار سعى مصر لأن تكون مركزا لتصنيع اللقاحات فى إفريقيا والشرق الأوسط، وذلك بالشركة القابضة للقاحات والمستحضرات الطبية فاكسيرا.
وجاء اختيار مصر والعديد من الدول «منها السعودية والإمارات والكويت والأردن والبحرين، والاعتماد على اللقاح الصينى لعدة أسباب منها أن التكنولوجيا المعمول بها سبق وتم استخدامها فى تطعيمات كثيرة، وهى عبارة عن أخذ فيروس ميت يتم حقنه فى جسم الإنسان بشكل جزئى على مرتين، أو كلى، مما يؤدى إلى تنبيه جهاز المناعة لإنتاج أجسام مضادة للفيروس. 

كما أن من أسباب اختيار لقاح «سينوفارم» الصينى أيضا أنه ناجح حتى الآن بنسبة 79%، وأن آثاره الجانبية ليست كبيرة حتى الآن، كما أنه يمكن وصوله دون تكلفة عالية وتخزينه وتسليمه عبر نظام سلسلة التبريد الموجودة وهى 4 درجات مئوية.

إننا نأمل فى مزيد من التعاون بيننا وبين الصين على أساس ما تنادى به الصين من علاقات مشتركة بين الدول على أساس التعاون والمنفعة المتبادلة، ورابطة المصير المشترك، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، مع العمل على حل الأزمات والصراعات سياسيا من أجل أمن وأمان وسلامة الشعوب.