رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنما الأصوليون إخوة



هجوم ممنهج يطال التنوير والتنويريين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، تعددت أسماء المهاجمين- وبعضهم بلا هوية- واختلفت ألسنتهم وفقًا لمرجعية الشتائم ومفردات نسيجه اللغوى، لكن المتن واحد ثابت لا يتغير ولا يتطور!
تشويه مقصود ومتعمد وموجه يصوّب دومًا لصدور من يتحدث باسم الوطن والتنوير، ويطالب بالتجديد الذى طالب به رئيس البلاد شخصيًا، مرارًا وتكرارًا، ولقد وظفنا نحن الوطنيين التنويريين عقولنا وأفئدتنا وسخرنا حناجرنا وجفت ألسنتنا ولم تجف أقلامنا أو صحفنا، وسخرنا صفحاتنا الافتراضية، وانشغل واقعنا المعيش بقضية التنوير والتجديد، وقضينا دهرًا ونحن نسعى ونطالب بالتجديد والتطوير والتصويب للتراث والفكر والخطاب الدينى ضد الأصولية والفكر السلفى الذى سلفن مصر والمصريين وتمكن من عقول وقلوب الكثيرين، وما زالت الأصولية تحاصرنا من كل حدب وصوب ويسخر هؤلاء أنفسهم لخدمة مآربها باستماتة يحسدون عليها!
لقد تخلص ولى العهد السعودى من الوهابية وخلص منها بلاده ومواطنيه، وفى بلادى يتشبث الأصوليون بأصوليتهم فكرًا وسلوكًا فى معركة أراها محسومة لصالح التنوير حتمًا ويقينًا وبلا جدال، وجميع محاولاتهم للتشبث بما تبقى من أصولية ما هى إلا حلاوة روح تسبق عادة مرحلة الذبول فتتشبث تلك النمور الجريحة بآخر ما تبقى لها من أمل قبل أن تغادر وينتهى أمرها، تمامًا كما تفعل الجماعات الإرهابية فى كل مكان، رحيل هؤلاء الأصوليين عن بلادنا وحيواتنا بات وشيكًا.. أراه وشيكًا.
وقبل الرحيل ينشرون ويبثون ما تبقى لهم من قيح يغرقون به حيواتنا لتنغيصها علينا وجعلها لا تطاق، ولكننا صامدون ثابتون على مبادئنا وقيمنا العلمانية التنويرية التى ترفض الأصولية والثيروقراطية، والزج بالدين فى تلابيب الحكم وشئون السياسة لصالح الدين فى الأساس ولصالح البلاد وقاطنيها.
التنوير يزاحم اليوم على استحياء، ووجد لنفسه بالفعل موطئ قدم، وحدثت الإفاقة التى كنا نرجوها ونترقب حدوثها وسعينا لها بل وهرعنا إليها وتكبدنا ما تكبدنا وما زلنا نتكبد، حتى جاءت إلينا بعد سعى أرهقنا وأتلف الكثير من طاقاتنا ومقدراتنا، حتى رأيناها بأم أعيننا فى مناحٍ كثيرة، وأول الغيث قطرات سيعقبها حتمًا خير غزير سنشهده جميعًا وكل آتٍ قريب.
النور يطغى على الظلام حتمًا وعباد العتمة يعشقونها ونحن عباد النور نسعى ونهرول صوبه وجعلناه مرشدًا لنا ودليلًا نسير وراءه ما استطعنا إليه سبيلًا، إنه عهد التنوير لا عهد الظلام، وطريق النور طويل محفوف بالمخاطر والمنغصات، لكنه الطريق الآمن بل إنه الطريق الأوحد الذى لن نحيد عنه قيد أنملة، ولن يثنينا عنه عاشقو الظلام بأريحية عجيبة تثير الشفقة والغثيان معًا.
الدين نور ورحمة وسلام ومودة، أما البغضاء فهى شريعة الكارهين ولا تستوى المحبة ولا تستقر فى قلب مؤمن يعشق الله ويسير فى نوره، ترى الكارهين دومًا فى معتقدات عدة، ورغم اختلاف المعتقد تلمح تطابقًا عجيبًا فى طرحهم وطريقتهم فى التعبير والتشويه ومفرداتهم ينتجها ذات النسيج اللغوى الممزوج دومًا بعنصرية مقيتة، فالأصوليون إخوة فى كل معتقد وفى كل زمان ومكان يرمون المختلف بالباطل وبأشنع الصفات ويحرضون ضده بكلمات لها مفعول السلاح الفتاك، ومن منهم فى عصر الاستقواء مارس العنف فعلًا لا مجازًا، ومن فى مرحلة الاستضعاف ينتظر دوره، وإن موله أو أمده أحدهم بالسلاح سيتحول حتمًا لقاتل مأجور يقتل باسم الرب والإله.