خلافات قديمة وتطورات جديدة.. صراع أنقرة - أثينا مسلسل لا ينتهى
تتواصل الضغوطات الدولية على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في صراع شرقي المتوسط، حيث شهدت أزمة تركيا مع اليونان وقبرص بشأن التنقيب عن الطاقة مؤخرًا تغيرات عديدة، ودخول قوى جديدة في الصراع، أهمها فرنسا.
وأدى تصعيد العلاقات اليونانية التركية إلى تعريض طموحات الجهات الفاعلة الخاصة والدول القومية الإقليمية للخطر في مجال الطاقة، كما أدى إلى تفاقم البيئة الأمنية الإقليمية التى تواجه مشاكل بالفعل، وفقًا لموقع أويل برايس «Oil Price».
- حقوق الحفر وتصاعد التوترات
تصاعدت التوترات بين اليونان وتركيا بشأن حقول الغاز الطبيعي والنفط في شرق البحر الأبيض المتوسط، المتشابكة مع المطالبات البحرية بسرعة في أغسطس 2020.
ففي 10 أغسطس 2020، أرسلت تركيا سفينة أبحاث «أوروتش رئيس»، مصحوبة بسفن حربية للبحث عن موارد الهيدروكربون في المياه بين جزيرة كريت وقبرص، والتي تدعي اليونان أنها ملكها، ومنذ ذلك الحين، ردت اليونان بإرسال سفن حربية إلى المنطقة، واصطدمت سفن البلدين، الأمر الذي جعل الصراع يأخذ منعطفًا كبيرًا نحو الحرب.
- خلافات قديمة
تعد التوترات والمناوشات الإقليمية بين اليونان وتركيا ليست جديدة، حيث اختلفت اليونان وتركيا تاريخيًا حول وضع قبرص، وانقسمت إلى قسمين بعد حرب 1974 بينهما.
أدى ذلك إلى إنشاء الجمهورية التركية لشمال قبرص، التي لا تعترف بها أي دولة في العالم باستثناء تركيا وحدها، كما كان قرب الجزر اليونانية من البر الرئيسي التركي مصدر خلافات، وعلى وجه الخصوص، في عام 1996، كادت اليونان وتركيا أن تخوضا الحرب بسبب سلسلة من الخلافات حول ترسيم حدود المناطق الاقتصادية الخالصة، والمياه الإقليمية والجرف القاري، وحقوق الطيران الدولية، ونزع السلاح من الجزر اليونانية في بحر إيجه.
- تطورات جديدة
تسبب إعلان تركيا عن عدم قدرتها على منع المهاجرين من دخول دول أوروبا، وتجدد التوترات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي وما نتج عن ذلك من عبور المهاجرين من اليونان وتركيا من بين أمور أخرى، في توتر العلاقات بين البلدين في عام 2020، بالإضافة إلى قرار أنقرة تحويل متحف «آيا صوفيا» إلى مسجد، وهو معلم ثقافي وتاريخي من العصر البيزنطي، حيث لقى هذا القرار رفضًا كبيرًا من اليونان.
وتتمثل الأزمة الحالية حول التنافس بين البلدين على احتياطيات النفط والغاز في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، فجادلت تركيا بضرورة تقاسم موارد قبرص، وتراجعت عن التنقيب في العام الماضي، ومع ذلك، وقعت أنقرة اتفاقية مع حكومة الوفاق الليبية، لإنشاء منطقة اقتصادية خالصة من الساحل الجنوبي التركي إلى الساحل الليبي الشمالي، متجاهلة المياه الإقليمية لجزيرة كريت، والمناطق الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري.
وفي أوائل أغسطس 2020، توصلت اليونان ومصر إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة اقتصادية خالصة بين سواحل البلدين، مما يتعارض مع الاتفاقية التركية الليبية، أدى ذلك إلى قرار تركيا إرسال سفينة أبحاث أوروتش رئيس بالقرب من جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، ومنذ اصطدام السفينتين، تصاعدت التوترات مع تهديد تركيا لليونان بالحرب إذا لم تسحب سفنها البحرية من المنطقة، فيما أرسلت فرنسا وإيطاليا بشكل ملحوظ سفنًا حربية وأجرت تدريبات عسكرية مع اليونان.
- طموحات تركيا في مجال الطاقة المهددة بالانقراض
يتجاوز التصعيد البحري الحالي بين اليونان وتركيا نزاعات الجوار المعتادة، حيث يضاف التوتر إلى الصراع المستمر على الموارد في شرق البحر الأبيض المتوسط.
ومنذ اكتشاف حقلي الغاز من قبل إسرائيل ومصر قبل 10 سنوات، جذبت المنطقة التي كانت تعتبر سابقًا خالية من النفط والغاز انتباه المستثمرين الدوليين ودول أوروبا والشرق الأوسط.
- الدعاوى البحرية والموارد القانونية
تزيد حالة عدم اليقين القانونية من تعقيد الحل المحتمل للنزاع البحري، وتخفيف التوترات في المنطقة، وتستند المطالبات البحرية لليونان على "خريطة إشبيلية"، التي تزود كل جزيرة يونانية بأقصى مياه إقليمية "12 ميلًا بحريًا" والمنطقة الاقتصادية الخالصة "200 ميل بحري"، لكن تركيا رفضت الخريطة، التي أذنت بها المفوضية الأوروبية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ووصفتها بأنها "غير عادلة".
- صراع المتوسط
على الرغم من ارتفاع التوترات في المنطقة واستمرار التعزيزات العسكرية، فمن غير المرجح أن تدخل اليونان وتركيا في حرب، خاصة أن كلا البلدين حليف في حلف الشمال الأطلسي «الناتو»، وبالتالي فإنهما ملزمان باللجوء إلى الوسائل السلمية عند حل النزاع بينهما.