ياسر صادق: تجربة أشرف عبدالباقي دفعت مسارح الدولة للمنافسة (حوار)
ممثل ومخرج مسرحي، قدم العديد من الأعمال في التلفزيون والسينما والمسرح، "يوم أن قتلوا الغناء" العرض المحبب إلى قلبه، رواية "لحظة حب" التي كتبها وحولها إلى عرض مسرحي أعادت زوجين كاد أن ينفصلا عن بعضهما من عظمة رومانسيتها.
وصف الحب بأنه الزيت الذي يلين تروس الحياة، وأنه المداد لسيرها، طالب بعودة العروض الرومانسية، أحدث طفرة كبيرة في المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية، حيث أعاد مجلة المسرح، وأسس فرقة موسيقية لإحياء الأغاني الدرامية.
"الدستور" حاورت الفنان والمخرج ياسر صادق، رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية، للحديث حول أجندته لتطوير المركز بعد التجديد للمرة الثانية على التوالي، وإنجازاته خلال الفترة القادمة، ودور المسرح في مواجهة الأفكار الأخرى، والعديد من القضايا العامة بالشأن المسرحي.
بعد تجديد الثقة للعام التاني.. حدثنا عن أجندتك الفترة المقبلة لتطوير المركز؟
سيتم استكمال مشروع المتحف الحلم الكبير، حيث تم إنشاء أجنحة في المسارح على أساس أن تكون النواة والإشارة إلى أن هناك متحفا للفن ورموزه، يقام داخل المركز.
والمتحف يضم رموزًا للمجالات الثلاثة المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، فمصر لديها رموز لا حصر لها في الفن، ولها أثرها في الوطن العربي، وفي مجال الموسيقى حدث ولا حرج من الملحنين العظام والمطربين والمؤلفين والشعراء والموسيقيين، وفي الفنون الشعبية رموز عظيمة.
فالمتحف سوف يحوي المقتنيات الخاصة برواد الفن، وسيكون له تأثير على حركة السياحة على مصر مستقبلا، وهذه الفكرة نابعة من الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة لإحداث طفرة كبيرة.
وهو من المشروعات القومية التي تحتاج إلى جهد ومال كبير، ونحن الآن في مرحلة التجميع، فهناك مقتنيات قديمة خاصة بالسيد درويش وعصايته طربوشه، وعقد زواجه، وزكريا الحجاوي، وزكي طليمات، ودولت أبيض وعلوية جميل، وأمينة رزق، وهناك 20 ألف صورة تراثية قديمة للعظماء الذين كان لهم دور كبير في ريادة المسرح.
وأما حديثا فتم التعاون مع جمعية أبناء فناني مصر، لجمع مقتنيات آبائهم وأجدادهم لحفظها في المتحف، فقدم أبناء الراحل محمود الجندي، ومحمود مسعود ومظهر أبوالنجا، وعمر الحريري، وحسين رياض، ومن الأحياء من هم تقدموا بمقتنياتهم سيدة المسرح الفنانة سميحة أيوب، سمير العصفوري.
ويضم المتحف أيضًا مقتنيات من مؤسسي السيرك القومي، لمدرب الأسود محمد الحلو ومحاسن الحلو، وأولاد ياسين، والجوهري، ورماح، وأولاد عاشور الرواد الأوائل للسيرك.
صرحت في أحد لقاءاتك بأنك كونت فرقة موسيقية من أبناء المركز.. نود التعرف على إنجازاتها؟
تضم الفرقة 36 عازفا، معظمهم من الكونسفوار والموسيقي العربية، متخصصين في إعادة تقديم الأغاني الدرامية التراثية التي قُدمت في المسرح والسينما والتليفزيون، وهذا التخصص جعلها مختلفة عن الفرق الأخرى، فهناك مجموعة من النوات والأسطوانات التراثية النادرة التي تجاوز عمرها القرن، فتعمل على إحيائها بشكل آخر ملائم والعصر.
شاركت الفرقة فيما يقرب من 10 حفلات منها: الوطنية والدينية، حيث شاركت في حفل تكريم الفنانة الراحلة شادية، وحفل افتتاح مسرح جامعة السويس، واحتفالات أكتوبر، وقامت بحفل للفنان الراحل سيد درويش، وعملت على استرجاع ليالي الربيع عودة لزمن الفن الجميل.
أجنحة المركز القومي في المسارح.. ماذا عنها؟
الفكرة كانت مصدرها الوزيرة حيث رأت بأن هناك مقتنيات مهمة في المتحف، ونريد تنميتها وكيفية طرحها للجمهور، وأعددنا خطة لذلك، ومن هذا المنطلق بدأنا نعمل حيث يرتبط المركز بالمسارح ارتباطًا وثيقًا، وتم اتخاذ الإجراءات مع رئيس البيت الفني للمسرح والفنون الشعبية المخرج عادل عبده، وبإشراف ودعم كامل من رئيس قطاع الإنتاج الثقافي المخرج خالد جلال، وتم طرح فكرة الأجنحة في كل مسرح حيث تشمل وظائف عدة وليس متحفا فقط، بحيث يكون في كل مسرح بعض من مقتنيات ومستنسخات من عملوا على خشبة هذا المسرح، فكل مكان له فئة خاصة به من الفنانين.
إضافة إلى شاشة يوجد عليها استعراض لكل المديرين الذين تولوا هذا المكان بكل إنجازاتهم، وأن هذا المكان أيضا به منفذ لبيع إصدارات المركز المتخصصة والمجلات مثل مجلة المسرح، إضافة إلى أنه قاعدة بحثية عليها باحث لديه لاب توب به كل عناوين المركز، بحيث يستطيع أي باحث ليس لديه القدرة علي التواجد في المركز يتوجه إلي أي سيشن يجد ضالته، ويقوم الباحث بتقديم تقرير مفصل عن المسرح، وما قدم فيه خلال شهر أو اثنين على أن يقدم التقرير ويتم وضعه في كتاب توثيق المركز، وهذه خطوات مهمة في تطوير المركز، وستفرق كثير في عملية النهضة المسرحية.
وجزء من أنشطة المركز التوثيق المصور ودوري خلال الفترة الماضية تعظيم دور المركز بحيث يكون توثيق وتصوير احترافي لجميع العروض المسرحية والمقتنيات، حيث بدأت استعين بكوادر متخصصة وتم شراء معدات وأجهزة مثل الكاميرات والإضاءة ووحدة مونتاج على أعلى مستوى للاستعانة بها في فعاليات وزارة الثقافة.
أصدر المركز عددا من الكتيبات عن رواد الفن.. حدثنا عن الهدف من الفكرة؟
المركز أصدر عدة كتيبات متخصصة تكريما لرواد الفن وتعريفا بهم للأجيال القادمة وتخليدا لذكراهم العطرة، منها: عن الفنانة الراحلة شادية يتناول رحلتها الفنية وحياتها، وعن العرض المسرحي طوق وأسورة الذي حصل على جائزة أفضل عرض مسرحي على مستوى الوطن العربي، وسيد درويش، أشرف عبدالغفور، عبدالمنعم إبراهيم، شيخ المداحين محمد الكحلاوي تحت الطبع، ومن المفترض أن يتم حفل تكريم واستلام مقتنياته، كما جاري إعداد كتيب عن الراحل توفيق الدقن يكتبها ابنه.
نرى أن المركز لا يقوم بعقد فعاليات تثقيفية مثل باقي قطاعات الإنتاج الثقافي ويركز على الدراسات النقدية.. لماذا؟
الندوة إتاحتها للجمهور أكثر، لكن الدراسة تعتبر مرجعا للباحثين، وأفيد وأهم لأنها تعتبر توثيقا للعمل، قوامها أنه يتم إرسال عدد من النقاد لمشاهدة العرض المسرحي، ويتم إجراء دراسة نقدية تحليلة عنه عن العرض وفريقه مصورة، وندرس مدي تحقيقه للغاية، وتشمل على إيجابيات وسلبيات العرض، مع الإشارة إلى من كتب عن العرض، هدفها نرى مدي تأثير العرض ومدى تحقيق الاستعانة منه.
وتم إجراء عدة دراسات منها: عن البخيل، سيرة الحب، الحادثة، نوح الحمام، شباك مكسور، وجاري دراسة نقدية لعرض سيد دوريش، ويوم أن قتلوا الغناء عن مسرح الطليعة.
نشطت حركة النشر في عهدك بعد توقف استمر لمدة 8 سنوات.. أسباب ذلك؟
كانت حركة النشر متوقفة بالفعل، رأيت أنه لابد من توثيق كل ما يخص المسرح والموسيقى والفنون الشعبية حتى تستفيد منها الأجيال فهذا تراث مهم، حيث أصدرت كتاب التوثيق المسرحي 2007- 2008، وكتاب لتوثيق التراث المسرحي من عام 1920 الجزء الثالث والرابع وكتاب لفرقة المسرح الكوميدي لتويثق أعمالها، فتوثيق المسرح يتم على ثلاث مراحل من 2008 إلى 2011 جاري الآن، كل ثلاث سنوات ومن 2011 إلى 2016 ومنها إلى 2020.
وجار في التراث المسرحي توثيق الفترة من 1926 إلى 1930، ملحق به سي دي بها الداتا المجمعة، والكتاب تلخيص وتوصيف للحالة المسرحية في هذه الفترة، ونعد الآن بعض من الكتب المهمة ع الفنون الشعبية.
عملت على استرجاع مجلة المسرح بعد توقفها فترة طويلة.. هل هناك تغيير بين فترتي التوقف والعودة؟
من أهم دوافع استرجاع المجلة أن مصر لابد أن يكون بها مجلة متخصصة في المسرح، حيث إن بعض الدول العربية بها 3 مجلات متخصصة في الشأن المسرحي، والبلد الأم الرائدة لا يوجد بها، فكان حلم المجلة أمل كل المسرحيين لذلك عملنا على عودتها بجدية، والمركز يتولى مهمة التحرير، وهيئة الكتاب تقوم بعملية الطبع بموجب برتوكول تعاون، وكل ذلك تحت إشراف ورعاية الدكتورة إيناس عبدالدايم فهي صاحبة الفكرة.
وفتحت آفاقا جديدة حيث أصبحت ليست متخصصة فقط للمسرحيين بل أن الجمهور العادي سيجد فيها موضوعات شيقة تهمه، في المسرح والدراسات النقدية، بالاضافة إلى الشق الأكاديمي من أبحاث مهمة، ونصوص تراثية، كما تم وضع ملزمة بها تاريخ المتحف ورموزه في كل عدد لإبراز دوره وأهميته الكبيرة.
من وجهة نظرك.. هل ترى أن المسرح اختلف منذ الستينات عن الآن؟
بالطبع هناك اختلاف، في الستينيات من أهم فترات ازدهار المسرح، فبدأ يدخل مرحلة مسرح الانفتاح والقطاع الخاص، فأثرت فترة الانفتاح على مسرح الدولة والمسرح الخاص بشكل تجاري وسياحي أدي إلى انخفاض القيمة وانتشار شكل المسرح التجاري الذي يستهدف الجمهور والعرب تحديدًا، ثم في فترة الألفينيات أصبح مسرح القطاع الخاص ينتهي ويندثر، وبدأ يستعد مسرح الدولة قيمته من جديد، لأنه تولي الحركة المسرحية فقدم عروض متميزة.
وهذه الفترة عظمت الدكتورة إيناس عبدالدايم من دور المسرح لأنها عندها توجه واهتمام للفن، وأن المسرح تحديدا إحدى أسلحة وزارة الثقافة الضاربة والبارزة لأن تأثيره علي الجمهور غير عادي فبدأت الطفرة المسرحية من الأقاليم ومن الثقافة الجماهيرية والبيت الفني للمسرح بتقديم عروض ذات قيمة هادفة، فيعيش المسرح حالة انتعاش وازدهار.
برأيك.. هل تجربة أشرف عبدالباقي أعادت الناس بالفعل للمسرح؟
تجربة لها ما لها وعليها ما عليها، ولست بصدد تقييمها، لكن هي بالتأكيد أحدثت شكلًا إيجابيًا في المسرح، جعلت الناس تذهب إلى المسرح، ودفعت مسرح الدولة إلى الدخول في المنافسة، وبالفعل بدأ الاهتمام يزداد من مسرح الدولة، بتقديم عروض حققت مكاسب مالية أكثر مما حققه مسرح مصر، وكانت التجربة بالنسبة لنا حافظ، وأن يأتي الجمهور أكثر نضجا وأكثر استمرارية لأن عروضنا مستمرة بالشهور.
شاركت بالتمثيل في عرض "يوم أن قتلوا الغناء" حدثنا عن أبرز الكواليس الخاصة به على مدار 4 سنوات؟
من أحب العروض إلى قلبي، وله الكثير من التقدير، وأفضله على أمور كثيرة أخرى، فتغير جميع المشاركين في العمل ما عدا أنا، فهو مهم لأنه يناقش الأفكار المتطرفة والسلوكيات التي أخدها أعداء الوطن والدين، له قيمة إنسانية عالية، نستهدف منه الشباب وبالفعل جمهوره من الشباب كان كبيرا جدًا.
هل ترى أن المسرح سلاح من أسلحة مواجهة الأفكار المتطرفة؟
بالطبع، حيث قدم عروضا كثيرة لمواجهة الأفكار المتطرفة، والبيت الفني أسس فرقة باسم "المواجهة" لتوعية الناس وتصحيح المفاهيم، وهذه الفرقة بديلا للمسرح المتجول الذي كان يذهب للجمهور لتقديم عروض ذات قيمة لمستحقيها، فالمسرح له تأثيره قوي.
كمخرج وممثل.. ماذا عن أعمالك الفترة المقبلة؟
من مطالبي عودة المسرح الرومانسي لذلك، سوف أقدم رواية "لحظة حب" لعرض مسرحي، فلابد من عودة العروض الرومانسية بشدة خلال الفترة المقبلة لإخراج الناس من ضغوط الحياة القاسية التي طغت المادة عليها بشكل كبير وسريع، إضافة إلى الفترة السيئة التي تعيشها البلاد من وباء فيروس كورونا المستجد، وسيعرض في قاعة صلاح جاهين على مسرح البالون.
"لحظة حب" يتحدث عن علاقة وجدانية ما بين شاعر اتصدم في حبه الأول، ورفض أن يحب تاني وأخذ موقفا من النساء عمومًا، فبدأ يكتب قصائد هجاء، وكان فيه فنانة تشكيلية تحبه وتريد الارتباط به، وبدأت ترسم لوحاته من وحي قصائده وتسميها بمسماها الذي في القصيدة وبدأت ترشحه وتأخد حياته عن طريق القصائد استعراض لتاريخه ودخلت في تفاصيله بكل صورة، وأقامت معرضا ودعته، وبدأ يعترف لها بحبه وضعفه ولكن يحدث صراعات داخلية بينه وبين نفسه، وهي كذلك هذه الصراعات تدفع بيهم إلى اللقاء مرة أخرى، ونريد أن نقول في النهاية أن الحب هو أساس الحكاية.
هل ترى أننا بحاجة إلى عودة العروض المسرحية الرومانسية؟
بالطبع، لأن الحياة بلا حب تفقد معناها، فالحب هو الزيت الذي يلين تروس الحياة، والمداد لها، وهو الذي يجعلنا نتحمل ظروف المعيشة، فجميع الأديان تنادي بالحب.
وأذكر موقف في عرض لحظة حب منذ ما يقرب من عشرين عاما، فكان هناك زوجان ذاهبان إلى المأذون للطلاق بعد الاتفاق بينهما وفي سيرهما للطريق رأوا أفيش العرض فقالوا ندخل نرى العرض وبعدين نذهب إلى المأذون وعند انتهاء العرض ظلوا يبكون ومسكوا في بعض جامد ولم ينفصلا، وقالوا لنا هذا الموقف، فالحب يصنع المعجزات، ونبحث عنه جميعا.