رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف حاربت رجاء الجداوي العادات والتقاليد بأناقتها؟

رجاء الجداوي
رجاء الجداوي

لم يكن الطريق مفروشًا بالورود أمام الفنانة رجاء الجداوي، بل كان إصرارها وإخلاصها في العمل هما كلمتي السر لمسيرتها الحافلة بالنجاحات على مستوى التمثيل أو في عالم عروض الأزياء الذي لم يكن متاحًا للفتيات المصريات العمل به وقتها، وكان مقتصرًا على بنات الجاليات الأوروبية نظرًا للعادات والتقاليد السائدة التي كان من الصعوبة مواجهتها، لكن رجاء تحدت الجميع.

ولعبت الصدفة دورًا كبيرًا في حياتها وجعلتها واحدة من أهم عارضات الأزياء المصريات على الإطلاق، وأكثر النجمات أناقة في تاريخ السينما المصرية، وبرغم ذلك فقد استغلت هذه الصدف، وثابرت في كل عمل حتى أتقنته كل الإتقان.

وبعد رحيلها اليوم 5 يوليو 2020 متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا المستجد، نسلط الضوء على حياة "هانم" الفن رجاء الجداوي.

"لم أخطط لشيء في حياتي، بل جاء كل شيء بالصّدفة" هذا ما قالته عن نفسها في إحدى حواراتها، حيث عاشت سنوات طفولتها مع خالتها الفنانة تحية كاريوكا، التي ألحقتها بمدرسة فرنسية داخلية، وكانت متفوقة دراسيًا.

في عام 1958 كان عمرها 15 عام أثناء حضورها في إحدى الحفلات مع والدتها في حديقة الأندلس، كان الحفل لاختيار فتاة لتفوز بلقب سمراء القاهرة، ولم يجدوا فتاة مناسبة بين المتقدمات، فبدأوا البحث بين الحاضرين.

اختارها منظم الحفل الذي أشاد بقوامها الممشوق، وطلبها للتقدم في المسابقة، (ملكة جمال القطن المصري)، الذي كان وقتها ملك الأقطان في العالم، وكانت تصفيات المسابقة ستجري في باريس، وبالفعل لفتت الشابة الصغيرة رجاء أعضاء لجنة التحكيم المكونة من مصطفى أمين، وأنيس منصور، وكمال الملاخ وفتحي أبوالفضل، وتم اختيارها ملكة جمال القطن.

وتشرح ذلك: "ملكة القطن المصري لم تكن ملكة جمال، وإنما ملكة ثقافة ومعلومات، وكانت الفتاة الحاصلة على اللقب تسافر وتشترك لتمثل القطن المصري الذي كان على قمة الأقطان في العالم".

أما السؤال الذي أجابته وكان السبب في فوزها، كان "ما أنواع القطن المصري"، ولأن رجاء الجداوي كانت قارئة نهمة، فأجابته بسهولة، وفازت باللقب.


- عالم التمثيل

كان المخرج هنري بركات أحد الحاضرين بالحفل، والذي وجد شخصية ابنة المأمور "خديجة" في فيلم "دعاء الكراون" تليق على رجاء الجداوي، لتقف أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وتتعلم أولى دروس التمثيل على يديها، بعدما وجهتها لضرورة الشعور بكل كلمة قبل قولها، وبالفعل انتهجت رجاء هذا الأسلوب في حياتها الفنية.


كما اختارها في نفس الليلة بيير كلوفس مصمم الأزياء اليوناني الشهير، للعمل كعارضة أزياء.

نجحت رجاء الجداوي في العالمين "الفن وعروض الأزياء"، وكان عملها كعارضة يعطيها فرصة السفر حول العالم، وكانت أحيانًا تجوب كمرافقة لرئيس الجمهورية لتسويق القطن المصري في الخارج، وسافرتُ إلى باريس وعملتُ لسبعة أشهر لدى مصمم الأزياء العالمي بيير كاردان.

تصدرت صورتها أشهر أغلفة مجلات الموضة والأزياء، كما ارتدت لكبرى العلامات التجارية، وتدربت على يديها الكثير من المصريات للعمل بمجال عروض الأزياء ليمثلن مصر في الخارج، وجاء ذلك بتكليف خاص من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعد أن كان المجال منغلقًا على الأجنبيات، وتخاف اقتحامه الفتيات المكبلات بالعادات والتقاليد، لكن "الجداوي" حفرت اسمها فيه متحدية كل ذلك، وفتحت المجال أمام كل مصرية تريد العمل كعارضة للأزياء.

أما على مستوى الفن، فكان يرشحها المخرجون لدور الفتاة الأرستقراطية، وساعدها على ذلك إتقانها عدة لغات، الفرنسية والإيطالية، بخلاف مظهرها الأنيق.

اعتزلت رجاء الجداوي مجال عروض الأزياء عام 1986 بعد تحقيق الكثير من النجاحات، وركزت في التمثيل بعد زيادة وزنها بسبب إصابتها بمرض الغدة الدرقية، لكنها حولت المرض لفرصة ذهبية لتغيير دماءها، وتجديد الفكر حول الصورة السائدة في السينما للأم النمطية المغلوب على أمرها، وذهبت هي إلى الأم الأرستقراطية الدلوعة التي أحبها الجمهور، ونجحت في أداء هذا النمط بشكل مبهر ومتغير في كل دور.