رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القطاع الخاص فى مواجهة "كورونا"


حتى كتابة هذه السطور، سقط أكثر من70 ألفًا من البشر ضحايا، وأكثر من مليون وربع مصابين، والبقية تأتى،فيروس قاتل ملعون، هاجم البشرية جمعاء فى غفلة من الزمن،وطوال أكثر منثلاثة شهور لا يزاليباغت ولا يواجه، يختبر فينا الإنسانية قبل الإيمان، والتفاؤل قبل الإرادة، والفعل قبل القول، ويأخذ فى هذا بانتباه دول وحكومات وشعوب، جميعها يقف الآنسواسية أمام "كورونا"،وبقدر ما تشتد الأزمة بقدر ما تنفرج قريبًا بمشيئة الله، ولكنها حتمًا سجلت نفسها كنقطة تحول فى تاريخ البشرية، فـ"كورونا" لم يأخذ فقط بأرواح بشر، وإنما أسقط تابوهات أقام عليها النظام العالمى بيتًا اتضح أنه من زجاج.
ملف القطاع الخاص فى مواجهة "كورونا" لم يأخذ مساحته بعد من اهتمام الدولة، وهى التى نعطيها حقها تمامًا فى إدارة الأزمة المستجدة على المجتمع الدولى بكفاءة،صحيح أن هناك أولويات فرضت نفسها، خاصة إذا وضعنا فى الحُسبان سرعة إيقاع "كورونا"،ولكن القطاع الخاص يعمل به أكثر من 23 مليون مواطن مصرى، أكثر من ثلاثة أضعاف العاملين فى الدولة، حوالى 25% من عدد سكان مصر، ومع ذلك لا تزال الحكومة تأخذ صفة مراقبفى مشهد السجال بين طرفى علاقة العمل فى القطاع الخاص، العامل وصاحب العمل، وتدخل الدولة أصبح مُلحًا، خاصة وأن توابع زلزال "كورونا" الاقتصادية تكاد تذهب بعقول أصحاب الأعمال.
أرجوك لا تأخذ كلامى على أنه لطرف على حساب آخر، فالمعادلة لا يصح أن نتجاهل فيها طرفًا لحساب آخر، حسابات العامل مختلفة تمامًا عن حسابات صاحب العمل، ولا يعيب أيًا منهما حساباته، لغة البيزنس لا تعرف سوى الأرقام، إيرادات ومصروفات فى أبسط المعانى، مؤشرات ترتفع مبشرة، أو تنخفض لا قدر الله محبطة،بينما ينطلق العامل من أرضية إنسانية فى المقام الأول، احتياجات أساسية له ولأسرته فى معظم الأحوال، والمطلوب فى أزمات كارثية مثل "كورونا"، أن يبادر كل منهما نحو سلوكمواجهة الأزمة معًا، بحيث تمر بتعاون يبذل فيه كل طرف أقصى ما يستطيع، وطاقة المؤسسات أكبر فى هذا دون شك.
القطاع الخاص فى مواجهة "كورونا" يحتاج إلى دعم الدولة، حتى يستطيع التجاوب مع توصيات الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن عدم المساس بمصالح العاملين به، ودعم الدولة هنا يتلخص فى ضرورة تأجيل سداداستحقاقات الحكومة طرف القطاع الخاص، والتى تمثل أحد أهم بنود مصروفات القطاع الخاص الشهرية الثابتة، وهى تحديدًا استحقاقات المياه والكهرباء والغاز والاتصالات، ومعها استحقاقات الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، ولا أرى مانعًا من إعفاء الأجور طوال هذه المدة من حصص ضرائب كسب العمل المستحقة بمايسهم فى خفض تكلفة هذه الأجور، وكل هذا بشرط إعادة جدولة سداد الاستحقاقات المؤجلة بعد مرور عاصفة "كورونا" ودون أى فوائد من أى نوع.
أما على المدى البعيد، فلابد وأن يهتم القطاع الخاص والعاملون به، بإنشاء صناديق داخلية خاصة لمواجهة مثل هذه الطواريء الكارثية المستجدة، يتحمل فيها كل من الطرفين حصته بقدر طاقته، بحيث يمثل رصيد هذه الصناديق فى النهاية احتياطيات، تمد علاقة العمل بمقومات الحياة وقت الأزمات، وقتها لن يكون هناك مجال لتصريحات إنشائية لرجل أعمال تقوم فى الأساس على مبدأ التواكل، ولا فرصة لرجل أعمال آخر ينسى فى تصريحاته أو يتناسى، أن البشر كانوا دائمًا أحد أهم مقومات ثرواته المتراكمة داخل مصر وخارجها،والموظف المصرى مُطالب بالارتقاءبثقافته المهنية، ثقافة سوق العمل واقتصادياته، حتى يقوم بدورهولا يكون أحادى النظرة وقت الأزمات.