سيد أبو ليلة يكتب: الألمانية والرقّاصة ومنى فاروق
قبل نحو 15 عاما، جاءني زميلي السلفي بالمسجد بوجه منتفخ بالسعادة - كنت صبيا متدينا حينها - وبشّرني بأن الشيخ فلان سيُزوّجه من فتاة أجنبيّة أسلمَت مؤخرا.
كان يحفزني بهذا الخبر لأثبُت على طريق الالتزام، ولأفوز بجائزة مشابهة يوما ما.
سألته فرحا: "أرأيتها؟".
فأجاب: "لا.. هي منتقبة على أية حال، ولكن لي حق الرؤية الشرعية.. واطمئن.. هي ألمانية".
غمز بعينه، لأستنتج مثله أن الفتاة أوروبية حسناء، وأنه "وقع واقف".
وقال لي: "هي تتعلم العربية حاليا، وبمجرد الزواج سأحصل على الجنسية الألمانية، وأسافر لأنشر دين الله في أوروبا".
ثم ربّت على كتفي وبث الحكمة: "ليس هناك أجمل من أن تساعد الناس على التوبة والرجوع إلى الله".
سألته: "حتى وإن كانوا عُصاة؟".
فأكد ناظرا للسقف: "هذا هو طريق الجنة".
فاجأته: "هل توافق على الزواج من رقّاصة أو فتاة ليل؟"
"لأ طبعا".. قالها قبل أن يدرك تناقض موقفه، ثم تسلّح بالأعراف الصعيدية قائلا: "ازاي اتجوّز واحدة نامت مع طوب الأرض".
كان مَثَلي الأعلى لأنه "الدراع اليمين" لشيخ المسجد، وكنت أكثر طفل يحصل على كُتيّبات دينية بعد الإجابة على أسئلة مسابقة "درس العشا"، قبل أي طفل آخر، كنت مشروع سلفي مطيع..
ورغم اجتهادي لإقناع نفسي بمنطقه، إلا أنني أكملت الأسئلة: "ولكنّ فتاة الليل ستتوب وسترتدي النقاب.. فلماذا لا نساعدها؟".
حاول إقناعي قائلا: "سأُبسط الأمر.. هل تستطيع أن تسير بجوار زوجتك وأن تعلم أنك ستصادف شخصا في الشارع قد يعرف تفاصيل جسدها بدقة؟".
كنت "لمض"، فقلت: "نعم.. قد أتزوج امرأة مُطلّقة، وقد يراني طليقها أسير بجوارها في الشارع، ومن المؤكد أنه يعرف أماكن الشامات بجسدها".
أحَسَ بالإحباط، ثم قال: "أقصد أن يراك رجل ضاجعها في الحرام"، وتساءل منفعلا: "من يتحمل هذه النظرة؟".
استنتجت: "إذًا، لا توبة للزانية؟".
استدركَ: "لا أقول ذلك.. ولكن هذا الموقف لا يتحمله بشر، حتى وإن كانت العاهرة التائبة منتقبة، من يضمن أنها لن تعود إلى طريق الشيطان؟".
سألته: "تُرى.. كم شخص مارست معهم عروسك الألمانية الجنس قبل أن تدخل الإسلام؟".
غضب، وقال لي إنني لا أفهم شيئا.. ولكنّ المقارنة بين الألمانية التي دخلت الإسلام وبين فتاة الليل التائبة كانت في مصلحتي.
سكتنا قليلا.. ثم هدأ وقال لي: "الأمران مختلفان، فعاداتنا وتقاليدنا تختلف عن أوروبا، فهناك لن أُحس بالعار".
قلت: "إذا أنت تخاف من نظرات الناس ومن الوصم".. قال: "نعم".. سألته: "والجنة؟".. فأجاب: "لها أبواب كثيرة"، فأنهيت النقاش: "سنختار بالطبع الباب الذي يمنحنا جنسية أوروبية".
كان موقفا كاشفا، لم أنسه يوما، حضرني بمجرد رؤية مقطع الفيديو الذي بثّته الفنانة منى فاروق، لا أعلم لماذا حضرني؟ فقد اختلفت قناعاتي وأصبحت أؤمن بدولة القانون، وبحرية البشر في استخدام أجسادهم دون شرط، غير موافقة أطراف العلاقة الجنسية.
كانت التعليقات التي تنهمر على الفيديو تُجبرني على إهمال ما تقوله الفتاة الموصومة مجتمعيا، ومحاولة استخلاص عيّنة عشوائية تعبر عن آراء المتابعين في المرأة التائبة، التي أخلت النيابة العامة سبيلها، وفقا للقانون المصري.
بعضهم نصحها بالحجاب.. والبعض نصحها بالنقاب.. والبعض أهانها: "هل يعرف أمثالك الحلال؟".. وطلب منها آخر أن ترسل الفيديو الجنسي لأنه "اتحذف من عندي"، بينما حاول آخرون "شقطها" مقابل المال.
كانت حفلة "سلخ" تُعبر بصدق عن عقيدة هؤلاء.. عقيدتهم التي لا علاقة لها بالطبع بالإسلام أو القانون.. فبعد إخلاء سبيل الفتاة ووعد الله لعباده بقبول التوبة أيا كان الذنب، لا يحق لأي شخص أن يزايد على منى أو غيرها.
الحقيقة أن أي شخص معرض لموقف مشابه، فحتى وإن كان يمارس الجنس مع زوجته في فيديو مسرب، لن يرحمه المسوخ.. وقد حدث ذلك في الماضي مع راقصة شهيرة.