رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التاريخ يبدأ من هنا


شهدت مدينة العلمين الأسبوع الماضى أول اجتماع لمجلس الوزراء بمقره الجديد بالمدينة.. خبر تصدر بعض الصحف والنشرات، وربما لم يلفت نظر الآخرين رغم أنه يحمل رسالة مهمة تحتوى على خبر مهم، لقد بدأت مدينة العلمين فعلًا العمل واستقبال الزوار، وارتفعت الأبراج السكنية، ووضع أساس لجامعات دولية ومستشفيات ومدارس، نحن هنا إذن لسنا أمام مدينة للصيف ولا مكان لاستثمار الملايين من الدولارات لفترة معينة من السنة ثم تسكن الأشباح المدينة.

رسالة أخرى أنه قد بدأ عهد جديد من التنمية المستدامة وليس تقليدًا لما حدث لعشرات السنين فى مدن الساحل الشمالى التى تحولت إلى استثمار ترفيهى لطبقات معينة ولشهور لا تزيد على الثلاثة.. صورة مبنى مجلس الوزراء الجديد وأعلام مصر ترتفع عملية تؤكد مولد مدن جديدة تعيش طوال العام، جامعات ومدارس تعنى حياة مستمرة ومستقرة ومدينة جديدة وسط مدن تموت تسعة أشهر ستبعث الحياة تباعًا فى الباقى، ووجود الحكومة كل أسبوع لمدة أشهر الصيف يعنى متابعة دائمة للاستثمار فى المدينة والمناطق المحيطة وأيضًا الطرق المؤدية إليها، يعنى أن هناك متابعة لكل ما يحدث، ولذا سنجد سرعة ودقة فى الأداء والتنفيذ، ويعنى أيضًا إعطاء قبلة حياة لمناطق الساحل، مما سيحول مدن الساحل إلى مدن تعيش كل العام وسنشهد ذلك قريبًا. وإذا كان الأسبوع الماضى قد أعلن عن مولد مدينة جديدة فإن الأسبوع الحالى سيؤكد، من خلال عقد مؤتمر الشباب بالعاصمة الإدارية، أن هناك عاصمة جديدة ولدت وستكمل مرحلتها الأولى فى العام القادم باستقبالها العاملين فى مجمع الحكومة، وتباعًا المناطق السكنية التى تشير أغلب المؤشرات إلى حجز أغلبها بمختلف مستوياتها.. وما بين العلمين والعاصمة الإدارية أتابع يوميًا ما يحدث فى منطقة الأهرامات، حيث تسارع مئات السواعد المصرية إلى استكمال المتحف الكبير استعدادًا لافتتاحه فى يونيو القادم، فى احتفال عالمى، وإن كنا تأخرنا فى الترويج لهذا الحدث العالمى، الذى يضم، ليس فقط افتتاح المتحف الكبير بكل أهمية ما يحتويه من آثار، ولكن أيضًا ما أعلن عن تطوير منطقة الهرم وربطها بمطار سفنكس الدولى، مما يخلق عاصمة سياحية تضم أغلى وأهم آثار العالم وفنادق حديثة.. هذا المثلث الذى يضم العلمين، عاصمة جديدة للساحل الشمالى، يضم مدينة متكاملة وشاطئًا سياحيًا، وتبعد فقط عن العاصمة السياحية ساعتين بالسيارة، وثلاث ساعات، عبر طرق جديدة ومحاور مهمة، عن العاصمة الإدارية، هذا يعنى أن هناك نموذجًا رائعًا للتنمية المستدامة لا يوجد طريق شق إلا فى إطار خطة تنمية متكاملة تبدو ملامحها شيئًا فشيئًا.. وأصبح بإمكان المواطن المصرى أو الزائر أن ينهى أعماله فى العاصمة الإدارية ثم يأخذ الطريق إلى العلمين فى نهاية اليوم ليقضى ليلة بجوار البحر ويعود ثانية ليزور أكبر منطقة أثرية فى العالم.. يومان فقط يعطيانك فرصة للعمل والسياحة، كانت الفرصة فى السابق غير متاحة وتتطلب على الأقل أسبوعًا، وكانت مشقة السفر كفيلة بالقضاء على متعته.. ما حدث فى العلمين، والعاصمة الإدارية، ومنطقة المتحف الكبير، ومدينة الجلالة، وأنفاق سيناء، وتطوير جنوب سيناء، ووسطها، ثم شمالها، ما يحدث فى الدلتا وسيناء نموذج للتنمية المستدامة.. ولكن هل يمكن نقل ذلك للصعيد والواحات والوادى الجديد؟ نعم يمكن وقد بدأت مشروعات التعمير الزراعى، وتطوير المدن الصناعية، وإنشاء مدن المنيا الجديدة وأسيوط، وشق طرق جديدة مؤمنة تستطيع خلالها التنقل بين مدن الصعيد وربط ذلك بالدلتا والموانئ على البحر الأحمر وربط مناطق التصنيع بالبحر الأبيض المتوسط ومناطق التصدير، وإنشاء موانئ جافة جديدة بأكتوبر، كل ذلك يتوازى مع مواجهة حاسمة للعشوائيات وإتاحة الفرصة لتطوير القاهرة، وقد بدأت الدولة فى تطوير منطقة ماسبيرو وانتهت من مناطق عديدة فى الأسمرات وتل العقارب ومنشية ناصر. ويتبقى تطوير القاهرة الفاطمية والخديوية، لكى يرى العالم كله أن مصر هى الأصل، هنا عاش الفراعنة وهنا الدولة القبطية والإسلامية وهنا الدولة الحديثة.. النهضة التى تشهدها مصر فى كل المجالات والأزمات التى تخطتها بمواجهة حاسمة من الرئيس السيسى لا بد أن تثير ضدها قوى الشر فى كل دول العالم، أنت أمام رئيس قرر المواجهة والتحدى، تسلم شبه دولة، أزمات اقتصادية، انهيار للعملة، لا توجد كهرباء، التصنيع متوقف، لا طرق، لا أمن، لكن رغبة الرئيس وإيمانه بشعبه وقدرة هذا الشعب على مواجهة التحدى جعلاه يأخذ القرار تلو القرار ويدخل المعارك وهو مطمئن أن وراءه شعب يحبه ويحميه، والشعب يؤمن بأن له قائدًا يحبه ويحميه، كل ذلك صنع هذه المنظومة التى بدأت ثمارها فى الظهور. مشروع قومى للطرق من أفضل ما نفذ فى تاريخ مصر، أزمة كهرباء تحولت البلاد بعدها إلى مُصدر لها، أزمة غاز وأنابيب تحولت مصر إلى مركز مهم لتصدير الغاز وتسييله، عملة تواجه فى تحد وصمود أزمات اقتصادية ويتحول موقفها من الانهيار إلى الصعود، أمن يؤكده الأجانب قبل المصريين، وها هى آخر تجربة فى تنظيم كأس الأمم الإفريقية خير شاهد. الذين عاشوا يونيو ويوليو ٢٠١١٢٠١٢ وشاهدوا كيف كانت مصر وقت ثورتها فى ٢٠١٣ يعرفون جيدًا ما حدث طيلة هذه السنوات الست، ويعرفون أن القادم أفضل ومتأكدون أن محاولات دول وأجهزة أجنبية كثيرة لن تتوقف.. عادت السياحة فبدأت لعبة وقف رحلات الطيران، استقرت الدولة فبدأوا إشعال المناطق المحيطة فى الخليج والسودان وليبيا وسوريا لجر مصر مرة أخرى إلى حرب بالمنطقة، سيحاولون صنع الأزمات ولكنهم سيفشلون، فشعب ودولة بحجم وتاريخ وقوة مصر يقودها رئيس يؤمن بها وبقدرتها على التحدى سيصل بها إلى النصر وتخطى الأزمات، كل ما يحاولون صنعه لوقف عجلة التقدم سيفشل، فالتاريخ الحديث لمصر بدأت كتابته وستمتلئ سطوره بأجمل الكلمات، وستحيا مصر دائمًا منتصرة شامخة.