رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«العتبة الخضراء».. بعد 25 يومًا على الحريق «هنا تحوّل الرماد للذهب»

جريدة الدستور

استيقظ "أبانوب عماد" 32 عامُا، من سكان منطقة العتبة، مفزوعًا على اتصال هاتفي من أصدقاؤه يخبرونه بأن محله الذي استأجره والده من الأوقاف منذ 26 عامًا وورثه هو عنه، شبتّ فيه النيران، وحين ذهب إلى سوق العتبة وجد المكان بأكمله يحترق.

حاول أبانوب إنقاذ ثلاجات تجميد المواد الغذائية الموجودة في محله، لكن لم يستطع بسب الضيق الشديد لشارع العاطرين القريب من الأزهر، فكان الحريق فيه حتى عندما وصلت سيارات الإطفاء متأخرة لم يكن دخولها هينًا.

النيران ابتلعت قرابة 45 محل، وكانت البداية من شرار تلامس مع خشب "الجمالون"، المكون لسقف خشبي يكسو جميع محلات سوق الخضار الممتد على مساحة 6 آلاف متر مربع، لكن لم يكن يعلم الفرنساويون حينما ارداوا اعطاء سوق العتبة التاريخى مظهرًا أروبيًا يتماشى مع أسواق الشانزلزيه الأشهر في باريس، أن هذا السقف سيكون السبب في كل هذه الخسائر.

وانتقلت النيران عبره تلتَهم لوحًا خشبيًا يلو الآخر، ثم تساقطت قطع الخشب المحترقة على البضائع في المحلات والمخازن فحوّلتها إلى رماد، غطّى جميع أركان السوق، الذي يزيد عمره عن 100 عام، والمُسجّل كعقار ذي طابع معماري مميّز، كما توضّح سجلّات الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

25 يومًا مرت على ذلك الحريق الأشهر الذي نال من سوق الخضار العتبة، إلا أنه مؤخرًا وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بسرعة إخلاء سوق العتبة»التجاري -الأكثر نشاطًا في مصر، بسبب تكرار وقائع احتراقه والبدء ف يتطويره.

"الدستور" رصدت الخطوات الأولي للتطوير وعمليات الإخلاء التي ستتم. من أمام محل "حسني عبدالرازق"، الذي قدم من صعيد مصر في الخمسينات؛ ليعمل في تجارة اللحوم كأقرانه، فكان هذا السوق مشهور بها، وبعد سنوات غير أولاده وأحفاده النشاط لبيع الالكترونيات ومستلزمات الأجهزة الكهربائية، وأصبح الاسم مكتوبًا على لافتة كبيرة محمولة على ستة محالات.

طالت محلات "حسني" ألسنة اللهب لكن لكثرة عدد عماله البالغ 40 بائع، حاول المحل استعادة عافيته سريعًا، واجتمع أصحاب المحال لإنجاز عمليات الترميم، والآن هم على مقربة من اعادة افتتاح الشارع بعد الانتهاء من الصيانة.

لم يكّن يعي "محمد السيد"، صاحب جزارة، أنه بعد شراء ثلاجات تجميبد اللحوم تبلغ أكثر من 800 ألف حنيه تعويضًا عن المحترقة سلفًا إبان الواقعة، أن من الممكن أن يغلق محله استعدادًا لاخلاء السوق، ذلك الرجل الذي قضى خمسين عامًا من عمره عملًا في هذا المحل، خلفًا لأبيه لم يهون عليه أن يتركه مغلقًا يومًا واحدًا فشرع في اصلاحه عقب الانتهاء من إطفاء الحريق.

مسؤولون محافظة القاهرة وحي الموسكي، زاروا السوق، بحسب "محمد" الذي ظن أنهم جاءوا لتعويض المحلات المتضررة أو إعادة المياة المقطوعة عنهم منذ يوم الحريق لكن لم يدرك إنهم في طريقهم لإخلاء السوق.

يرى "محمد"، أن توصيل الممارات الداخلية البالغ عددها 12 ممرًا في السوق، ذات قيمة تاريخية وطراز معماري فريد، وكان يمتلك باب خشبي أثري احترق، موضحًا أن عمليات الإخلاء ستضر بأصحاب المحلات، كما أن التطوير سيقضي على التراث المعماري للسوق.

تضمنت خطط محافظ القاهرة، التي عرضها على رئيس الوزراء في اجتماعهم رسومات تخطيطية؛ لإعادة الشيء إلى أصله، وترميم الحوائط والسقف المعدني والجمالون، بالإضافة إلى إنشاء شبكة إطفاء وحماية مدنية معتمدة.

وأيضًا وتركيب أجهزة إنذار حريق وربطها بالإدارة العامة للحماية المدنية، وإنشاء شبكة كهربائية كاملة للسوق نظرًا لتلفها، مع تعيين جهة مسئولة عن إدارة السوق، ويكون لها مكان ثابت بالسوق ويتم من خلالها المرور اليومي على السوق، وتحديد توقيتات العمل بالسوق.