رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالصور| الحق التائه.. "الدستور" مع مظاليم الثانوية العامة "هنا مطمع الدرجات"

صورة من الحدث
صورة من الحدث

وجوه شاحبة، عيون غمرتها الدموع، قلوب تنتابها الحيرة والقلق، انتظار الوقت قاتل في طوابير امتدت أمتارًا، في صرح عظيم يضم أكثر من مبنى، امتلأ بآلاف الطلاب والطالبات الذين جاءوا من كل حدب وصوب يقدمون طلبات الاطلاع على أوراق إجاباتهم، بعدما استوفوا جميع شروط وخطوات تقديم طلبات التظلم؛ إيمانًا منهم باستحقاقهم في الحصول على درجات أعلى مما أبدوا في أوراق امتحاناتهم.. هكذا مرّت أول أيام فتح باب تظلمات الثانوية العامة في مدرسة "السعيدية" في الجيزة أحد أكبر المدارس في مصر المعنية بقبول التظلمات.

تجوّلت "الدستور" بين أروقة "السعيدية" وعايشت طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم، ورصدت آراءهم في الأيام الأولى حول فكرة إعادة تصحيح الإجابات والطعن على نتيجتهم والتقدّم بطلبات التظلم في مادة أو أكثر، وذلك بعدما يقوم الطلاب المتظلمون باتباع الشروط والخطوات التي أقرّتها وزارة التربية والتعليم، على أن يستمر تقديم التظلمات لمدة 30 يومًا فقط اعتبارًا من يوم الثلاثاء الماضي
أولياء الأمور: أرهقونا طول السنة.. وكملوا علينا بالتصحيح

تبدأ منى السيد، مدرسة في إحدى المدارس الأزهرية، حديثها قائلة: "بنتي كانت علمي علوم، وجابت 91%، وأصرّت على عمل التظلم في مادة الأحياء، بعد أن نقصت فيها حوالي 13 درجة يعني بمثابة 3%، وطبعًا دي نسبة مش قليلة، فجئت معها اليوم تلبيًة لرغبتها في التظلم في مادة الأحياء".

"قبل أن نأتي لعمل التظلم، تحدثت إلى ابنتي وطلبت منها أن تصارحني، إذا كانت فعلًا هذه هي درجتها في الأحياء، فيكون حينها لا داعي للتظلم، وضياع الوقت واستنفاد الأمل، دون فائدة، ولكن وجدتها على أتم الاستعداد لتصحيح ورقة امتحانها مرة أخرى للحصول على حقها، ووجدتها مُصرة على تقديم التظلم في مادة الأحياء تحديدًا؛ كونها متأكدة من حقها في درجات أخرى لم تحصل عليها بعد".

التقطت منها أطراف الحديث ولية أمر إحدى الطلاب، قائلة: "السنة كلها كانت الأسرة في ضغط عصبي لا يحتمل، وزاد الأمر في فترة خوض ماراثون الامتحانات، فلم يغفل لنا جفن، وكان ابني لا ينام تقريبًا من المذاكرة والقلق، وكمان الوزارة وعدت بضمان امتحانات لا يوجد فيها غش، ولكن هذا لم يحدث".


وتروي الأم حكاية بها تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة، فتقول: "كان صديق ابني يجلس في المقعد التالي له، وكان يرى ورقة ابني بوضوح، ولكن المفاجأة أن ابني سقط في مادة الجيولوجيا، وصديقه حصل فيها على 50 درجة بنسبة تعدت الـ90% من المادة، لهذا جئنا لعمل تظلم حتى ينجح نجلي".

"من مركز الصف لمدرسة السعيدية في الجيزة.. بحثًا عن درجة زيادة"، يقولها والد الطالبة أمنية مستاءً من الخطوات الكثيرة وتعقيدها لإجراء تظلم في مادة ما، قائًلًا: "المشوار أخذ أكثر من ساعتين، فكانت الرحلة شاقة؛ بسبب الشوارع المتكدسة، وشلل في الحركة المرورية بشكل عام؛ سواءً كان بسبب إقبال الطلاب لتقديم التظلمات، أو توجههم للجامعة الأم ألا وهي جامعة القاهرة؛ وذلك للحاق بتقديم الأوراق المطلوبة والاستفهام عن شروط الكليات واستيفاء شروط التقديم، فكل هذا تراكم وأدى إلى إرهاقنا بشكل لا يُحتمل لسحب ملف أو إجراء تظلم في المدرسة التابعين لها".

وأوضح الوالد، أنه عانى هو وابنته أمنية معاناة أخرى، فكانت رحلة البحث عن بنك غير مزدحم لدفع الرسوم فيه، لا تقل صعوبة عن رحلته من مركز الصف الذي يقطن فيه، لمدرسة السعيدية، فهي المدرسة التي تستقبل تقديم التظلمات من جميع مدارس محافظة الجيزة، فبحسب شروط تقديم التظلم أن يتقدم الطالب بطلب الاطلاع في المواد المطلوب الاطلاع عليها لمندوب لجنة النظام والمراقبة المتواجد بالمديريات التعليمية التي تتبع اللجنة، أو بالمقار التي حددتها اللجنة مرفقًا بها الإيصال الدال على السداد.

وصف الرجل محاولات تقديم طلب الاطلاع في إحدى المواد لابنته من مركز الصف للوصول إلى المدرسة بالرحلة القاسية والمُجْهِدة، فكان يبحث عن فرع بنك بعيدًا عن زمام منطقة المدرسة لدفع رسوم تقديم التظلم، وهي سداد 100 جنيه فقط على أن يتم دفعها عن كل مادة يرغب الطالب في تقديم التظلم بشأنها بأحد البنوك الوطنية لحساب صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، وفقًا لحساب معين يتم تحويل المبلغ عليه.

نورا: "مدرسين التاريخ صحّحوا الأحياء"
"بيقولوا في مدرستنا إن اللي صحح مادة الأحياء كانوا مدرسين تاريخ"، فجّرت هذه المفاجأة الطالبة نورا عواد، طالبة بإحدى مدارس منطقة أرض عزيز عزت في إمبابة، مؤكدة أنها هي وزميلاتها لم ينجحن في مادة الأحياء؛ مرجعين أسبابهم أنهم علموا أن المدرسين الذين قاموا بتصحيح مادة الأحياء كانوا في الأصل مدرسي مادة التاريخ؛ لذا معظم بنات تلك المدرسة لم ينجحن في الأحياء.

وأوضحت الفتاة أنها صُدمت عندما علمت أنها لم تجتز اختبار مادة الأحياء، بل على العكس كانت تتوقع درجة كبيرة في هذه المادة بالتحديد، ملفتة أنها تعتبر ليست مشكلة فردية بل هي مشكلة عامة في مدرستها؛ لأن نسبة نجاح هذه المادة في المدرسة ضعيفة للغاية؛ الأمر الذي دفع نورا وزميلاتها لتقديم طلب تظلم في مادة الأحياء، وفقًا لحديث نورا.
مؤمن يراهن والده على مصروفات التظلم

لم تكن قصة مؤمن مختلفة كثيرًا عما سبق، والذي عقد اتفاقا ما مع والده الذي كان رافضًا تقديم أي تظلمات؛ اعتقادًا منه أنه مصاريف ولا فائدة من التظلم كونه حصل على درجات أو لم يحصل.

"اتراهنت بمصروفي على التظلم مع والدي"، لم ييأس مؤمن بتاتًا عندما رفض والده إعطاءه رسوم التظلم، فهذا الأمر دفعهما لإبرام اتفاق فيما بينهما والالتزام به، وهو إذا حصل مؤمن على عدد من الدرجات في المواد التي قام بالتظلم فيها، فسيتحمل الوالد أعباء مصروفات التظلم، أما إذا لم يحصل مؤمن على أي درجة فسيتحمل هو تلك المصروفات"، بحسب روايتهما.

وتابع الطالب، أقنعت والدي بهذا الاتفاق؛ لأني واثق من أني سأحصل على درجات في التظلم، وأنا على استعداد بتحمل نتائج هذا الاتفاق، فإذا حصلت على الدرجات مثلما أنا متوقع، فهذا سيساعدني في الانتقال من كلية لكلية أخرى، والتي لطالما أردتها.

أما عن الوالد فيقول: "رضخت أمام إصرار ابني، وكان سبب رفضي مرجوعه لبعد بيتنا عن موقع المدرسة، بالإضافة إلى تحمل مصروفات المشوار ككل، ولكن كونه واثقًا على حقه في الحصول على درجات أخرى، حينها خسارتي ستفرحني كثيرًا، وأتمنى خسارتي أمام ابني هذه المرة".
يارا: المستقبل يتوقف على درجة واحدة فقط

"الدرجة الواحدة بتفرق معانا من كلية لكلية"، تقولها يارا، صاحبة الـ 96%، وتقول إنها قطعت مسافة كبيرة برفقة أختها من إحدى القرى التي تقع على أطراف محافظة الجيزة، من أجل هدف واحد فقط وهو الحصول على أربع درجات، موضحة أنها جاءت للتظلم في مادتي العربي والفيزياء، فهي تنقص في كل منهما درجتين فقط أي 4 درجات في المادتين، وهي تعلم جيدًا أنها ليس لديها أي أخطاء في أي من المادتين؛ ولذلك قطعت هذا المشوار وهي واثقة من قرار تقديم التظلم".

وبنبرة صوت مبحوح يملؤه التمني، تقول الطالبة: "اعتدنا كل سنة سماع أن هناك خللا ما في عملية تصحيح أوراق إجاباتنا، ودومًا ما يكون هناك أخطاء كثيرة من قبل مسئولي التصحيح، واعتبار بعض الإجابات غير صحيحة، ونتفاجأ في التظلم بكون إجابتنا هي الصحيحة وأن مصحح الورقة هو الذي أخطأ، فضلًا عن مشكلة تجميع الدرجات، حتى إنه في بعض الأحيان نجد أن أسئلة كاملة لم يتم احتسابها ولا النظر إليها، وأن هيئة الصفحة تدل على عدم تصحيحها من الأساس، فأتمنى وضع حل لأزمة التصحيح في مرحلة الثانوية العامة".


سهيلة: بتظلم لأني منتظرة طب

"مجموعي 98%، وبتظلم لأني خايفة ملحقش طب"، تقولها سهيلة أنور، طالبة بمدرسة الأورمان الثانوية بنات، معبرة عن استيائها من تصحيح مادة الجيولوجيا، لأنها متأكدة تمامًا أنه ليس لديها أيّة أخطاء في هذه المادة، بحسب مراجعتها مع مدرس الجيولوجيا الخاص بها، وأن هذا سيعرضها لاحتمالية عدم اللحاق بكلية طب قصر العيني.

وتابعت سهيلة، أنها كانت منتظرة فتح باب تظلمات الثانوية العامة؛ لعمل تظلم في مادة الجيولوجيا فقط، حتى إنها تفاجأت عندما وجدت نفسها لم تحصل على الدرجة النهائية في تلك المادة، موضحة أنه من الشروط الجيدة حضور الطالب بنفسه للاطلاع على صورة كراسة الامتحان، وتدوين أي ملاحظات بشأن الإجابة بخط يد الطالب في النموذج المعد لذلك عند الاطلاع على صورة كراسة الامتحان، ملفتة أن أكثر مادتين كانت خائفة من درجاتهما هما الفيزياء والكيمياء، ولكن غمرتها الفرحة حين وجدت نفسها قد حصلت على الدرجة النهائية في مادتي الفيزياء والكيمياء.