رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات المُسنين على أبواب مكاتب البريد

جريدة الدستور

حجرة متوسطة المساحة، تتوسطها نوافذ زجاجية، بداخلها عدد من الموظفين، بينما في الخارج ترى وتسمع أصوات عالية، مشاحنات وشجار طيلة الوقت، زحام وتنافر، وبوابة كبيرة لا تخلو من الدخول والخروج من قبل المواطنين، ذلك المشهد الذي يجري مع بداية كل شهر داخل مكاتب البوسطة لصرف المعاشات.

وبدأت وزارة التضامن الاجتماعي، منذ أيام قليلة، في صرف المعاشات المستحقة عن شهر يناير 2019، قبل موعدها الأساسي احتفالًا بأعياد الميلاد، ويتم الصرف من خلال جميع منافذ الصرف التابعة للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ومكاتب البريد، إلا أن معظم المواطنين خاصة كبار السن يلجئون للمكاتب.

رصدت "الدستور" الأجواء داخل مكاتب البوسطة، حيث توافد المواطنين منذ الثامنة صباحًا، على مكاتب البريد لصرف معاشتهم المستحقة، على الرغم من أنها تبدأ عملها في تمام التاسعة صباحًا وأحيانًا بعد ذلك، إلا أنهم يفضلون الذهاب مبكرًا لحجز أماكنهم ليكون الدخول بالأسبقية، ومن ثم بمجرد فتح الأبواب يتم القبض بأسبقية الحضور.

فريد حسن، البالغ من العمر 89 عامًا، عاش طوال عمره في خدمة المواطنين في مكتب التموين بمطقة الوراق، وبعد أن بلغ سن التقاعد سمح له مدير المصلحة بمد فترة العمل له لخمس سنوات، وبعدها ترك العمل، باحثًا عن عمل جديد.

قالت ابنته حنان إن والدها يكرة المكوث في المنزل بشدة، ولذلك بعد تقاعده بحث عن أماكن للعمل جديدة، إلا أنه عانى بعدها من مشكلة صحية في أوتار قدميه، والتي أبرحته في المنزل، لا يستطيع السير منفردًا، وأصبحت فسحته الوحيدة هي الذهاب إلى مكتب البريد لقبض المعاش، لذلك ظل محافظًا عليها.

"أم محمد" سيدة في عقدها السابع، جاءت لمكتب بريد منطقة الوراق لصرف معاش زوجها، الذي أقرته له وزارة التضامن الاجتماعي، عقب وفاته، عندما ذهبت زوجته إلى مقر عمله فى أحد مصانع الجبن الخاصة، والتي رفضت أن تعطيها معاشًا دائمًا، لأنها تابعة لقطاع خاص، والذي لا يلتزم بعمل تأمينات لموظفيه عقب خروجهم من الخدمة.

كريمة حسن، سيدة سبعينيه، عاشت طوال حياتها في جنح أبيها وزوجها، الذان كانا يعملان في تجارة الخضروات، إلا أن وافتهم المنيه وضاعت تجارتهم بعد أن سرقها أحد صبيانهم، فتوجهت كريمة إلى وزارة التضامن لتقدم على طلب معاش المعروف بمعاش السادات، تتقاضاه شهريًا، معلقه: "الحمد لله المعاش سترني".