رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعليم والصحة وأين نحن منهما؟


لقد كتبت أكثر من مرة حول أهم الأعمدة التى تقوم عليها الدول، وكم يؤلم أى مواطن أن يرى ترتيب بلاده فى المنظومتين متأخرًا رغم التاريخ الطويل عبر عصور ماضية حين كان المصرى القديم بارعًا فى هذين المجالين حتى أبهر، ولا يزال، العالم كله.
وها أنا أطالع البيان الصادر عن المنتدى الاقتصادى لجودة التعليم فى العام الماضى ٢٠١٧ والذى شمل مائة وسبعا وثلاثين دولة، وهذه الدراسة مبنية على قواعد ومعايير أساسية منها البنية التحتية والاقتصاد الكلى وفيزياء التعليم، جاء التركيز على التعليم الأساسى والتعليم الجامعى والتدريب وكفاءة أسواق السلع وسوق العمل، مع الوضع فى الاعتبار الأحوال المالية والمستوى التكنولوجى والابتكار.
وفى هذه السلسلة العالمية جاءت سويسرا فى المرتبة الأولى عالميًا، ومن الجانب العكسى جاءت دولة اليمن فى المرتبة قبل الأخيرة وذلك فى مجال جودة التعليم. كما جاءت قطر فى مقدمة الدول العربية نسبة إلى محدودية حجمها وعدد سكانها ومستواها المالى والاستعانة بخبراء فى مجال التعليم من أفضل دول العالم، كما حصلت على المرتبة السادسة عالميًا، ثم تلتها دولة الإمارات المتحدة والتى كانت فى المرتبة التاسعة عالميًا، ومن اللافت للنظر أن دولة البحرين احتلت المركز الثامن والعشرين عالميًا، ومع أن المملكة العربية السعودية لا تنقصها الموازنات ولا القدرات إلا أنها جاء ترتيبها فى المرتبة الرابعة والخمسين.
أما ما يؤلم المواطن المصرى فهو أن يرى بلاده تقف فى موقع متأخر رغم أن من تقدموها إما أنهم درسوا فى مصر أو على أيدى مصريين فى بلادهم، لكن يظل الأسف والأسى أن تصنف مصر، بالنسبة للدول العربية، فى موقع ما قبل الأخيرة، فقد أعقبتها اليمن.. أما مستوى التعليم عالميًا، فالقياس يبنى على أساس نسبة المتعلمين البالغين ومكانة المرأة تعليميًا فى المجتمع الراقى، ومن اللافت للنظر أن نقرأ عن تقدم دول شرق آسيا التى حققت أعلى النتائج عالميًا ومنها كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة وهونج كونج.
أما الملاحظ فهو تراجع دول كانت فى المقدمة، وأهمها دولة فنلندا التى تراجعت من المركز الأول فى عام ٢٠١٢ إلى المركز الخامس فى العام المنتهى ٢٠١٧، وكذلك تراجعت السويد من المرتبة الحادية والعشرين إلى المرتبة الرابعة والعشرين. كما تقدمت روسيا وبشكل ملحوظ بضع خطوات من المركز العشرين إلى الثالث عشر.. أما الدول النامية فلا تزال نامية وبعضها نائم منها إندونيسيا والمكسيك والبرازيل.
ومما يلفت النظر أن الدول العشر الأولى تتقدمها دولة كوريا الجنوبية، حيث بلغت موازنة التعليم الحكومى أحد عشر مليار دولار، ووصلت نسبة التعليم بين الرجال إلى ٩٩٫٢ فى المائة من جملة عدد السكان فى ذات العام الماضى ونسبة المتعلمات بلغت ٩٩٫٦ فى المائة ولا توجد لدى مدارسهم عطلة أسبوعية، وبالتالى ترتفع نسبة دخل الفرد لتصل إلى خمسة وثلاثين ألف دولار فى السنة نسبة إلى مستوى التعليم الراقى.
أما اليابان فتحتل المركز الثانى، لا سيما فى تفوقها التكنولوجى، مما رفع الناتج المحلى ليصل إلى ستة تريليونات دولار فى السنة.. ثم تأتى سنغافورة فى المركز الثالث وفى ارتفاع نصيب الفرد إلى خمسة وستين ألف دولار فى السنة.. أما المركز الرابع فقد حصلت عليه هونج كونج ونظم تعليمها تعادل نظم تعليم بريطانيا، ووصلت نسبة التعليم إلى خمسة وتسعين فى المائة فى العام المنتهى.
وجاءت فنلندا فى المركز الخامس وتبلغ موازنة التعليم بها نحو اثنى عشر مليار دولار، ويصل نصيب الفرد إلى سبعة وثلاثين ألف دولار فى السنة. واللافت للنظر أن ترتيب بريطانيا بكل تاريخها قد جاء فى المرتبة السادسة عالميًا والثانية على مستوى الدول الأوروبية، ويصل الناتج القومى للفرد إلى سبعة وثلاثين ألف دولار سنويًا.
كما تحتل المركز السابع دولة كندا، حيث تصل نسبة التعليم فيها إلى تسعة وتسعين فى المائة بين الرجال والنساء وتتميز بأعلى معدلات خريجى الجامعات على مستوى العالم، كما يعتبر نظام التعليم إجباريًا حتى سن السادسة عشرة. ويبلغ الإنفاق التعليمى نسبة خمسة ونصف فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى، ويصل نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى إلى خمسة وأربعين ألف دولار سنويًا.
أما المركز الثامن فهو من نصيب هولندا، وإن كان قد تراجع عن العام الماضى بمركز واحد فقط نتيجة انخفاض الاستثمارات فى منظومة التعليم وضعف التخطيط والإدارة فى مراحل التعليم الثانوى، ويقدر نصيب الفرد من الناتج المحلى باثنين وأربعين ألف دولار سنويًا.
وجاءت أيرلندا فى المركز التاسع، وتبلغ نسبة المتعلمين بين النساء والرجال تسعة وتسعين فى المائة، وجميع مراحل التعليم مجانية، وتخصص الحكومة تسعة مليارات دولار سنويًا للتعليم.. أما المركز العاشر فقد حصدته بولندا ويصل الناتج المحلى للفرد إلى واحد وعشرين ألف دولار سنويًا.. وللدراسة بقية، فإلى العدد القادم بمشيئة المولى مع دراسة تفصيلية تتناول حال التعليم فى منطقتنا، وعلى قمتها مصر الحبيبة.. والصحة وما أدراك ما الصحة!.