رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"شيطان عابر".. كانت السماء مفتوحة وماتت أمى بالفعل!

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

هربت من هذه الرواية طويلاً فصاحبها صديق وزميل فى مؤسسة الأهرام ونتقابل كثيراً ،وقد أهدانى كتابه الأول عن تاريخ الاستبداد وظننتُه ـ وبعض الظن إثم ـ كاتباً سياسياً متطفلاً على "الأدب "، وقد اتلسعت كثيراً من هؤلاء ،ولا داعى لتكرار التجربة وقراءة الرواية ، ومن باب الحياء قررت كتابة خبر فالرجل أهدانى النسخة ولم يسألنى رأيى كما يفعل معظم الكتاب وهذا حسن ، وفتحت الصفحة الأولى من " شيطان صغير عابر " للكاتب " محسن عبد العزيز " الصادرة عن مركز المحروسة للنشر، وضربتُ كفاً بكف! ،فقد أنهيتها متنقلاً بين فصولها القصيرة ، لماذا يظلم هذا الكاتب الماهر نفسه وينشغل بالسياسة ؟، فى أقل عدد من الكلمات وباختيار دقيق للمفردات والصور يكتب فصولاً رائقة عن الطفل الذى يسكن داخلنا ، هذا الولد الشقى الذى لا يتعظ أبداً ، يستعيد حكاياته الموجعة :" تمرض أمى ياسادة .. مثل كل الآمهات تمرض .. وأنا ولد عنيد ، شقى مثلما كانت تقول . فلماذا تضربنى وهى مريضة ؟ ، منذ أكثر من أسبوع وهى تتكىء على الحيطان فى مشيها القليل .. كنتُ متأكداً أنها لن تستطيع الإمساك بى .. لكنها انقضت فجأة وبكل غيظها كورت قطعة من لحم فخذى بين إصبعيها ،فصرختُ كما لم أصرخ من قبل .. وغلبها ضعفها فجريت بأقصى سرعة ،ورميت الباب بالطوب كعادتى .. واقتربت من عتبة البيت وأنا أصرخ لتسمعنى : يارب اللى يمرض ما يقوم من المرض تانى " .. ولا أعرف ممن سمعت هذه الكلمات القاتلة ،ولا كيف خرجت من لسانى محملة بغيظ طفل .. الغريب أن أبواب السماء كانت مفتوحة على اتساعها لتموت أمى بعدها وهى لم تبلغ من العمر 36 عاماً ! لينزف قلبى طوال عمرى دماً ، وتقول أختى إننى ولد فقرى ،يخاف الجميع من دعائى .. أنا الذى ينزف قلبى دماً ".