محمد الباز يكتب: قضية حَجر سياسي عاجلة ضد مبارك
تحدث مبارك كثيرًا بعد ٢٥ يناير، لكنه هذه المرة كان مختلفًا تمامًا، بدا لى وهو على التليفون مع الزميلة دينا الحسينى، التى استطاعت للمرة الثانية أن تحصل منه على سبق صحفى خاص بها، ساخرًا وشامتًا، رغم أنه فى مرات سابقة كان يبدو مترددًا ومترديًا ومتهاويًا.
قد يكون من حقه أن يفعل ما يشاء، فبعد كل هذه السنوات من السجن والمحاكمات وتحديد الإقامة، يستعد للانتقال إلى بيته بعد حصوله على البراءة فى «قضية القرن»، التى كان متهمًا فيها بقتل المتظاهرين.
براءة مبارك لا تعنى أنه برىء بشكل كامل، ولكن لأن الأوراق التى وصلت إلى يد القاضى تقول إنه كذلك، وهى أوراق تم إتلافها والحذف منها والإضافة إليها حتمًا، وأسباب ذلك كثيرة، وهو ما مكن مبارك من الحصول على البراءة، وهى براءة فى الغالب لن تحميه من حكم التاريخ عليه.
فى حديث مبارك الأخير، نحن أمام رجل هزلى جدًا، لكنه يعرف جيدًا ما يقوله، وهو ما يجعلنى أدعو أيًا من المحامين الذين يعرفون ماذا فعل مبارك جيدًا، لرفع دعوى حجر عليه، يُمنع بمقتضاها من الحديث إلى وسائل الإعلام، ليس لأننا لا نحب صوته ولا نأنس له فقط، ولكن لأن حديثه فى النهاية سيكون حديث فتنة.
لقد مضى عصر مبارك، شاء من شاء وأبى من أبى، لكن من قال إن الرجل الذى خرج مهزومًا من قصر الاتحادية، لا يفكر فى الانتقام من كل من وقفوا فى طريق استبداده وفساده السياسى.
ستقول: وما الذى يمكن أن يفعله مبارك؟
سأقول: ليست الأزمة فيما يمكن أن يفعله، فقد تهدم تمامًا، ولن يكون فى الغالب قادرًا على فعل شىء، لكنه فى النهاية، وتحديدًا بعد براءته، سيرى أن من حقه أن يتحدث، وأن يحصل على التعويض المناسب، لا أقصد التعويض المادى، بل رد الاعتبار، وهو ما لا يمكن أن يحدث إلا إذا تمت إدانة ثورة يناير بالكامل، وأعتقد أن الزمن تجاوز هذه الصيغة تمامًا.
خذ عندك فقط قضية قتل المتظاهرين، حصل فيها مبارك على البراءة، لكن هذا لا يعنى أن المتظاهرين لم يُقتلوا، ولذلك سيظل السؤال هو: من قتل كل هؤلاء الشباب؟، وهل يمكن أن تضيع دماؤهم هدرًا؟، لن يقول مبارك غير ما قاله، فهو لن يحيى الموتى، ولن يمنح أسر من ماتوا شهداء شيئًا؟.
منع مبارك من الكلام سيكون مفيدًا للجميع، وأولنا هو نفسه، ولو قلت إن هذا حق من حقوقه، سأقول لك: متى حافظ مبارك على حقوقنا، حتى نحافظ له على حقوقه؟