رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صورة مشوهة للمرأة فى دراما رمضان


بداية وقبل أن أستكمل رأيى فى دراما وبرامج شهر رمضان الكريم كعادتى كل سنة مع قرائى، فإننى اقول ان ماتشهده الشاشة هذا العام من دراما وبرامج منذ الأسبوع الأول لا تعكس الواقع المصرى المعاش، ولا تعبر عن الشعب المصرى، وإنما هى تعكس رأى منتجيها ومؤلفيها ومخرجيها عن الواقع الراهن، وحتى لا يتبادر إلى ذهن القارئ أننى أقف ضد حرية الفن أو حرية الفنان، فإننى أبادر بالقول بأننى أقف مع حرية التعبير وأدافع عنها حين يتم المساس بها، لكن هذا العام تم ضخ أكثر من مليار دولار لإنتاج أكثر من ٣٠ مسلسلا مصريا لتشاهده الأسر المصرية فى بيتها فى شهر الصوم الذى يعد أفضل شهور العام وأكثرها روحانية، ولو أخذت صورة الدراما كما تعكسها الدراما الحالية، فإننى سأجد أن المرأة المصرية فى جانب والدراما المصرية التى تقدمها الشاشة فى جانب آخر،،فالمرأة فى مسلسلات رمضان هذا العام وبشكل عام تقدم بصورة مشوهة لاتعكس المرأة المصرية العادية أو المكافحة أو ست البيت أو العاملة أو الغنية أو الفقيرة، لا نجد أى امرأة من نساء مصر اللاتى كان لهن دور كبير وبصمة فى المتغيرات الكبيرة التى حدثت فى المجتمع فى السنوات الأخيرة، أو فى تحريك الأحداث فى الوطن أو فى دعم قيام الدولة المصرية الحديثة التى يتم بناؤها الآن، كل التغييرات الكبرى شاركت فيها المرأة وكانت فى مقدمة الصفوف لمساندة حركة التقدم للأمام، فهل كل ما قدمته المرأة المصرية للوطن من استحقاقات وخطوات لاستكمال أركان الدولة المصرية يتم اختزالها فى دراما هذا العام فى نماذج مشوهة ومرضى نفسيين؟

من المفترض أن الدراما هى مزيج من الواقع والخيال نعم وأن هذا أمر بديهى يعرفه كل ناقد وليس بالضروره أن تحاكى الواقع نعم هذا أمر مسلم به أيضا، ولكن فى نفس الوقت لابد أن يعى من يؤلفون وينتجون أن الدراما لها تأثير كبير ومباشر فى تشكيل العقول وفى توجيه السلوكيات، ومنذ اللحظة الأولى للدراما هذا العام سنجد أنه حتى أغانى مقدمة اى مسلسل تعكس واقعا فاسدا ومريضا ومختلا، نعم إن واقعنا ملىء بالعيوب وبالسلبيات لكن على الفن أن يتضمن رسالة أو هدفاً ينير العقول أو يحدث تغييرا للافضل أو يرتقى بالسلوكيات أو يبث بعض القيم النبيلة، لا أن يهبط بالسلوك ويدمر العقول بهذا الشكل الفج والمدمر، مما يجعلنى أقول إن ثمة أهدافا خبيثة وممنهجة وراء هذه الملايين التى تنفق لتسميم العقول وإفساد القيم،

أما الأمر الخطير هذا العام فهو صورة المرأة المصرية كما تقدمها لنا المسلسلات خلال الشهر الكريم، فهى منذ الحلقات الأولى تقدم المرأة المصرية فى نماذج غريبة و قبيحة وتجعل الشر ينتصر على الخير منذ اللحظات الأولى، فالمرأة فى دراما رمضان الحالى ليست هى المرأة المصرية الحقيقية التى نعرفها والتى تعيش بيننا، والتى نجدها فى معظم البيوت المصرية كبيرة سنا كانت أم شابة أم مراهقة، وسواء أكانت أما أو أختا أو ابنة أو زوجة أو ام معيلة أو أرملة أو مطلقة أو امرأة عاملة أو ربة بيت عادية، وأيا كانت من أى فئة، فهى فى المسلسلات إما امرأة مريضة نفسيا أو قاتلة أو خائنة أو بائعة لجسدها، أو فتاة ليل أو مجنونة أو منحرفة أو غبية أو خائنة أو راقصة أو سارقة أو ملموسة من الجان، أو نصابة أو قاسية قسوة غير طبيعية أو عنيفة بلا حدود.

وإذا ما انتقلنا إلى الأمهات فسنجد كلهن أو معظمهن مرضى نفسيين أو غير طبيعيين، فإما هى أم معقدة أو ام تريد أن تقتل ابنتها المريضة فى المستشفى، أو مجنونة أو خائنة لأختها مع زوج اختها أو أم مختلة، ورأينا مشهداً فجاً فى أحد المسلسلات لرجل يلقى بالنقود لفتاة ليل هى وشقيقتها على الفراش قبل أن يغلق الباب وراءه، منتهى الامتهان لجسد المرأة، ومنتهى الاستهانة بالأسر المصرية التى تلتف حول الشاشات لمشاهدة الدراما فى بيوتها فى الشهر الفضيل لقد جاءتنى تعليقات كثيرة من القراء ما إن كتبت مقالى الأول عن دراما رمضان،؟ وكان يحمل عنوان «مسلسلات رمضان.. عنف وقتل ودماء» ومعظمها يتفق مع رأيى وبعضها يبدى استياء أكثر من استيائى، وبعضها الآخر قرر مقاطعة مسلسلات رمضان تماماً، ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعى سيجد غضباً جماعياً فى البيوت المصرية من المسلسلات المصرية هذا العام، وسوف أنشر بعض تعليقات من إيميلات القراء فى المقال المقبل إن شا الله، لأنها تؤكد أن المشاهدين فى جانب والدراما فى جانب آخر، أما الأطفال أو المراهقون فمن الخطأ أن نتركهم يشاهدون الدراما المصرية، وكان لابد أن يُكتب قبل المسلسل أنه للكبار فقط كما تفعل الدول الأخرى، لأن مسلسلات هذا العام لا تصلح لأن يشاهدها الأطفال بتاتا ولا المراهقون، لأنها تفسد العقول وتشجع على الفساد والعنف، وتنشر أفكارا إجرامية بلا مراعاة أننا فى الشهر الكريم أو أن الفن لابد أن يكون له رسالة ودور تنويرى فى دولة تتطلع كمصر إلى بناء نفسها.