صورة مشوهة للمرأة فى دراما رمضان
من المفترض أن الدراما هى مزيج من الواقع والخيال نعم وأن هذا أمر بديهى يعرفه كل ناقد وليس بالضروره أن تحاكى الواقع نعم هذا أمر مسلم به أيضا، ولكن فى نفس الوقت لابد أن يعى من يؤلفون وينتجون أن الدراما لها تأثير كبير ومباشر فى تشكيل العقول وفى توجيه السلوكيات، ومنذ اللحظة الأولى للدراما هذا العام سنجد أنه حتى أغانى مقدمة اى مسلسل تعكس واقعا فاسدا ومريضا ومختلا، نعم إن واقعنا ملىء بالعيوب وبالسلبيات لكن على الفن أن يتضمن رسالة أو هدفاً ينير العقول أو يحدث تغييرا للافضل أو يرتقى بالسلوكيات أو يبث بعض القيم النبيلة، لا أن يهبط بالسلوك ويدمر العقول بهذا الشكل الفج والمدمر، مما يجعلنى أقول إن ثمة أهدافا خبيثة وممنهجة وراء هذه الملايين التى تنفق لتسميم العقول وإفساد القيم،
أما الأمر الخطير هذا العام فهو صورة المرأة المصرية كما تقدمها لنا المسلسلات خلال الشهر الكريم، فهى منذ الحلقات الأولى تقدم المرأة المصرية فى نماذج غريبة و قبيحة وتجعل الشر ينتصر على الخير منذ اللحظات الأولى، فالمرأة فى دراما رمضان الحالى ليست هى المرأة المصرية الحقيقية التى نعرفها والتى تعيش بيننا، والتى نجدها فى معظم البيوت المصرية كبيرة سنا كانت أم شابة أم مراهقة، وسواء أكانت أما أو أختا أو ابنة أو زوجة أو ام معيلة أو أرملة أو مطلقة أو امرأة عاملة أو ربة بيت عادية، وأيا كانت من أى فئة، فهى فى المسلسلات إما امرأة مريضة نفسيا أو قاتلة أو خائنة أو بائعة لجسدها، أو فتاة ليل أو مجنونة أو منحرفة أو غبية أو خائنة أو راقصة أو سارقة أو ملموسة من الجان، أو نصابة أو قاسية قسوة غير طبيعية أو عنيفة بلا حدود.
وإذا ما انتقلنا إلى الأمهات فسنجد كلهن أو معظمهن مرضى نفسيين أو غير طبيعيين، فإما هى أم معقدة أو ام تريد أن تقتل ابنتها المريضة فى المستشفى، أو مجنونة أو خائنة لأختها مع زوج اختها أو أم مختلة، ورأينا مشهداً فجاً فى أحد المسلسلات لرجل يلقى بالنقود لفتاة ليل هى وشقيقتها على الفراش قبل أن يغلق الباب وراءه، منتهى الامتهان لجسد المرأة، ومنتهى الاستهانة بالأسر المصرية التى تلتف حول الشاشات لمشاهدة الدراما فى بيوتها فى الشهر الفضيل لقد جاءتنى تعليقات كثيرة من القراء ما إن كتبت مقالى الأول عن دراما رمضان،؟ وكان يحمل عنوان «مسلسلات رمضان.. عنف وقتل ودماء» ومعظمها يتفق مع رأيى وبعضها يبدى استياء أكثر من استيائى، وبعضها الآخر قرر مقاطعة مسلسلات رمضان تماماً، ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعى سيجد غضباً جماعياً فى البيوت المصرية من المسلسلات المصرية هذا العام، وسوف أنشر بعض تعليقات من إيميلات القراء فى المقال المقبل إن شا الله، لأنها تؤكد أن المشاهدين فى جانب والدراما فى جانب آخر، أما الأطفال أو المراهقون فمن الخطأ أن نتركهم يشاهدون الدراما المصرية، وكان لابد أن يُكتب قبل المسلسل أنه للكبار فقط كما تفعل الدول الأخرى، لأن مسلسلات هذا العام لا تصلح لأن يشاهدها الأطفال بتاتا ولا المراهقون، لأنها تفسد العقول وتشجع على الفساد والعنف، وتنشر أفكارا إجرامية بلا مراعاة أننا فى الشهر الكريم أو أن الفن لابد أن يكون له رسالة ودور تنويرى فى دولة تتطلع كمصر إلى بناء نفسها.