رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة الصحافة والقانون.. واستقرار مصر


قبل أن أستكمل مقالى السابق الذى تناولت فيه وجهة نظرى حول أزمة الصحافة، وقدمت فيها رؤيتى حول الأزمة الراهنة، فإننى أتوقف عند حادث مأساوى غادر فقدنا فيه ٨ من شهدائنا من رجال الشرطة المصرية البواسل، اللهم ادخلهم فسيح جناتك، وقلبى على شباب مصرى يفقد حياته من أجل حماية الأسر المصرية لتظل آمنة فى بيوتها، لا دموع يمكن أن تكفى لفقدان خير من فينا،يد الغدر تقتل وتخرب وتعيث فساداً وحرقا وقتلا، وإذا كنا نبكى شهداء لنا فى كل يوم، ونعزى أنفسنا فيهم، إلا اننى أتوقف لأطالب بأن تكون يد الدولة أكثر قوة، مادامت فى الحق، لن يغفل لنا جفن حتى يتم القصاص، وحتى نعرف أسماء من خان هؤلاء الشهداء، لأن هناك أيدى قذرة ملوثة بالدماء تخرج لتقتل وتختفى، لتغتال خير أجناد الأرض، وان مصاب مصر كبير، وألم الشارع المصرى لن يمحوه إلا القصاص العاجل والعدالة الناجزة، إن أعضاء مجلس الشعب عليهم مسئولية تصحيح القوانين وسد الثغرات الكثيرة الموجودة فى القوانين المصرية، والتى تجعل العدالة بطيئة بطء السلحفاة، إن تعديل القوانين هو مطلب ملح وعاجل، فالقضايا تستمر لعدة سنوات إلى أن يصدر الحكم فى أى قضية، نطالب بالعدالة الناجزة، ونطالب بتنفيذ الأحكام حتى ترتاح أرواح الشهداء وحتى نثلج صدور أمهات الشهداء، وحتى يتم الردع الضرورى فى بلد يواجه حرباً ضروس مع الإرهاب، ومع الخطط الدولية لتدمير الوطن، ومازال لدى سؤال ملح هو لماذا لا تحول قضايا الإرهاب إلى القضاء العسكرى؟ إن هذا قد أصبح مطلبا ضروريا فى ظل حرب تواجه مصر فى الداخل وفى الخارج.

وأستكمل مقالى السابق الذى تناولت فيه وجهة نظرى فى أزمة الصحافة التى أصبحت قضية رأى عام، حيث لعب فيها الشعب المصرى الدور الرئيسى، باعتبار إرادة الشعب هى التى تحرك الأمور فى مصر الآن، ومن يظن أن الشعب لا يعى أو يمكن التشويش عليه، فإنه لا يفهم طبيعة هذا الشعب المصرى، إن الشعب المصرى يريد دولة مستقرة آمنة، ولا يريد اعتصامات عبثية وتظاهرات مدفوعة الأجر، ولن ينصاع لخطط التشويه والتخريب للدولة، إن مجلس النقابة الآن قد أصبح فى ناحية، وجموع الصحفيين فى ناحية أخرى، ولن يتم حل الفجوة فى تقديرى بالحوار فقط، لأن جموع الصحفيين قد عقدوا العزم على الوقوف مع الدولة ومع هيبة الدولة، وأنا اعتقد أن المجلس الحالى الذى لا يعبر عن جموع الصحفيين لابد أن يعيد التفكير فى مواقفه السابقة المتشددة ضد الدولة، وأن يوافق على عقد جمعية عمومية لجموع الصحفيين، وأن يستمع لصوت العقل والمنطق، لأننا نريد بناء دولة قانون، ولأننا نواجه حربا لابد أن نقف فيها مع الدولة والرئيس والجيش والشرطة، ولابد أن يتم تشكيل لجنة من الحكماء لوضع أسس لدور النقابة التى لابد أن تعود نقابة لكل الصحفيين، وليس نقابة لفريق واحد عالى الصوت، ومن يختلف مع هذا الفريق فلابد من تشويهه وسبه والهجوم عليه أبشع هجوم، لكننى لست ممن يكترثون بالأقاويل ولا أخشى فى الحق لوماً، لأننا جميعنا يجب أن ننسى مصالحنا، ولابد أن نعلى مصلحة الوطن على أى أمر آخر فى حربنا المصيرية ضد الإرهاب الأسود.

إن المرحلة تتطلب أن نضع مصر فى القلب وقبل الجميع، إن الشعب لم يعد يريد الفوضى، وانصرف عن كل دعوات التفرقة والفتن.

إننى كنت قد تحدثت فى مقالى السابق عن أطراف الأزمة الأربعة وهم االشعب والقانون والصحافة، أما الطرف الرابع فى الأزمة فهو وزارة الداخلية، والتى كان من واجب رجالها تنفيذا لأمر النائب العام بالقبض على اثنين من المطلوبين بداخل النقابة، وهذا أمر واجب عليها، وهنا لابد أن أقول إننى لا أوافق على إيواء أى هارب أو مطلوب للعدالة بداخل النقابة، وإلا أصبحت النقابات «سداح مداح» ومرتعاً للهاربين وللمجرمين، وأنا فى نفس الوقت وإن كنت أحترم كل رجل أمن يقف لحماية مصر ومؤسساتها وكل من ينفذ القانون منهم، ولكن فى نفس الوقت كان من الممكن أن تحل المسألة لو أن مجلس النقابة طلب من رجال الأمن بهدوء الانتظار قليلا حتى يتم تسليم الهاربين من العدالة بشكل أكثر هدوءا، وأكثر تقبلا من الصحفيين ومن رجال الامن على السواء، فكلاهما مواطنون فى دولة نريدها أن تصبح دولة قانون على الجميع.

الآن لابد من مواصلة العقلاء من أهل المهنة، والمحبين لاستقرار الوطن، العمل على حل الأزمة، ولابد من تشكيل مجلس للحكماء من كبار الصحفيين للوصول إلى تفاهمات مناسبة لنزع فتيل الأزمة، ولتصبح نقابة الصحفيين لكل الصحفيين وليس لتيار واحد يتولى دفة الأمور دون اعتبار لجموع الصحفيين المشتغلين، والنظر فى وجهة نظر الجمعية العمومية لسبل الحل للأزمة والتى تضم كل الصحفيين والصحفيات من أعضاء النقابة العريقة التى تبلغ الآن ٧٥ عاماً من تأسيسها، ولابد أيضاً من حفظ هيبة الدولة ورئيس الدولة ومؤسسات الدولة، وعندما تكون مصر فى حرب فلا صوت يعلو على صوت الوطن، ولا مصلحة تعلو فوق مصلحة الوطن. واللهم احفظ مصر من أهل الشر فى الداخل وفى الخارج.