رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء استراتيجيون لـ«الدستور»: الدولة حررت أرضها بكل وسائل النضال ولم تفرط فى حبة رمل

ذكرى تحرير سيناء
ذكرى تحرير سيناء

تظل ذكرى تحرير سيناء ذكرى للكرامة الوطنية والإرادة الصلبة القادرة على تطهير التراب الوطنى من الأعداء والثأر لدماء الشهداء الذين رووا بدمائهم أرض الفيروز.

فى السطور التالية، يتذكر عدد من الخبراء الاستراتيجيين، خلال حديثهم لـ«الدستور»، ملامح من الأعمال المجيدة التى تمت خلال تحرير أرض الفيروز، وكيف تمكنت مصر من تطهير كامل ترابها الوطنى من الأعداء.

قال اللواء أركان حرب محمد الشهاوى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إننا، ونحن نحتفل بالذكرى الـ٤٢ لتحرير سيناء، يجب أن نتذكر أن مصر حررت كل أرضها بكل وسائل النضال، بداية من الكفاح المسلح فى حرب الاستنزاف، ثم حرب أكتوبر عام ١٩٧٣، وكذلك بالعمل السياسى والدبلوماسى، بدءًا من المفاوضات الشاقة للفصل بين القوات بين عامى ١٩٧٤ و١٩٧٥، ومباحثات كامب ديفيد، التى أدت إلى الاتفاقية وتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام ١٩٧٩، وما تلاها من تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلى عام ١٩٨٢، وهى الذكرى التى نحتفل بها الآن، وأخيرًا تحرير آخر بقعة من سيناء وهى طابا، فى ١٥ من مارس ١٩٨٩، بالتحكيم الدولى.

وأضاف أن مساحة سيناء تمثل ٦٪ من مساحة مصر، وهذه البقعة الغالية تحظى باهتمام بالغ من جميع أفراد الوطن، متابعًا: «إنها أرض الفيروز، التى صاغتها الجغرافيا وسُطرت فى التاريخ، وحافظت عليها سواعد أبنائها ودماء شهدائها، وعلى مر التاريخ لعبت سيناء دورًا مهمًا، فقد كانت طريقًا للجيوش وأرضًا للمعارك، ومقبرة للغزاة، وعلى ترابها سالت دماء الشهداء الذين كانوا يحرسون بوابة مصر الشرقية».

وأكد: «هناك عوامل مهدت للانتصار فى حرب أكتوبر وتحرير سيناء، وهى الإيمان بالله والثقة فى النصر والاستعداد الدائم للقتال، وعقيدة المقاتل المصرى التى تتمثل فى النصر أو الشهادة، وكذلك وجود القادة العظام الأكفاء، على رأسهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، رجل الحرب والسلام».

وتابع: «السبب الثانى هو السرية التامة والتخطيط للهجوم، والتدريب الجيد والروح المعنوية العالية، واستطاع الجيش المصرى تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلى، واستطاع أيضًا تطهير سيناء من الإرهاب والإرهابيين، ليس بالقضاء عليهم فقط وإنما بالاهتمام بالمشروعات والتنمية».

وأكمل: «كان نصيب شمال سيناء وحدها من هذه المشروعات ٣٦٠ مشروعًا تكلفت ٤٦٠ مليار جنيه، وتمثلت مشروعات التنمية فى أنفاق قناة السويس التى تربط الوادى بالدلتا فى سيناء، التى تختصر رحلة العبور من الغرب إلى الشرق فى ٢٠ دقيقة، ومدينة رفح الجديدة التى سيتم افتتاحها خلال هذه الأيام، وغيرها من المدن، وكذلك مشروعات الطرق والبنية الأساسية، والمساكن البدوية».

وأضاف: «الآن سيناء- ومن قبل الآن- مطمع للأعداء، ويراد بها تنفيذ مخططات التهجير طوال الوقت، لكن مصر تقف حائلًا أمام تنفيذ هذا المخطط، الذى هو تفريغ للقضية الفلسطينية من الداخل، وجيش مصر جاهز دائمًا للدفاع عن كل حبة رمل من أرض مصر، ولو كانت هناك دروس مستفادة من ذكرى تحرير سيناء، فهى أن مستقبل الأمم لا يأتى إلا بالتضحيات ودماء الشهداء، وأن قادة مصر وجيش مصر يدركون تمامًا معنى وقدسية تراب الوطن، ولا تفريط فيه».

ورأى اللواء فؤاد فيود، الخبير العسكرى والاستراتيجى، أن استرداد أرض سيناء بدأ منذ نكسة ٦٧، وما تلاها من حرب أسهمت فى تطهيرها تمامًا من الأعداء.

وقال: «وقتها وقف موشيه ديان على شاطئ القناة وقال: إحنا مستنيين المصريين يوقعوا وثيقة الاستسلام وعنواننا معروف فى القدس، ووقتها جعله الجيش المصرى ينتظر كثيرًا حتى مات بحسرته بعد انتصار ٧٣».

وأضاف: «وقتها، أيضًا، تكاتف المصريون مع جنود الجيش المصرى، ورفعوا شعار (ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة)، لذلك فإن الحرب بدأت من أيام الرئيس جمال عبدالناصر، وما تلاها من حرب الاستنزاف التى دارت فيها معارك هائلة».

وأضاف: «من بين تلك المعارك عقب حرب الاستنزاف بـ٢٠ يومًا، كانت معركة رأس العش، التى حاول فيها جنود الاحتلال الوصول إلى بورفؤاد، ودارت معركة لمدة ٧ ساعات، دمر فيها الجيش المصرى ١١ مدرعة إسرائيلية وقتل وجرح ٣٦ إسرائيليًا».

وتابع: «وقتها فشلت إسرائيل فى المعركة، وكانت سيناء كلها تحت الاحتلال عدا بورفؤاد، كما أُغرقت المدمرة إيلات الإسرائيلية، التى كانت فخر سلاح البحرية الإسرائيلى، وأعادوا أرض مصر وأخذوا الأسرى الإسرائيليين، فى الصورة الشهيرة لهم».

وقال اللواء فؤاد علام، الخبير الأمنى والاستراتيجى، إن سيناء كانت طوال الوقت القاسم المشترك بين الطامعين فى أراضى مصر على مستوى التاريخ، وفى كل مرة يتمكن أبناء مصر المخلصون من استعادتها من أيادى المغتصبين، وتحريرها من سطوة العدو الغاشم.

وأضاف «علام» أن جهود الدولة مستمرة فى تنمية وإعمار سيناء مستمرة، بعد تطهيرها من الإرهاب، ويجرى تحويلها من صحراء قاحلة لا يوجد فيها غير قناة السويس وبعض المدن البسيطة، إلى وجهة سياحية واستثمارية، متمنيًا أن تستمر الدولة فى تنمية سيناء، لأن أرض الفيروز لا تزال مليئة بالكنوز التى يمكن استثمارها.

وأكد أن أبناء مصر جميعهم يعرفون قيمة سيناء وضحوا بدمائهم من أجلها، ولا يزال المصريون مستعدين لتقديم المزيد فداءً لأرض الوطن ولتراب سيناء، ولن يسمحوا لأى عدو بالنيل من الوطن، وسيتصدون لمخططات التهجير.

وقال اللواء محمد نورالدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن مصر استردت سيناء كاملة من خلال الحرب والدبلوماسية والتحكيم الدولى، موضحًا: «وقت الحرب كانت هناك ضغوط دولية على مصر، ورغم ذلك استطاع الجيش المصرى أن يكبد العدو خسائر كبرى، ودخلنا معه فى اشتباكات ولم تكن مصر ستهدأ إلا باسترداد الأرض كاملة».

وأضاف «نورالدين»: «انتقلنا بعد ذلك للدبلوماسية لاسترداد ما تبقى من الأرض، وكانت برعاية ووساطة أمريكية، حتى نسترد أرض العريش ورأس محمد، وهى إحدى وسائل الحرب، ولم يتبق سوى أرض طابا التى لجأت فيها مصر إلى التحيكم الدولى ومفاوضات واتفاقية السلام ومرت بأكثر من مرحلة، حتى أقرت لجان التحكيم بأحقيتنا فى الأرض أمام دول العالم كله».

وتابع: «مصر كان لديها فريق قانونى مصرى منظم، ولديها خرائط ترجع لأيام الدولة العثمانية تثبت أحقيتها فى الأرض، وجرى استردادها بالكامل بنسبة ١٠٠٪، لذلك استطاعت الحصول على الأرض بالحرب والدبلوماسية والتحكيم».

وقال: «ذكرى تحرير سيناء هى مناسبة مهمة للمصريين، لأنها تخلد البطولات التى حققها الجيش المصرى والمعارك التى خاضها ضد الاحتلال، والدماء التى روت الأرض حتى يتم استردادها بالكامل دون التنازل عن شبر واحد فيها، لذلك فإن الاحتفال بذلك اليوم يعتبر تخليدًا للشهداء من الجيش المصرى».

واختتم: «بدأ بعد ذلك إعمار سيناء منذ سنوات، عقب تطهيرها من الإرهاب والعناصر المندسة، وحاليًا تضخ الدولة مليارات لتنمية سيناء وضمان أمنها، وتهتم بالبنية التحتية والمساكن، وأصبحت هناك خطة جادة للتعمير ولها ميزانية سنوية».