رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من مستقرة.. إلى إيجابية

مع تثبيت التصنيف الائتمانى، غيّرت وكالة «فيتش»، صباح أمس، السبت، نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصرى من «مستقرة» إلى «إيجابية»، على خلفية «انخفاض مخاطر التمويل الخارجى على المدى القريب بشكل ملحوظ»، و«بسبب الإجراءات الاقتصادية، التى اتخذتها الدولة المصرية»، ورجّحت أن يتقلص العجز الحكومى العام، خلال السنة المالية الجارية، إلى ٥.٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى.

الوكالة، التى تعد إحدى وكالات التصنيف الائتمانى الدولية الثلاث الكبرى، أكدت، أن لديها «ثقة أكبر إلى حد ما»، فى أن مرونة سعر الصرف «ستكون أكثر استدامة، مما كانت عليه»، وتوقعت أن يتسارع نمو الناتج المحلى الإجمالى ليصل إلى ٤.٧٪ خلال السنة المالية المقبلة. ومع ذلك، رأت الوكالة، فى التقرير نفسه، أن مصر تواجه «خطرًا مستمرًا يتمثل فى زيادة عدم الاستقرار الاجتماعى، الذى يغذيه ارتفاع التضخم والتحديات الهيكلية، التى تشمل ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وضعف الحوكمة».

قد تتشكك فى بعض ما تضمنه تقرير، أو تقييم، الوكالة، وقد لا تقبل بعضه الآخر، أو تراه أقل إنصافًا، وقد ترى، كما نرى، ويرى كثيرون، أن النظام المالى العالمى، لن يكون عادلًا ومتوازنًا، إلا بظهور وكالة تصنيف ائتمانى جديدة، تنافس الوكالات الغربية الثلاث الكبرى، «موديز»، «ستاندرد أند بورز»، و«فيتش»، كتلك التى أعلن تجمع «بريكس»، منذ سنوات، عن اعتزامه تأسيسها. لكن إلى أن يحدث ذلك، ليس أمامنا غير مواصلة العمل لاستعادة ثقة المؤسسات القائمة، ومحاولة تحسين تصنيفها الائتمانى لمصر إلى الأفضل، خلال المراجعات المقبلة. وهذا، بالفعل، هو ما وعد، أو تعهد، به الدكتور محمد معيط، وزير المالية، فى بيان أصدره أمس، السبت، موضحًا أن الاقتصاد المصرى بات يمتلك قدرة أكبر على تلبية الاحتياجات التمويلية المستقبلية، وسط التحديات العالمية والإقليمية الصعبة، المترتبة على الأزمة الروسية الأوكرانية، والعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، والتوترات بمنطقة البحر الأحمر. 

الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، والحزم الداعمة من مؤسسات التمويل وشركاء التنمية الدوليين، وتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الأخيرة، والمتوقعة خلال الفترة المقبلة، كما أكد وزير المالية، تُعزز الاستقرار والتقدم الاقتصادى، وتُسهم فى تخفيف حدة الضغوط التمويلية على المديين القصير والمتوسط. كما أوضح الوزير، أيضًا، أن انتهاج السياسات الاقتصادية الإصلاحية والمتطورة والمتكاملة والمستدامة يُعزز مسيرة التعافى والاستقرار والنمو المستدام، ويخلق مزيدًا من فرص العمل، بدفع جهود تمكين القطاع الخاص، ومضاعفة مساهماته فى النشاط الاقتصادى الوطنى، خاصة فى ظل حرص الدولة على تنشيط القطاعات الإنتاجية والصناعية والتصديرية، لافتًا إلى أن تخفيض الإنفاق الاستثمارى العام للدولة، ووضع سقف له بتريليون جنيه خلال السنة المالية المقبلة، يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة.

ما قد يُطمئن أكثر، هو أن الدولة تعمل على تحسين إدارة الدين وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل، من خلال خفض عجز الموازنة، عبر تنمية الموارد مع ترشيد الإنفاق والحفاظ على تحقيق فائض أولى متزايد، وتسجيل معدلات نمو مرتفعة، وتوجيه نصف إيرادات برنامج «الطروحات الحكومية» لبدء خفض المديونية وأعباء خدمتها، بشكل مباشر، والنزول بمعدلات زيادة مدفوعات الفوائد من خلال اتباع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية، والعمل على مراجعة كافة الضمانات المطلوبة، والتفاوض على شروطها، وخفض رصيد الضمانات السيادية للناتج المحلى الإجمالى، ابتداءً من السنة المالية المقبلة؛ على نحو يسهم فى تحقيق المستهدفات التنموية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن جهود الدولة المصرية لتحقيق الانضباط المالى ترجمتها مؤشرات إيجابية أخرى، خلال الشهور التسعة الماضية، إذ تقول الأرقام إن نتائج الأداء المالى، خلال الفترة من يوليو ٢٠٢٣ إلى مارس ٢٠٢٤، تجاوزت التقديرات والمستهدفات الموازنية، بتسجيل فائض أولى بقيمة ٤١٥ مليار جنيه، بمعدل ٢.٩٪ من الناتج المحلى الإجمالى، مقارنة بـ٥٠.١ مليار جنيه، كانت تمثل ٠.٥٪، فى الفترة نفسها من السنة الماضية. وقد تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن الموازنة المقبلة، ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥، تستهدف تسجيل فائض أولى بنسبة ٣.٥٪ وخفض معدل الدين إلى ٨٨.٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى.