رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منذ اندلاع الحرب.. تأييد سياسى وشعبى لجهود السيسى فى حل القضية الفلسطينية

جهود حثيثة للسيسي
جهود حثيثة للسيسي لحل أزمة ما بعد 7 أكتوبر

تعددت مستويات الجهد المصري بداية منذ اندلاع الأزمة في 7 أكتوبر الماضي إذ بدأت مصر جهدها في اليوم الأول من الصراع بتدشين الرئيس السيسي غرفة أزمات بـ مقر الأوكتاجون بالعاصمة الإدارية الجديدة لمراقبة تطورات الأزمة ومدة تأثيرها على استقرار الوضع الأمني الإقليمي وتكليف الاتصالات الدبلوماسية مع عدد من الدول.

ثمَّ تفرع الجهد المصري ليشمل الدور الإنساني المتمثل في فتح معبر رفح، وإعلان حالة الطوارئ في مستشفيات شمال سيناء لاستقبال الجرحى والمصابين.

وفي الأيام التالية من اندلاع الصراع، وجّه الرئيس السيسي بالشروع في المبادرة بالوساطة للحد من تفاقم الأزمة، وتكثيف الاتصالات السياسية والدبلوماسية مع دول المنطقة وبعض العواصم الأوروبية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

على صعيد الدعم الإنساني، كان الدور التنموي بعد إعلان "حياة كريمة" عن مبادرة لنجدة أهل غزة في اليوم الثالث من اندلاع الصراع، ثم انضمام التحالف الوطني للعمل الأهلي، وتلبية الأحزاب المصرية الدعوة في حشد المساعدات الإغاثية وتوجيهها إلى أهالي قطاع غزة على النحو العاجل.

ومع اشتداد وتدرج العنف من الجانب الإسرائيلي الموجه ضد المدنيين في قطاع غزة، وتصاعد الدعوات الإسرائيلية بدفع الفلسطينيين للنزوح جنوبا في غزة، ومن ثم التوجه إلى معبر رفح وطلب اللجوء في مصر على أراضي شبه جزيرة سيناء؛ استقرأت القيادة السياسية المصرية الخطط الإسرائيلية الساعية لتصفية القضية الفلسطينية عبر العمل في عدة مستويات:

 

"الأول":

التنسيق مع العواصم العربية والإقليمية والدولية للمبادرة بعقد قمم دبلوماسية تهدف للضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار وإدانة الأعمال العسكرية التي تستهدف المدنيين.

 

"الثاني":

عقد مؤتمرات صحفية رئاسية مع ممثلي بعض الدول وتوجيه رسائل سياسية تدين العمل العسكري وتكشف التوجهات الإسرائيلية الساعية لتصفية القضية الفلسطينية مع ضرورة العمل على استئناف محادثات السلام وكذلك عرض الوساطة غير المشروطة.

 

"الثالث":

عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي المصري وإصدار قرارات تدعو إلى ضرورة وقف إطلاق النار وإضافة أبعاد جديدة للدور المصري تعمل على حفظ الاستقرار والسيادة المصرية في سيناء على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة وتنظيم دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح.

وعكست القيادة السياسية الموقف المجتمعي المصري بجميع فئاته وقطاعاته حيث انخرطت فئة الشباب في العمل الأهلي والمدني من خلال التحالف الوطني في إطار العمل التطوعي، والذى تركز على محورين اثنين متوازيين، إما على مستوى المحافظات أو الإعلان عن حركة "مرابطون حتى الإغاثة" في معبر رفح من الناحية المصرية.

إشراك الحكومات والقطاعات المختلفة

وعملت مصر في هذا الإطار على "حوكمة" ملف المساعدات الإنسانية المصرية عبر إشراك الحكومة، ممثلة في الكثير من الوزارات من ضمنها وزارة الصحة المصرية، وإشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني، ممثلا في التحالف الوطني الذي دمج الجمعيات الخيرية التابعة لرجال الأعمال والمجتمع المدني.

والمؤسسات النيابية في مصر سرعان ما دعت إلى عقد جلسات طارئة للبرلمان المصري بغرفتيه النواب والشيوخ؛ للتأكيد على نيابتها عن الرأي العام المصري الرافض للصراع القائم في غزة، واستهداف الفلسطينيين العزل والتخطيط لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الفلسطينيين قسريًا إلى سيناء المصرية.

 

التوجه الشعبي العام

وعلى المستوى الشعبي، فأعلنت القيادة السياسية عن أنها تصطف مع التوجه الشعبي العام في مصر ذلك التوجه الذي انعكس في النزول إلى مظاهرات داعمة للقضية الفلسطينية، ورافضة أن تنجر السيادة المصرية إلى خطط إسرائيلية هدامة تعد خطًا أحمر بالنسبة للأمن القومي.

 

قطاعات المجتمع المصري

وشاركت قطاعات المجتمع المصري، على سبيل المثال ليس الحصر النقابات والجامعات في النزول إلى مظاهرات تفويض للقيادة السياسية ودعم قراراته في سبيل حل الأزمة واستئناف المفاوضات الساعية للوصول إلى حل نهائي في إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وذلك في 20 أكتوبر الماضي بالتزامن مع عقد قمة القاهرة للسلام في العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك تأييدًا لمبادرات السلام الدولية التي سعت إليها مصر عملًا على إنهاء الصراع واستئناف عملية السلام.

وتعد قضية التلاحم والاصطفاف الوطني في مصر بين الموقف الشعبي المصري وموقف القيادة السياسية في القاهرة من أهم الظواهر الملحوظة والجديرة بالدراسة في الصراع الأخير بين إسرائيل وغزة. إذ تلاحظ تنامي ظاهرة عدم التجانس الشعبي السياسي في عدد من العواصم وخاصة في أوروبا، التي مال موقف شعوبها إلى تبني القضية الفلسطينية في حين مالت حكوماتها لتبني الرواية والموقف الإسرائيلي.

وتتفق البوصلة الأخلاقية وتقدير الموقف العام تجاه القضية الفلسطينية وأهمية الوصول إلى حل سياسي لدى الشعب والسلطة في مصر، واتضح طوال العقود الماضية وخاصة في الصراع الأخير أن الاتجاه التوافقي كان متبادلًا بين القيادة والشعب أي أن الطرفين دعما كل منهما الآخر سواء بالاصطفاف السياسي أو بالتأييد الشعبي.

وعليه، يمكن استخلاص مجموعة من المحاور والنقاط التالية:

- تعدد مستويات الجهد العام المصري الذي بدأ من مقر غرفة الأزمات في الأوكتاجون في العاصمة الإدارية التي كان لها الإسهام الأول في تنظيم الدور لمصري سياسيًا وشعبيًا.

- أهمية الدور التنموي المؤسسي بشكل عام وبالتحديد التحالف الوطني.

للعمل الأهلي الذي عمل على تنظيم وتكثيف المساعدات الإنسانية المصرية والمساعدات متعددة الجنسيات.

- أهمية توظيف مصر للمساعدات كأداة ضغط على المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار وتقليل حدة الأزمة على الفلسطينيين في قطاع غزة.

- العمل على "حوكمة" ملف المساعدات عبر إشراك مثلث الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني الذي ساعد في خلق حالة الاصطفاف في مصر.

- سرعة التأييد الشعبي العام بين صفوف المصريين في وقت استشعار الخطر على الأمن القومي المصري المباشر سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو السيادة المصرية على سيناء بعد تنامي الاتجاه الإسرائيلي القسري بنزوح الفلسطينيين إلى سيناء.

- نزول القيادة السياسية إلى رغبة وبوصلة الرأي العام المصري مما خلق حالة التلاحم والتجانس الشعبي والسياسي في مصر.