دستور الثورة.. والعدالة الضريبية
كما يتناول هذا الفصل مواد تنص على حماية الدولة لكل أنواع الملكية العامة والتعاونية والخاصة وحماية الموارد والثروات الطبيعية. هذه المبادئ الدستورية أقسم عليها رئيس الجمهورية والوزراء ونواب الشعب المصرى. هؤلاء النواب الذين عليهم وضع تشريعات وقوانين وفقاً للدستور، ومراقبة السلطة التنفيذية لتفعيل وتنفيذ هذه القوانين. وبالرغم من أن النظم التى ثار عليها الشعب المصرى كانت تنتهج نهجاً اقتصادياً يعتمد على التبعية للنظام الرأسمالى المتوحش المعسكر، والذى تسببت سياساته فى العديد من الأزمات الاقتصادية على مستوى العالم، وتسببت أيضاً فى خراب واحتدام الأزمات فى الدول الفقيرة أو ما يطلق عليها دول الجنوب ومصر منها، وبالرغم من ثورة 25 يناير مازالت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة تنتهج نفس السياسات، سياسات القروض المشروطة من قبل الدول الكبرى ومؤسسات التمويل الدولية التى تشترط مع هذه القروض تحويل اقتصاد الدولة إلى اقتصاد يعتمد على التبعية ويقضى على الإنتاج وتحويله إلى اقتصاد يعتمد على الخدمات مع اتباع سياسة الخصخصة والبيع للشركات المنتجة وأيضاً خصخصة المرافق والخدمات، مثلما حدث لمصرنا العزيزة، والتى أدت سياسة الخصخصة إلى القضاء على مصانعناالمنتجة وشركاتنا الناجحة وبعض البنوك مع تشريد العمال، هذا غير الفساد المصاحب لعمليات بيع المصانع والأراضى بأبخس الأثمان مقابل عمولات وصلت إلى ملايين دخلت جيوب السماسرة عديمى الضمير من بعض رجال أعمال.
ساعد هؤلاء بالطبع مسئولون متربحون من رجال الإدارة العليا فى الأجهزة الحكومية، والذين استغلوا نفوذهم فى التربح وتسهيل الاستيلاء على المال العام فى صفقات فاسدة أضاعت على الدولة المليارات والمليارات. مازالت الحكومات المتعاقبة تنتهج منهج القروض لتحميل الدولة بمزيد من الديون، هذا غير الاعتماد على المستثمرين الأجانب الذين فرشت لهم الدولة الأرض بالسجاد والورود وسنت لهم القوانين الاستثمارية التى تمنح لهم الأرض والأموال، بل وتعفيهم من الضرائب بطريقة لا تتم فى أى دولة تريد تنمية حقيقية. ليس هناك مستثمر على مر التاريخ يجىء لبناء اقتصاد دولة، فعلى الدولة كما يقول الدستور حسن استخدام ثرواتها الطبيعية ومواردها البشرية وعمل مشروعات متوسطة وصغيرة لتوفير فرص عمل ولإنتاج ما يكفيها من سلع واحتياجات ضرورية، بل وفائض للتصدير.
وبجانب كل هذه التسهيلات نجد الدولة بدلاً من محاسبة ناهبى الثروات وناهبى المال العام تسن قوانين للمصالحة معهم. كما أن الحكومات التى جاءت بعد ثورة يناير، وبعد دستور يتكلم عن الضرائب التصاعدية وعن نظام ضريبى عادل يوفر الموارد من أجل التنمية نجد للأسف أن الدولة تحمِّل الفقراء مزيداً من الضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة، والتى بموجبها سيتم رفع أسعار معظم السلع. لوح المسئولون فى الفترة الأخيرة بقرارات اقتصادية مؤلمة بمزيد من رفع الدعم عن الطاقة مما يتسبب فى رفع أسعار كل السلع بما لا يطيقه المواطنون الفقراء ومحدودو الدخل. هذا بدلاً من تطبيق الدستور بوضع ضريبة تصاعدية مثل كل بلدان العالم والتى تصل الضرائب على الدخل فى حدها الأقصى إلى 50 و60%. أما عندنا فقد وقف نمو الضريبة عند 22.5% وهذا هو الظلم بعينه. لقد قلت فى مقالى السابق للصبر حدود، واحذروا غضب الشعب المصرى الذى مازال يعانى، فالبطون خاوية لا تحتمل مزيداً من الجوع فى الوقت الذى تزداد فيه كروش الكبار تخمة.
سؤالى إلى سيادة رئيس الجمهورية: هل يصبح ناهبو المال العام وأصحاب المليارات على مصر؟ هل يصبح المتهربون من الضرائب على مصر؟ هل يصبح الذين كل همهم تهريب ثرواتهم وأرباحهم إلى الخارج على مصر؟ هؤلاء لا يعرفون إلا مزيداً من الجشع والطمع ولا يريدون إلا مزيداً من التسهيلات والامتيازات على حساب عرق وجهد أغلبية الشعب. إن الفقراء هم الذين لا يبخلون على مصر بعرقهم وكدهم وعيونهم وحياتهم.